نساء تل أبيض: ليس هنالك فرق بين داعش والاحتلال التركي

روت النازحات من مدينة تل أبيض/كري سبي بشمال وشرق سوريا المحتلة من قبل تركيا ومرتزقتها ما تعرضن له في مدينتهن المحتلة قبل نزوحهن، وإقامتهن في مخيم تل السمن، قائلات إن الاحتلال لم يجلب معه إلا الظلم والرعب

نورشان عبدي 
كوباني ـ .   
في عصر التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019 هاجمت الدولة التركية ومرتزقتها، مناطق شمال وشرق سوريا وبعد استخدام كافة الأسلحة الثقيلة والمحرمة دولياً وارتكاب عدة مجازر استطاعت احتلال رأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي، ونتيجة لذلك هجر الآلاف من المدنيين، واستمر النزوح بعد السيطرة الكاملة جراء الممارسات والانتهاكات بحق المدنيين.
ولاستيعاب الآلاف من العائلات التي فرت جراء القصف والانتهاكات افتتحت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا مخيم تل السمن الواقع شمال الرقة، في نهاية العام 2019. وضم المخيم بداية افتتاحه نحو 700 عائلة فيما بلغ عدد الأفراد من نساء وأطفال ورجال نحو 3487. 
 
 
خنساء عبد الجاري (45) عاماً أم لـ 6 أبناء من سلوك التابعة لمدينة تل أبيض تقول عن نزوحها "نزحت عائلتنا منذ ما يقارب العاميين بعد أن احتلت تركيا ومرتزقتها أراضينا وسكن المرتزقة في منازلنا".
وأشارت إلى أن تركيا ومنذ دخولها لتل أبيض بدأت بالانتقام من أهالي المدينة وخاصة عوائل الشهداء الذين حاربوا داعش "استشهد ابني في جبهات القتال بمدينة الرقة في حملة التحرير من مرتزقة داعش، عندما دخل الاحتلال لتل أبيض ارتكب الانتهاكات بحق الأهالي أما نحن عوائل الشهداء فقد كان الخطر كبيراً علينا". 
وأضافت "بقينا فترة قصيرة، ما يقارب الشهر تقريباً وبعدها قررنا النزوح إلى المناطق الآمنة. جيش الاحتلال التركي ومرتزقته مارسوا أبشع الأساليب بحق المدنيين، خاصة نحن الذين قدمنا شهداء لتحرير المنطقة. في كل عائلة تقريباً شهيد أو مقاتل ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية، وكانت تركيا تعتقل وتعذب في سجونها المئات من الأهالي لأن أبناءهم ساهموا وشاركوا بدحر الإرهاب ودافعوا عنا".  
تستذكر خنساء عبد الجاري ممارسات المرتزقة، وتقول إن القلق كان يتملك الجميع خوفاً من الاعتقال أو القتل "لقد سمعنا الكثير ورأينا أكثر خلال فترة بقائنا في تل أبيض، فالاستخبارات التركية تعتقل الشبان وتزج بهم في سجونها... وما زالت تصلنا أخبار من أقاربنا الذين ما يزالون هناك، يقولون انقطعت اخبار من اختطفوا منذ اعتقالهم". 
وتؤكد أنها كما جميع العائلات أجبرت على ترك منزلها وأرضها والعيش في المخيمات "خشيت أن أفقد أبنائي وألا أستطيع رؤيتهم مدى الحياة لذلك تخلينا عن منزلنا وكل شيء لنحافظ على حياتنا وحياة أبناءنا"، وتضيف "لم نأخذ معنا شيء سوى ملابسنا".
وعن الوضع المعيشي الذي شهدت مدينة تل أبيض/كري سبي خلال فترة بقائها قالت "عانى أهالي تل أبيض فلا عمل يعين الأسر، ولم يستطع الشبان الخروج والبحث عن عمل خوفاً من الاعتقال الذي يطال الجميع ودون تهم. تدهور وضعنا المعيشي جداً".
وأضافت "استاء الجميع من الوضع في تل أبيض ففرت العائلات التي قالت إنها لن تخرج من أرضها. لقد عانينا من الاحتلال التركي وقبله عانينا ونزحنا من داعش. لا يوجد فرق بين الاحتلال التركي وداعش هما وجهان لعملة واحدة".
وأكدت أن تركيا وفي كل مرة تحتل وتهاجم تحت مسميات مختلفة "احتلت مناطقنا مرة عن طريق مرتزقة جبهة النصرة وبعدها عن طريق داعش ومن ثم خلعت أقنعتها وبات كل شيء مكشوف".
تقول حسناء عبد الجاري عن أملها بالعودة "ما زلت أعيش على أمل عودتي، في هذا المخيم نعيش بأمان واستقرار دون خوف. وهذا الأمل بات معلق بقوات سوريا الديمقراطية التي حررتنا من داعش وجبهة النصرة، وبقوتها ستتمكن من تحرير مدينتنا من تركيا ومرتزقتها أيضاً". 
وبعد توسيع المخيم منذ أربعة أشهر استطاعت إدارة المخيم استقبال عدد أكبر من النازحين، ويضم حالياً 1200 خيمة لـ 1200 عائلة مهجرة من تل أبيض/كري سبي، كما يبلغ عدد من الأفراد وأغلبهم أطفال ونساء وكبار في السن نحو 6040 شخص. 
 
