مشاريع رائدة تقودها النساء لبناء مجتمع حر

وقف المرأة الحرة في سوريا واقتصاد مؤتمر ستار مؤسسات نسوية تسعى لتفعيل دور النساء في بناء اقتصاد خاص وفتح الطريق أمام دمج النساء في سوق العمل بشكل أوسع.

شيرين محمد

قامشلو ـ في ظل التحولات السياسية والاجتماعية العميقة التي يشهدها إقليم شمال وشرق سوريا منذ اندلاع الثورة، برزت المؤسسات النسوية كقوة فاعلة في إعادة تشكيل دور المرأة داخل المجتمع، ولم تقتصر جهود هذه المؤسسات على تمكين المرأة من الناحية الاجتماعية والسياسية فحسب، بل اتجهت بشكل متزايد نحو دعمها اقتصادياً، باعتبار الاستقلال الاقتصادي أحد الركائز الأساسية لتحقيق المساواة الفعلية.

إدارية مشاريع وقف المرأة السورية فيان علي قالت أن "الوقف يعمل منذ تأسيسه على دعم وتمكين المرأة السورية، خاصة من الناحية الاقتصادية، باعتبارها حجر الأساس لبناء مجتمع حر ومتماسك"، مبينةً أن "وقف المرأة تأسس عام 2014 بمدينة قامشلو، تحت اسم وقف نساء روج آفا، قبل أن يتم تغيير اسمه لاحقاً إلى وقف المرأة السورية، بهدف توسيع نطاق العمل ليشمل جميع النساء في سوريا والمنطقة. نعمل تحت شعار (المرأة الحرة أساس المجتمع الحر)، ونؤمن أن التمكين الاقتصادي للمرأة يعد مدخلاً أساسياً لتطويرها في مختلف المجالات".

 

آلية العمل وسبل تطويرها

وحول آلية العمل أوضحت أن المؤسسة تضم عدة لجان متخصصة في إدماج النساء اقتصادياً، وتبدأ العملية بزيارات ميدانية للمنازل من أجل التعرف على أوضاع النساء ودوافعهن للعمل"، مضيفةً "بعد الزيارات نجري استبياناً لتحديد المشاريع الأنسب التي يمكن تنفيذها ضمن كل مجموعة نسوية، بما يضمن نجاحها واستمراريتها".

كما أشارت إلى أهمية التدريب والتأهيل "نفتتح دورات تدريبية لرفع الوعي الاقتصادي لدى النساء، وتعريفهن بأساسيات إدارة المشاريع، مثل الربح والخسارة وخطط العمل، إضافة إلى التدريب المهني في مجالات مثل الخياطة، الحلاقة النسوية، الأعمال اليدوية وغيرها من المهن التي تساعد النساء على إدارة مشاريع خاصة بهن".

 

ثورة روجافا...نهضة غيرت واقع النساء

ولفتت إلى التغيير الواضح في فرص عمل النساء بعد ثورة روج آفا "قبل ثورة المرأة في روج آفا كانت فرص العمل للنساء شبه معدومة، خاصة اللواتي لا يمتلكن الشهادات، أما اليوم فهناك أعداد متزايدة من النساء في سوق العمل، سواء في القطاعات العامة أو في الأعمال الحرة".

وأشارت فيان علي إلى أنه "رغم النجاحات التي حققناها لا يمكننا إنكار أن هناك العديد من النساء ما زلن بلا عمل أو مشروع، خصوصاً في القرى"، مؤكدة "نكثف جهودنا بشكل مستمر ونركز على دعم النساء الريفيات، لفتح مشاريع صغيرة تعزز من استقلاليتهن الاقتصادية وتخلق فرصاً جديدة لهن".

 

الاقتصاد وفق منهج الأمة الديمقراطية

ومن جهتها قالت الإدارية في لجنة اقتصاد المرأة التابعة لمؤتمر ستار روزلين بكر "نسعى لتفعيل دور المرأة في الاقتصاد وفق نهج الأمة الديمقراطية وندعو جميع النساء للانضمام"، مبينةً أن "الثورة في روج آفا شكلت نقطة تحول كبيرة في مسيرة تمكين المرأة اقتصادياً".

وأكدت أن "اللجنة لعبت دوراً محورياً في هذا التحول من خلال التوعية، وإطلاق المشاريع، وتعزيز دور المرأة في التنمية الاقتصادية"، مضيفةً "خلال ثورة روج آفا، قامت لجنة اقتصاد المرأة بدور فعال في توعية المرأة وتطويرها اقتصادياً إلى جانب تقديم فرص كبيرة للنساء".

وقالت "نؤمن بأن للمرأة دوراً أساسياً في تنمية الواقع الاقتصادي، من خلال تفعيل المشاريع التعاونية بما يتوافق مع براديغما الأمة الديمقراطية، واللجنة عملت وفق استراتيجية مدروسة تشمل الأهداف القريبة والبعيدة المدى، بهدف الحفاظ على قيمة العمل وضمان استمراريته".

 

أهمية تنمية القدرات الفكرية والإدارية لدى المرأة

وترى أنه "من المهم بالنسبة لنا تطوير المرأة ليس فقط في الجانب العملي، بل أيضاً من ناحية تنمية القدرات الفكرية والإدارية وتمكينها من إدارة المشاريع".

وكشفت أنه تم مؤخراً تنظيم عقد خاص بالمرأة والمجتمع يهدف إلى تعزيز تنظيم المجتمع عبر تمكين النساء، إلى جانب إنشاء مجالس اقتصادية نسوية في المنطقة لتفعيل مشاركة المرأة بشكل أوسع، وما زالت هذه المشاريع مستمرة، وهناك مخططات لتوسيعها وتطوير الموجود منها بهدف الوصول إلى كافة النساء لا سيما في المناطق التي لا تزال بحاجة للدعم".

 

نداء يدعي جميع النساء للقيام بمشاريع اقتصادية

ووجهت روزلين بكر دعوة لجميع النساء في المنطقة "نحن في اقتصاد المرأة نوجه ندائنا لكل النساء للانضمام إلى المشاريع الاقتصادية فنحن متواجدات ومستعدات لدعمهن، سواء من الناحية الفكرية أو المادية، من أجل بناء اقتصاد تشاركي تقوده النساء بوعي وقوة".

ومن خلال إطلاق مشاريع تنموية، وتأسيس ورش عمل وتعاونيات نسوية، تسعى هذه المبادرات إلى خلق فرص عمل للنساء، وتعزيز دورهن في قيادة عجلة الاقتصاد المحلي، لا سيما في المجتمعات التي تضررت بشدة من الحرب والصراعات. يعكس هذا الحراك النسوي المتصاعد رغبة حقيقية في بناء مجتمع أكثر عدالة وتوازناً، تُسهم فيه النساء بفعالية في مختلف القطاعات.