استهداف متكرر وتحريض واتهامات... تحديات تواجه عمل اليمنيات

أكدت أمل القباطي أن هناك حاجة إلى تخفيف التحديات أو النظرة السلبية تجاه المرأة العاملة في المنظمات غير الحكومية من خلال التوعية ووجود الشفافية بين الطرفين، إضافة لتثقيف المجتمعات المحلية.

هالة الحاشدي

اليمن ـ في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية الراهنة تواجه اليمنيات العاملات في المنظمات غير الحكومية العديد من التحديات من استهداف متكرر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتحريضهن واتهامهن بنشر أفكار تهدد القيم الاجتماعية، مما يسبب لهن ضغوطًا نفسية وأمنية خطيرة.

تُظهر تجارب العديد من النساء أن هناك حملات تستهدف العاملات في المنظمات غير الحكومية والتي تؤثر سلباً على مسيرتهن المهنية، وتُعيق تقدمهن نحو تحقيق التمكين الاقتصادي، كما يتم تسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهنها في معالجة تلك القضايا من خلال القضاء، والذي قد يكون مليئاً بالعراقيل والتحديات القانونية.

إضافة إلى ذلك، تلعب منصات التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في نشر الشائعات والمعلومات المضللة التي تزيد من حدة الضغوط الاجتماعية التي تتعرض لها الناشطات، وفي ضوء هذه التحديات تبرز أهمية دعوات زيادة الوعي وتفعيل آليات لمكافحة هذه الظواهر من أجل حماية حقوق النساء وتعزيز فرصهن في العمل والمساهمة في التنمية المجتمعية.

 

دور المنظمات غير الحكومية في تمكين النساء

قالت أمل القباطي أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه العاملات في المنظمات غير الحكومية، من أبرزها العادات والتقاليد السائدة في المنطقة، والتي لا تزال ترتكز على أعراف قديمة لم تتغير بعد، مضيفةً أن المنظمات غير الحكومية قدمت فرصة للمرأة العاملة لإبراز مكانتها، خاصةً في ظل غياب الوظائف الحكومية، مما دفع النساء والفتيات، ولا سيما المثقفات، للخروج للعمل في هذه المنظمات تحقيقاً لمصلحتهن ومصلحة مجتمعهن المحلي.

وأكدت على أن تغيير العادات والتقاليد لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل يتطلب توعية وتثقيف المجتمعات المحلية عبر جهات متعددة، مثل اللجان المجتمعية والناشطات والتوعية من خلال المدارس والمراكز.

 

تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال العمل المشترك

وأوضحت أن العمل ليس قاصراً على النساء فقط، بل هو متاح للجميع، ومع ذلك، عانت النساء في المجتمع من الظلم والإقصاء والتهميش فقط لأنهن نساء، إذ تم اعتبارهن غير صالحات إلا للأدوار المنزلية، ولكن، كانت فرص العمل في المنظمات غير الحكومية فرصة لهن لإظهار إمكاناتهن، مما يعود بالنفع على المجتمع بأسره في ظل الظروف والتحديات الصعبة الناجمة عن الصراعات والحروب.

كما أشارت إلى أن المرأة تواجه مجموعة من المشكلات، في وقت لا يزال فيه المجتمع يعاني من عقلية تقليدية ترى أن دور المرأة يقتصر على المنزل، وهناك شرائح من المجتمع تتبنى مواقف متشددة إلى جانب المثقفين الذين يدعمون عمل المرأة في المنظمات، حيث يُعتبر عملها أمراً إيجابياً يحظى بالاحترام، خصوصاً إذا كان يساهم في خدمة المجتمع المحلي.

ودعت إلى ضرورة وجود تشجيع من المجتمع المحلي الذي يعكس نظرة ضيقة تجاه المرأة، مؤكدةً أن التثقيف والتعاون من جميع الأطراف يمكن أن يساهم في تقليل القيود المفروضة على النساء، مشيرةً إلى أن ذلك يستدعي مشاركة جميع أفراد المجتمع "إن التهميش لا يطال النساء فقط، بل يشمل الرجال والشباب أيضاً، غير أنه يؤثر على النساء بشكل خاص، من خلال توفير الفرص للمرأة في مجالات محددة، مثل المشاريع التي تبرز دورها في المجتمع، يمكن إقناع المجتمع بقدرتها على اتخاذ القرارات، حتى وإن كانت بسيط".

