نساء الإسكندرية في حاجة لبر أمان

واقع المرأة من مكان للآخر محاصر بقدر ليس بالقليل من الانتهاكات التي تحول دون قدرتها على النجاح والإبداع، وهو الأمر الذي أنتج جيل جديد من الشابات الراغبات في إحداث تغيير حقيقي في واقعهن.

أسماء فتحي

القاهرة - عدد ليس بالقليل من المحافظات تعاني من وطأة المركزية وتأثيرها على المشهد وتحرم من الخدمات والفرص التي تحصل عليها العاصمة، وهو الأمر الذي جعل من التفكير في العمل المحلي ضرورة، خاصة من الشابات والشباب الناقمين على هذا النمط من العمل العام خاصة في المجال الحقوقي.

والنساء لا تجدن بر أمان تحيين في كنفه أو على الأقل يستوعب ما تعانين منه من انتهاكات وآلام لحقت بهن دون وجود أية أسباب أخرى، وتحتجن لمساحة حكي لا توصمن بداخلها ولا يتم إقصائهن أو تحميلهن نتائج ما تتعرضن له من اعتداء سواء كان داخل الأسرة أو خارجها.

ولأن كل محافظة لها طبيعة خاصة قررنا الاقتراب أكثر من واقع النساء بها وكان لوكالتنا مع مؤسسة مبادرة بر أمان ميار محمود الحوار التالي:

 لتسليط الضوء على مجالات عملهن وما يقدمونه من دعم للنساء، فضلاً عن واقع المرأة الاسكندرية وأهم التحديات التي تعيق قدرتها على النجاح، طارحة بعض الحلول التي رأت أن العمل المحلي يحث بها المرتبة الأولى في هذا النوع من القضايا.

 

بر أمان واحدة من المبادرات المختلفة لكونها مرتبطة إلى حد كبير بالدعم النفسي... أخبرينا أكثر عن مجالات عملكم

ما هي الخدمات التي تقدمها مبادرة بر أمان للنساء في الاسكندرية؟

هدفنا خلق مساحة آمنة للنساء لتستطعن فيها التعبير عن أنفسهن والبوح بمعاناتهن بلا خوف أو تردد ويلي ذلك دعمهن النفسي من خلال المتخصصين في المجال، وسبب توجهنا لذلك العمل على وجه التحديد أننا لمسنا احتياج كبير له، وعدم تقديمه بدرجة مناسبة وكافية داخل الإسكندرية.

كما نعمل على تقديم الدعم المباشر للمعنفات سواء كان الانتهاك الواقع عليهن أسري أو جنسي داخل الأسرة أو خارجها في محاولة منا لأن نصبح بر الأمان الذين يرغبون في الوقوف عليه ويشعرون بالاطمئنان والنجاة.

ونسعى لتقديم الدعم القانوني في استشارات للمعنفات، ونعمل أيضاً على تكوين مجموعات وجلسات حكي وورش توعوية عن الجندر والتمييز وأشكال العنف والتحديات التي تقع على كاهل النساء وسبل مواجهتها لأننا نرى أن الوعي هو البوابة الأولى للخلاص من وطأة الانتهاكات مهما كان حجمها.

 

كيف تقيمين واقع المرأة في الاسكندرية وما طبيعة الانتهاكات التي تتعرضن لها؟

النساء في جميع المحافظات تعانين من الثقافة الذكورية السائدة والتي تعتبر المرأة ملكية بل ويمكن توريثها دون النظر لقدرتها على الاختيار أو حتى تقرير المصير وما له من حقوق عادة ما تنتهك بفعل الأسرة المهيمنة وذات السلطة العليا على النساء أيا كانت أعمارهن.

ووضع النساء في المحافظة سيء جداً فالشوارع غير آمنة بدرجة كبيرة وتتعرضن للكثير من المخاطر كل يوم، كما أن العنف الأسري منتشر بدرجة كبيرة في المنازل خاصة أنه لا يوجد أي قانون حتى الآن يجرمه ويحمي النساء من ويلاته.

ولكون الوارد للمحافظة من أدوات دعم لا يكفي خاصة أن المركزية سيدة العمل في الملف الحقوقي بشكل عام والنسوي بشكل خاص قررنا العمل مع النساء في الداخل واستقبال شكواهن والبحث عن حلول لهن ودعمهن بقدر الممكن في محاولة للتخفيف من وطأة معاناتهن.

