العنف ضد المرأة معاناة مستمرة ودور المؤسسات النسوية في رسم خطوط الحماية
تقود المؤسسات النسوية الطريق لحماية المرأة من العنف والتهميش، من خلال عملها على تطوير المجتمع وتعريف النساء بحقوقهن.

أسماء محمد
قامشلو ـ يعد العنف الممارس بحق المرأة من أبرز التحديات الاجتماعية والإنسانية التي تواجه المجتمعات اليوم، حيث تتنوع أشكاله بين الجسدي، النفسي، الاقتصادي واللفظي، مما يترك آثاراً عميقة على حياة النساء وأدوارهن في المجتمع.
في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وعلى الرغم من تعقيدات الواقع السياسي والاجتماعي، برزت جهود مؤسساتية في دعم المرأة والدفاع عن حقوقها، من خلال وضع قوانين رادعة وإنشاء مراكز حماية، وتفعيل دور العدالة المجتمعية.
يسلط هذا التقرير الضوء على العنف ضد النساء في المنطقة، والسياسات والإجراءات التي تبنتها المؤسسات النسوية في إقليم شمال وشرق سوريا للحد من هذه الظاهرة وتعزيز دور المرأة في بناء مجتمع أكثر تطوراً.
وتبرز مجموعة من المؤسسات التي تعمل بلا كلل من أجل توفير الحماية والدعم للنساء المعنفات، وسط حاجة ملحة لتعزيز الوعي المجتمعي.
وعن الخدمات المقدمة عبر المراكز الخاصة بحماية المعنفات قالت رئيسة هيئة المرأة في مقاطعة الجزيرة روهات خليل "هنالك خمس مراكز لحماية النساء، تتوزع بين مراكز حماية مؤقتة تستقبل النساء لمدة 72 ساعة، وأخرى دائمة تمتد فترات الإقامة فيها إلى ثلاثة أشهر، ومراكز الحماية المؤقتة تستقبل المعرضات للعنف سواء من قبل الأسرة أو المجتمع أو أي جهة أخرى، وحتى أولئك المهددات، حيث يتم العمل على إيجاد حلول فورية وجذرية لمشاكلهن".
ولم تقتصر جهود هيئة المرأة على توفير المأوى، بل تمتد نحو برامج إعادة الدمج المجتمعي، حيث أوضحت روهات خليل أن الهيئة تسعى لتعزيز ثقة النساء بأنفسهن، عبر توفير برامج ثقافية وتعليمية وترفيهية متكاملة، بالإضافة إلى جلسات دعم نفسي تحت إشراف مختصات نفسيات للتخفيف من آثار العنف والتجارب القاسية التي مرت بها الضحايا".
وأشارت إلى عمل مؤسسات المرأة بالتنسيق مع أسايش المرأة، موضحةً أن آلية العمل تبدأ عبر استقبال الشكاوى والتقارير التي ترفع مباشرة إلى دار المرأة ومنها إلى هيئة المرأة، يتم بعدها تشخيص الحالة خلال مدة ثلاثة أشهر، وفي حال تعذر حل المشكلة، يتم نقل الضحية إلى مركز حماية دائمة لضمان استمرار الرعاية والدعم.
من جهتها قالت إدارية منظمة سارة لحماية حقوق المرأة رشا درويش أنه "تم رصد حالات عديدة من العنف خلال متابعتنا للقضايا في محاكم الإدارة الذاتية, عن طرق تقديم الشكاوي أو البلاغات من الجهات المعنية, ونحن بدورنا كمنظمة سارة في إقليم شمال وشرق سوريا نقوم بجمع الإحصائيات الكاملة كل ستة أشهر أو سنة, وهذه الاحصائيات تعتمد على القضايا التي نقوم بمتابعتها وعن طريق البلاغات من قبل المحاكم التابعة للإدارة الذاتية أو النيابة العامة".
وأكدت أنه "كمنظمة سارة نسعى دائماً لتقديم العون لكافة النساء من خلال الدعم القانوني وتوعيتهن حول حقوقهن, بحيث نقوم بمساندتهن حتى يتم إصدار حكم بالقضايا التي نعمل عليها، ونقوم بطرح إرشادات نفسية خلال تنظيم جلسات نفسية فردية أو جمعية للمعنفات".
ولفتت إلى أن منظمة سارة لا تكتفي بالدعم القانوني فقط "نعمل على برامج إعادة التأهيل لدمج النساء في المجتمع من خلال الدعم الاجتماعي, ونقوم بالتنسيق مع هيئة المرأة لحماية النساء اللواتي يمارس العنف بحقهن, ونقوم بحملات توعوية نستهدف بها كافة النساء من خلال تقديم برامج وجلسات نفسية مختلفة, وإعطاء محاضرات توعوية عن القانون الخاص بالمرأة".
وأضافت "نقوم بالعمل على الدعم الاجتماعي للنساء وذلك بالتنسيق مع هيئة المرأة لحماية النساء اللواتي يتعرضن لكافة أشكال العنف, وتمكين النساء اقتصادياً من خلال تدريبات مهنية وحملات توعوية مكثفة حتى يتم إعادة دمج النساء اللواتي كن ضحايا العنف في المجتمع من جديد".
وأشارت إلى أن حملات التوعية التي استهدفت المدن والقرى لاقت تفاعلاً إيجابياً "تم التركيز خلال الحملات التوعوية على المدن والقرى وكان التفاعل ايجابي من قبل النساء, حيث اعطت هذه الحملات التي قمنا بالعمل عليها نتيجة رائعة من خلال التواصل معنا وتقديم الشكاوي إلينا بشكل مباشر لمساندة النساء اللواتي تتعرضن للعنف, ويأتي هذا في إطار تقبل النساء للقانون لمدى حصولهم على حقوقهم".
وأما كيف يتم الدفاع عن المعنفات في الميدان الإعلامي، فذلك ما أوضحته ندى محمد مراسلة ومقدمة برامج في فضائية المرأة بمدينة الرقة، باعتبار أن الإعلام وسيلة مهمة لكسر حاجز الصمت وتسليط الضوء على قضايا المرأة "من خلال برامجنا الأسبوعية نناقش قضايا مثل العنف ضد النساء، الطلاق، تعدد الزوجات، ومعاناة النساء في المخيمات، بالإضافة إلى تعريف النساء بحقوقهن".
وأكدت أن تسليط الضوء إعلامياً لم يقتصر فقط على رصد المعاناة، بل شمل أيضاً عرض قصص نجاح ملهمة لنساء تجاوزن ظروفهن الصعبة، ما ساهم في تحفيز أخريات للسعي نحو استعادة حقوقهن"، مضيفةً "لخمسة أعوام متواصلة، عملنا على إظهار صوت المرأة، ومطالبة المجتمع بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق النساء، مما أسهم في خلق صدى واسع ووعي تدريجي بأهمية قضايا المرأة في مجمعاتنا".
وشددت ندى محمد على ضرورة الاستمرار حتى يتم حصد النتائج "يجب أن نستمر بتقديم هذه البرامج التوعوية، فالإعلام النسوي يجب أن يستمر بعرض قضايا المرأة للعالم لمعرفة حقيقة النضال النسوي والتحديات التي تقف أمام تطور النساء".