ناشطة اجتماعية: نُقص الوعي أحد أسباب زيادة الطلاق في الجزائر

يرتبط الطلاق في الجزائر بتحديات اجتماعية أكثر منها قانونية بسبب نُقص الوعي لدى المُقبلين على الزواج وهو ما يتطلب تنظيم دورات توعوية، حتى يتسنى نشر الوعي حول حقوق وواجبات كلا الجنسين والحد من حالات العنف.

رابعة خريص

الجزائر ـ شهدت الجزائر مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الطلاق، وهو ما يكشف عن أزمة اجتماعية متفاقمة تثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة وآثارها على بنية المجتمع والحلول المتاحة.

تتنوع العوامل المؤدية إلى ارتفاع معدلات الطلاق منها الاقتصادية والاجتماعية، فوفقاً للإحصائيات الرسمية تم تسجيل 240 حالة طلاق يومياً خلال عام 2024، أي ما يُعادل أكثر من 87 ألفاً و600 حالة طلاق سنوياً، بنسبة 33% من حالات الزواج.

وتُؤكدُ ناشطات على ضرورة إعداد خطة شاملة لتوعية وتثقيف المقبلين على الزواج بأساسيات بناء الأسرة في المجتمع الجزائري، وهي فكرة دافعت عنها عتيقة حريشان، رئيسة المجلس الوطني لجمعية "حورية" وعضوة بارزة في المجلس الوطني للمرأة والأسرة التابع لوزارة التضامن والأسرة وقضايا المرأة بالجزائر.

وأشارت إلى الانتشار المتزايد لظاهرة فك الرابطة الزوجية من خلال الطلاق أو الخلع في المجتمع الجزائري، خاصة في السنوات الأخيرة، ووفقاً لقراءة إحصائية يبدو أن هذه الظاهرة تتسارع بشكل يُنذرُ بخطر على الاستقرار الأسري للعائلة الجزائرية، وتبرز تداعيات هذا التفكك على الأطفال، حيث أصبح الكثير منهم ضحايا للحالة الأسرية المتدهورة.

وحول الأسباب الكامنة وراء ازدياد معدلات الطلاق وما إذا كانت مشكلة نصوص قانونية بذاتها من حيث صياغتها أم هي مشكلة اجتماعية ناتجة عن غياب التوعية؟ توضح عتيقة حريشان أن "الظاهرة مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنقص الوعي لدى المقبلين على الزواج وحتى المتزوجين بخطورة هذه المسألة".

ولفتت إلى أن "الطلاق يحدث في غالب الأحيان بسبب أمور بسيطة وغير مبررة، ما يعكس أزمة في القيم والأخلاق إلى جانب غياب الدعم الاجتماعي الذي من شأنه أن يقدم المرافقة الضرورية لاستمرار الحياة الزوجية"، مشيرةً إلى أنه قبل معالجة النصوص القانونية المتعلقة بالطرفين المتنازعين، مثل الخلع، من المهم تنشيط حملات توعوية تهدف إلى تعزيز الوعي".

ومن النقاط التي أثارتها عتيقة حريشان ظاهرة "الطلاق في عمر مُتقدم" والتي تعرف بـ "الطلاق الرمادي"، والتي تُعتبر أكثر قسوة على المرأة بسبب القوانين المتعلقة بالحضانة، فالمادة 65 من قانون الأسرة الجزائري تنص على أنه "تنقضي مدة حضانة الذكر ببلوغه (10) سنوات والأنثى ببلوغها سن الزواج، وللقاضي أن يمدد الحضانة بالنسبة للذكر إلى (16) سنة إذا كانت الحاضنة أماً لم تتزوج مرة أخرى على أن يراعى في الحكم بانتهائها مصلحة المحضون".

وأشارت إلى المادة 66 التي تنص على أنه "يسقط حق الحاضنة بالزواج بغير قريب محرم، وبالتنازل ما لم يضر بمصلحة المحضون"، ومع بداية العام الجاري أدخلت تعديلات على قانون الزواج الجزائري، من بينها تحديد سن الزواج على أن يكون 19 عام سواء للذكور أو الإناث، كما تم تعديل بند حضانة الأطفال والنفقة مما يجعل المطلقة وأبنائها قادرين على ضمان حقوقهم.

وأرجعت عتيقة حريشان أسباب "الطلاق الرمادي" إلى "تراكم المُشكلات التي تُمثل أحد الأسباب الرئيسية في فتور العلاقة بين الزوجين بمرور الوقت"، مشددةً في ختام حديثها على ضرورة تعزيز التعاون بين الجمعيات والمرشدين المختصين في العلاقات الأسرية لرفع مستوى الوعي المجتمعي، وكذلك أهمية محاربة الصورة السلبية للمرأة والعمل على دعم دورها الإيجابي في المُجتمع.