زراعة البساتين عمل الجدات ووسيلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي

ليست الحاجة فقط ما تدفع نساء مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا لزراعة بساتين الفاكهة الصيفية أمام منازلهن، ولكن هذا شكل آخر من الارتباط بالأرض، وتأكيد على قدرة المرأة في إدارة اقتصادها المنزلي بأبسط الأساليب.

نورشان عبدي

كوباني ـ تسعى نساء مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا من خلال عملهن بالزراعة خاصة بساتين الفاكهة الصيفية والشتوية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين احتياجاتهن من الخضراوات من أرضهن دون الحاجة لشرائها من الأسواق.

تشتهر مدينة كوباني بمقاطعة الفرات بالزراعة بجميع أشكالها من المحاصيل كالقمح والشعير والبقوليات إلى البساتين وأشجار الزيتون والفستق، كونها تتمتع بتربة خصبة صالحة للزارعة خاصة البساتين، من أجل هذا يعمل معظم سكانها بالزراعة وبشكل خاص النساء، معتبرات الزراعة مهنة قديمة يتوارثنها من جيل لآخر.

مع بداية شهر أيار/مايو تبدأ النساء في مدينة كوباني وقراها بزراعة البساتين بالمحاصيل الصيفية في أراضيهن وأمام منازلهن لتحقيق اكتفائهن الذاتي وتأمين احتياجاتهن من الخضراوات والفواكه، وتأمين المونة الشتوية فتزرعن البساتين بالحبوب خلال أشهر الصيف، وفي شهر آذار/مارس تزرعن شتلات الخضروات في البيوت البلاستكية لتنقلنها إلى الأرض مع بدية شهر أيار/مايو.

 

"نؤمن احتياجاتنا من الخضروات "

عن عمل النساء في الزراعة وهدفهن من زراعة البساتين الصيفية وكيفية الاهتمام بها تحدثت لوكالتنا نساء قرية ميناز الواقعة غربي مدينة كوباني، حيث قالت خديجة إمام ذات الـ 67 عاماً "يهتم أهالي مدينة كوباني وبشكل خاص أهالي القرى التابعة لها بالزراعة فيعتبرونها مصدر لتأمين قوتهم واحتياجاتهم من الخضراوات والفواكه بشكل يومي، ويعملون بالأراض بحب وشغف، فالزراعة هي شيء أساسي في حياة الأهالي في قرى كوباني وبشكل خاص زراعة البساتين".

وأضافت "أمام كل بيت في القرى بستان صغير أو خط حراثة واحد مزروع فيه شيء ما، ومن يمتلكون هكتارات من الأراضي يساهمون في تحقيق الاكتفاء الذاتي للمنطقة، أما بالنسبة لي فأزرع البساتين من أجل احتياجاتي المنزلية حيث توفر لي خضراوات من أجل المونة الشتوية، ولكي نعطي منها كل زائر ومحتاج ولأقاربنا في المدينة".

وأوضحت أن هناك نوعين من البساتين وهي الصيفية التي تزرع في بداية شهر أيار/مايو وتتضمن الخضراوات الصيفية، أما الشتوية فتزرع في تموز/يوليو، "العمل بالزراعة وبشكل خاص البساتين يحتاج عناية كبيرة واهتمام من أجل أن يعطي إنتاج جيد، ويحتاج الري بشكل يومي وتنظيف الأعشاب من حول النباتات، وأيضاً نزود الأرض بالسماد، ونرش المبيدات الحشرية من أجل حماية التربة من الحشرات، وفي حال تم الاهتمام بشكل جيد بالبستان يعطي إنتاجه بعد 50 يوماً".

وأشارت إلى أن الأمر لا يخلو من الصعوبات "بشكل عام العمل في الأراضي الزراعية متعب خاصةً في البساتين، وأنا أواجه صعوبات عدة بحكم كبر سني، لكن شغفي وحبي للزراعة يدفعانني للاستمرار، وعندما يؤتي الموسم ثماره أنسى كل الجهد والتعب الذي بذلته، وعندما أجلس أمامه وأؤمن منه مستلزمات منزلي من كافة الخضروات وأعطي منه الجيران والأقارب أشعر بسعادة كبيرة".

 

"زراعة البساتين ثقافة جداتنا سنحافظ عليها"

حول أهمية زراعة البساتين بالنسبة للنساء في القرى قالت خالصية عمر "زراعة البساتين بالنسبة لنا عمل أساسي في حياتنا، ففي بداية كل فصل الربيع نقوم بزراعة البساتين بكافة الخضراوات لنأكل منها بالصيف ونؤمن منه المونة الشتوية، وعندما نزرع البستان أمام منازلنا لا نحتاج لشراء أي شيء من الأسواق والمحلات التجارية لأننا نستطيع تلبية كافة احتياجاتنا من أرضنا".

وأكدت أنه "من أرضنا ومياهنا وتربتنا نحن كنساء كوباني نؤمن اكتفائنا الذاتي دون أن نمد يدنا لأحد وبذلك نحافظ على تربتنا والقطاع الزراعي".

وبينت أن "للنساء ارتباط خاص بالتربة والزراعة والبساتين من أجل هذا المرأة هي من تقوم بالزراعة وتهتم بالأرض وتحب عملها، نحن النساء نحب رؤية المساحات الخضراء والخضروات، هذا العام لم أزرع الأزهار أمام منزلي ولذلك أشعر بأنني أعيش في الصحراء، من أجل هذا دائماً نقول بأن الزراعة بقلب كل امرأة".

وترى خالصية عمر أن الزراعة ثقافة الجدات "تعلمنا زراعة البساتين من أمهاتنا فهي ثقافة قديمة منذ أيام جداتنا وأمهاتنا، ونحن اليوم نستمر بالمحافظة على هذه الثقافة وسننقلها للأجيال القادمة".