عدم الولوج إلى الخدمات الأساسية عنف مبني على اللغة تواجهه الأمازيغيات

يقتصر عمل النساء الأمازيغيات على تربية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية وهي أعباء بدون أجر، بل تعتبر من صميم الوظيفة الطبيعية لربات البيوت، مما يضعفهن ويجعلهن غير قادرات على المطالبة بحقوقهن الأساسية، وأبسطها الولوج للخدمات الأساسية.

 

رجاء خيرات

المغرب ـ تعاني العديد من القرويات الناطقات بالأمازيغية من التمييز المبني على اللغة والثقافة، حيث يصعب عليهن الولوج إلى الخدمات الأساسية كالمحاكم والمستشفيات والمؤسسات الإدارية، كما أنهن تتعرضن للتهميش والإقصاء.

في مناطق قروية عديدة لاتزال النساء لا تقوين على ولوج الخدمات الأساسية، إما بسبب اللغة أو الثقافة التي تحرمهن من حقوقهن الأساسية، حيث يكون العنف ضدهن مضاعفاً مقارنة بنساء في المدن.

وأوضحت رئيسة جمعية الفضاء الجمعوي النسائي نجاة أوتكاردي بأن أغلب النساء القرويات بالمناطق الجبلية محرومات من أبسط الخدمات الأساسية، حيث تجدن صعوبة في ولوج بعض المؤسسات كالمحاكم والمستشفيات وغيرها، بسبب عدم تمكنهن من التحدث باللغة العربية، وهو ما يعرضهن لعنف مضاعف وتهميش.

وأضافت "بحكم استقبالنا بمركز الاستماع التابع للجمعية للنساء الأمازيغيات المعنفات، وقفنا على عدد من المعوقات التي تحول دون حصولهن على حقوقهن، بسبب اللغة، حيث لا تستطيع أغلب النساء اللواتي تلجن إلى العدالة فهم أطوار الجلسات في المحاكم، بحكم عدم فهمهن لما يجري بسبب اللغة".

ولفتت إلى أن أغلب القرويات اللواتي تلجأن إلى المحاكم لا تدركن حقيقة ما يجري داخل أطوار جلسات المحكمة، أثناء الخلافات الزوجية أو حتى في قضايا أخرى، حيث يصعب عليهن فهم اللغة، وبالتالي تصبحن عرضة لعنف من نوع آخر.

وأوضحت أن الجمعية تعمل مع مجموعة من الفعاليات الحقوقية النسوية بجهة مراكش آسفي، في إطار "شبكة نساء متضامنات"، حيث تعمل الجمعية على تقديم تقارير سنوية حول النساء المتعرضات للعنف الوافدات إلى مركز الاستماع التابع للجمعية، واللواتي تحظين بالمرافقة والمواكبة وتقديم الدعم النفسي والقانوني.

ولفتت إلى أن مرافقة النساء المعنفات أبانت عن وجود اختلالات بسبب اللغة التي تعيق تواصلهن مع الجهات المختصة سواء كانت قضائية أو صحية أو أمنية أو إدارية.

وبينت أن الجمعية أطلقت مشروعاً باسم "يودا" (أي كفى من العنف بالأمازيغية) يروم مواكبة هؤلاء النساء الأمازيغيات من أجل تعزيز قدراتهن على التواصل وتسهيل ولوجهن للخدمات الأساسية بمناطقهن.

وأوضحت أن المشروع يمتد خلال فترة تقدر بسنة ونصف، ويستهدف ثلاثمائة امرأة قروية أمازيغية تقريباً منهن ربات بيوت ومنخرطات بالتعاونيات ونساء غير متعلمات، موزعات على عشر جماعات قروية بإقليم الحوز، حيث سيتم تأطيرهن ومواكبتهن من أجل تقديم كافة الشروحات القانونية والاجتماعية من أجل دعمهن في اكتساب حقوقهن، لافتةً إلى أن المجالس الجماعية بتلك المناطق تعد شريكاً أساسياً في المشروع.

وأكدت أن من بين أهم أهداف المشروع هو مناهضة كافة أشكال العنف المبني على الثقافة واللغة ضد النساء الناطقات باللهجة الأمازيغية.

وقالت أن البرنامج سيتضمن دورات تدريبية للنساء المستفيدات، بشراكة مع الجمعيات المحلية بالجماعات العشر بالإقليم، حيث سيتكلف عشرة نشطاء متطوعون، بعد خضوعهم لدورات تكوينية مكثفة، حتى يقوموا بمواكبة هؤلاء النساء وتوعيتهن بكافة حقوقهن وتأطيرهن من أجل اكتساب مهارات في التواصل مع المؤسسات والإدارات التي تلجنها.

ولتحقيق هذه الأهداف أشارت إلى أن الجمعية ستعتمد على دليل تمت صياغته بناءً على تشخيص قامت به بشراكة مع المجالس الجماعية بالمناطق المستهدفة وهي عشر جماعات قروية (توامة، زرقطن، تغدوين، تديلي، تماكرت، أيت فاسكا وأيت حكيم) وكذا الجمعيات الشريكة، بهدف تحديد المعوقات والمشاكل التي تحول دون ولوج النساء الأمازيغيات للخدمات الأساسية، مبينة أن الدليل سيعتمد عليه المؤطرون من أجل ضبط آليات العمل واحتياجات النساء في كل قافلة تحسيسية يقومون بتأطيرها، كما سيمكنهم من معرفة الرسائل التي ينبغي إيصالها للمستفيدات، والتي تخص توعيتهن في مختلف المجالات القانونية والاجتماعية والسوسيو اقتصادية.

وبينت أنه عند الانتهاء من المشروع سوف تتم صياغة تقرير عبارة عن مرافعة ستقدم للمجالس الجماعية الشريكة من أجل التوصيات والحاجاات التي ينبغي توفيرها للنساء المستفيدات بغية تسهيل ولوجهن للخدمات في كل منطقة على حدى، حسب الاحتياجات الضرورية كالقضاء على الأمية بشتى أنواعها الوظيفية والقانونية، التي تتطلب تظافر جهود كافة الشركاء للحد منها.

وقالت "تعاني النساء القرويات الأمازيغيات من الفقر والهشاشة، ولا يتوفرن على مؤهلات تمكنهن من الحصول على وظائف أو حتى خلق مشاريع مدرة للدخل، حيث يقتصر عملهن على تربية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية وهي أعباء بدون أجر، بل تعتبر من صميم الوظيفة الطبيعية لربات البيوت، مما يضعفهن ويجعلهن غير قادرات على المطالبة بحقوقهن الأساسية، وأبسطها الولوج للخدمات الأساسية".

وشددت على ضرورة اعتماد مترجمين مثلاً في المؤسسات التي تلجها النساء الأمازيغيات حتى تسهل عليهن التواصل داخلها، لافتةً إلى أن المجالس الجماعية تنبغي أن تنخرط في هذا الاتجاه من أجل توفير هذه الحاجيات الضرورية.

كما أشار إلى أن النساء الأمازيغيات تعانين من التهميش والإقصاء والعنف المبني على اللغة بشكل مضاعف مقارنة مع النساء اللواتي تعشن في المجال الحضري، خاصة في ظل تداعيات الزلزال الذي ضرب المنطقة والذي ضاعف من معاناتهن، وهو ما يستوجب تمكينهن من الآليات التي تساعدهن على خلق مشاريع مدرة للدخل وتشجيع الفتيات على استكمال دراستهن من أجل الحصول على فرص أفضل في الحياة.