 
ختام صبري مصطفى (25) عاماً وهي أم لـ 6 أطفال مهجرة من قرية الخالدية التابعة لمدينة تل أبيض/كري سبي تقول إنه منذ اليوم الأول للاحتلال بدأت تركيا ومرتزقتها بممارساتهم الوحشية بحق الأهالي "بشكل يومي يداهمون منزلي ويهددونني بالاعتقال إن لم أخبرهم بمكان زوجي، ويداهمون المنزل أكثر من 5 مرات في اليوم سواءً في الليل أو في النهار، ولا يردعهم شيء".
وبينت أن الشهر الأول من الاحتلال قبل أن تنزح صوب الرقة كان من أصعب الأشهر في حياتها "يقتحمون المنزل رغم أنهم يعلمون أنه لا وجود لأحد فيه سوى أنا وأطفالي الستة، يدخلون دون أن يطرقوا الباب. لم نرى منهم إلا الظلم والخوف، لقد زرعوا الخوف في قلوب أطفالنا".
تقول "أطلقوا على حملتهم اسم نبع السلام لكننا لم نر أي سلام"، وتضيف "لم استسلم ولم أظهر لهم خوفي كنت أرد عليهم". وتؤكد أنهم كانوا ضباطاً أتراكاً "أحد المرتزقة كان مترجماً بيننا وبينهم".
وتصف تلك الفترة بالقول إن الوضع ساء كثيراً "ساء الوضع أكثر فأكثر، لم يعد باستطاعة الشبان مغادرة منازلهم خوفاً من إجبارهم على الانضمام للمرتزقة، والأهالي حرموا من أبسط حقوقهم لم نكن نستطيع الذهاب إلى الأطباء ولا شراء مستلزمات المنزل". مستدركةً "من يملك بطاقات تركية فقط يستطيع الخروج". وتضيف "يقول بأنهم جاؤوا لكي يحرروا المنطقة هذه خدعة لكن هدفهم تدمير كل شيء. لم نرى منهم غير الخراب والدمار هل هذا هو السلام الذي جاؤوا من أجله؟". 
وتستذكر ختام مصطفى الفترة التي سيطر فيها داعش على تل أبيض/كري سبي "إذا قارنا بين داعش والاحتلال التركي ومرتزقته سنجد بأن لا فرق بينهم بأي شيء، فقط يقومون بتغيير أسمائهم ولكن المعاملة والأخلاق والممارسات ذاتها".  
وعن قرارها النزوح قالت "لم أستطيع العيش في منزلي من أجل هذا قررنا النزوح. بقيت أنا وأطفالي لعدة أيام في الطرقات، وسرنا ليلاً ونهاراً على الأقدام حتى وصلنا إلى الرقة". 
وأضافت "تم اعطائنا خيمة منذ أربعة أشهر في هذا المخيم. أعيش أنا وعائلتي الصغيرة على أمل العودة من جديد إلى منزلنا".
وفي ختام حديثها ناشدت قوات سوريا الديمقراطية لتحرير كافة المناطق من الاحتلال التركي ومرتزقته "نناشد قسد لتحرير بقية أهلنا وأرضنا من الاحتلال الذي خرب كل ما في المنطقة ونشر الخوف والرعب في قلوبنا. اليوم لدنيا أمل فقط بقوات سوريا الديمقراطية لنشعر بالأمان والاستقرار عند تواجدهم". 
وتسعى إدارة المخيم وبالتعاون مع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا لتأمين مستلزمات واحتياجات الأهالي النازحين في المخيم وبالإضافة إلى تأمين فرص عمل للأيادي العاملة التي ترغب بالعمل في المخيم.