وقالت إن تأثير المنظمات على المجتمعات المحلية يجب أن يكون قوياً، من خلال مصداقية المنظمات نفسها، لذلك يجب أن تكون هناك مصداقية وشفافية في العمل والجدية في تقديم الخدمات للمجتمع المحلي، حيث تكون العلاقة واضحة، وهذا يساهم في النجاح في تقديم مشاريع للمجتمع المحلي، خاصةً مشاريع البنية التحتية المطلوبة.

 

تعزيز مشاركة النساء في المشاريع المحلية

وأشارت إلى إنه يجب أن تكون هناك نسبة كبيرة من العاملات، لأن المرأة في المنظمات غير الحكومية تتمتع بقيم تجعلها قادرة على التأثير على المجتمع المحلي، من خلال نوعية العمل الذي تقدمه، حيث تدخل إلى المنازل وتكون قريبة من المجتمع، كما يجب أن تتمتع بالشفافية والراحة لدى المجتمع المحلي، وأن تكون في حالة من الأمانة والصدق.

 وأكدت أن الحاجة إلى تخفيف التحديات أو النظرة السلبية تجاه المرأة العاملة في المنظمات غير الحكومية يجب أن تتم من خلال التوعية ووجود الشفافية بين الطرفين، سواءً كانت بين المرأة واللجان المجتمعية أو بين المرأة والسلطة المحلية.

وشددت على ضرورة إبراز دور المرأة يجب في المجتمع من خلال مشاريع تفيد المجتمع المحلي والنساء "من الضروري الجلوس مع القيادة الذكورية في المجتمع لتخفيف القيود وتعزيز مشاركة المرأة لتحسين عملها في مجتمعها، خاصةً في المجتمعات المهمشة، أستطيع القول أنني واحدة من النساء اللواتي عملن في المجتمعات المهمشة ولدي تجربة طويلة معهن، فهم يعانون من الجهل والفقر والمرض، الذي يعود إلى أسباب عديدة من بينها الحروب والصراعات".

ولفتت إلى أن ظروف النساء تدفعهن للخروج والعمل في الشارع، تواجهن خلالها العديد من المشاكل مثل التحرش، خاصةً بعد الحروب والصراعات التي تشهدها البلاد والعالم بشكل عام، وأكدت على أهمية توفير المشاريع للنساء "إذا تناولنا موضوع المرأة العاملة داخل المنظمات غير الحكومية، فمن المهم منحها الفرصة لاتخاذ القرارات وليس الالتزام بقوانين المنظمة فقط، لأنها تعكس واقع المرأة وصورة المجتمع المحلي ومعيشته، حيث تساهم في نقل المعلومات إلى المجتمع المحلي".

وقالت أمل القباطي إن المنظمات تعمل على تنفيذ مشاريع وفق الاحتياجات المطلوبة للمجتمع المحلي، والنساء جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، بل إنهن تمثلن جزءاً كاملاً منه "نأمل أن تنظر المنظمات إلى المبادرات التي تقام في جميع المجتمعات، سواءً كانت عبر لجان أو من خلال المدارس".

وعلى سبيل المثال، كانت هناك مبادرة بدأت كفكرة، ثم تطورت إلى عمل فعلي، وحصلت على ثقة مجموعة من المدرسات المتعاقدات في مدينة عدن، بعد التنسيق مع إدارة التربية في مديرية الشيخ عثمان، شملت العمل في أقسام مثل الخياطة والنقش والكوافير والمكياج "شعرنا أن مثل هذه الأنشطة ستساهم في توفير دخل للطالبات في المدرسة، وتم اختيار طالبات من المدرسة ومن المناطق المحيطة، سنعمل على تحقق النجاح من خلال متابعتنا لمثل هذه المبادرات حتى بعد انتهاء الدورة التي تستمر لواحد وعشرين يوماً، ونأمل أن تكون هناك متابعة للتمديد".