والبعض قد يرى الاسكندرية مدينة ساحلية والمرأة بها متحررة ومتحققة نسبياً، إلا أن هذا أمر غير واقعي جملة وتفصيلاً، فهي إلى حد كبير تشبه الصعيد وتعقيداته والأسرة هي المتحكم الرئيسي في الفتاة ويتم اعتبار النساء جزء من شرف العائلة والهيمنة الذكورية.

والفتيات لسن أحراراً في اختياراتهن أو قراراتهن فحتى الآن يتم تزويجهن بالإجبار، كما أن هناك عنف زوجي لا يتم التعامل معه بشكل منصف للنساء القابعات في قبضته.

 

ما التحديات التي تواجهها النساء في الاسكندرية؟

النساء في مجالات العمل تعانين من أزمة باتت تقليد تقوم به أغلب الشركات وهي عدم التعيين فأغلبهن تعملن بلا عقد وبالتالي تحرمن من كامل حقوقهن وتصبحن أكثر عرضة للاستغلال والانتهاكات، وتحت وطأة سوء الأوضاع الاقتصادية والاحتياج الحقيقي لمصدر دخل حتى وإن أهدرت فيه مساحات الأمان والحقوق يضررن للقبول بالأمر.

وتتعرض الكثيرات للفصل التعسفي بسبب إجازة الوضع وحينما تعود مرة أخرى لا تجد مكانها فارغاً وذلك لا لسبب سوى دورها الانجابي الذي عادة ما يكون سبباً للتخلص منها، فضلاً عن التحرش الذي بات آفة أماكن العمل المختلفة لعدم وجود لوائح داخلية تحمي النساء من تبعاته وترسم الحدود العامة في التعاملات بين العاملين في نفس المكان.

 

ما الحلول الممكنة لإخراج النساء من الواقع الذي ينتهك فيه حقوقهن؟

يحتل الوعي المرتبة الأولى في خطوات الحل الممكنة وذلك لأن النساء إذا أدركن حقيقة المشاكل التي تواجههن وأسبابها يتمكن فيما بعد من الخلاص بعد الوقوف على الحقوق وسبل نيلها.

ولتغيير الواقع يجب خلق مجموعات يمكنها العمل على الوصول بأصوات النساء للجهات المعنية خاصة المهمشات منهن كما أن الإسكندرية بها عشوائيات كثيرة وأماكن مهمشة وهو ما يترتب عليه أزمات أكبر تتحملها النساء لذا فالتمكين الاقتصادي واحد من أدوات امتلاكهن حريتهن في القرار وكذلك الرفض.

ونعمل على توصيل تجارب النساء من خلال الفضاء الإلكتروني وتوثيق ما يتعرضن له، ونحن ندرك جيدا أن انعدام الأمان جزء أساسي من الأزمات التي تعاني منها النساء لذا فتعزيز وجوده يعتبر إضافة تساعد المرأة في النجاح والإبداع وهي مساحة نسعى لخلقها خلال الفترة المقبلة.

 

هناك العديد من المؤسسات التي تعمل على قضايا النساء .. كيف ترين تأثيرها سواء على الصعيد الحكومي أو الحقوقي

للأسف السبب الأساسي في وجود مجموعات شابة للعمل في الداخل المحلي هو وصول الفتات من الأنشطة للمحافظة وهذا يعد تقدير لحجم ما يقدمونه من عمل بها لذا فمسألة التواجد رغم كثرتها في الفترة الأخيرة إلا أنها عيفة وغير كافية.

ونحن كمبادرة شابة قررنا العمل في الداخل المحلي واستقبال النساء والاستماع إليهن وتوفير الدعم اللازم لهن كي نعوض ذلك الغياب ونبذل قصارى جهدنا من أجل واقع أفضل.

أما عن المؤسسات الحكومية فقد تم جمع شهادات من قبل واحدة من المبادرات مؤخرا ترصد العبء الذي تتكبده النساء في البحث عمن يستقبلوهن ويدعموهن ومحاولاتهن أيضاً في الوصول للجهات المعنية دون جدوى.

وللأسف بعض المؤسسات الحكومية المتواجدة بمحافظة الاسكندرية لديها موظفين وموظفات يحملون الثقافة الذكورية ذاتها التي تعاني النساء منها ويسعون لتبرير الانتهاكات التي تتعرض لها النساء مبررين للزوج والأب والأخ التعنيف كونهم يمون الفتاة وبعضهم يلقي باللوم على الضحية نتيجة مظهرها الخارجي أو سلوكها أو حتى طريقة كلامها وكلها أمور تحتاج لتقويم إذا أرنا نتائج فعلية ملموسة تدعم حق المرأة وتغير واقعها.