تونس... عروض مختلفة وشهادات حول معاناة الفلاحات

في إطار السعي المستمر للاعتراف بظروف العاملات في القطاع الفلاحي، انطلقت أعمال المؤتمر الثاني لحراك عاملات الفلاحة في تونس، تم خلاله تسليط الضوء على معاناتهن من خلال العروض الفنية المتنوعة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تعتبر قضية العاملات الفلاحات من أهم القضايا الاجتماعية والاقتصادية، التي تعكس تحديات النساء العاملات في القطاع الزراعي، والتحديات التي تواجهنا وظروف العمل القاسية والأجور المتدنية، وعدم توفير الحماية الاجتماعية والصحية، فضلاً عن الصعوبات المرتبطة بالنقل والأمان المهني.

انطلقت أمس الأربعاء السابع من أيار/مايو، أعمال مؤتمر الثاني لحراك عاملات الفلاحة في قصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية، تم خلاله تسليط الضوء على الفلاحات بعروض فنية من شعر وغناء ثم مسرح حيث تم تقديم مسرحية لأول مرة استعرضت المعاناة التي تواجهها العاملات يومياً وانتهت عند الثورة على القوانين والمسؤولين، وساهمت مخرجتها هالة بن عياد في أشراك بعض العاملات وتمكينهن من أدوار هامة وأساسية قمن بها بحرفية كبيرة أبهرت الجهور.

وفي هذا الاطار قالت هالة بن عياد "تم اليوم تقديم مسرحية مدتها 38 دقيقة وهي عبارة عن تجربة مهمة جداً بالنسبة لي"، مضيفةً أنه "منذ أن تواصلت معي جمعية أصوات نساء بشأن العمل المسرحي حول أداء العاملات لم أفكر للحظة في كيفية إيجاد وقت أو ماذا أفعل وقلت لهن أنا معكن لأنه موضوع يهمني كامرأة وكمواطنة تونسية".

وأوضحت أنها تعرف جيداً أن وضعية العاملات الفلاحيات صعبة جداً ولكن الفكرة التي كانت لديها أقل بكثير من الواقع "تم عقد اجتماع عن بعد مع الفلاحات وقدمن شهادات مؤلمة جداً لذلك تم تخصيص أسبوع جمعني بالفلاحات وقضينا ثلاثة أيام في العمل على المسرحية وقدمن لي درساً أخر في الحياة تأثرت بمدى فهمهم للمسالة رغم وجود مسائل فنية تتطلب المعرفة"، مؤكدةً أن الفن المسرحي له دور كبير في معالجة قضايا المجتمع بطرق مختلفة.

 

شهادات الفلاحات

وبعد العرض المسرحي قدمت العاملات الفلاحات شهادات حول أوضاعهن، من بينهن عائشة بالنصر العاملة في البحر "يقدر عددنا بقرابة مئة امرأة، تتراوح أعمارنا بين العشرين والثمانين عاماً نقوم بجمع "ببوش" البحر في كل الفصول ففي الشتاء نعاني كثيراً حيث تتجمد أيدينا وأقدامنا من البرد"، لافتةً إلى أنها تجبر على اصطحاب أطفالها معها بدلاً من إرسالهم إلى المدرسة، لأنها غير قادرة على توفير مستلزمات مدارسهم.

وأوضحت أنها بحاجة ماسة للعمل حتى تتمكن من إرسال أبنائها إلى المدرسة لتلقي التعليم "للبحر مفاجآت كثيرة في إحدى المرات اصطدمت بجثة رضيع وسط الماء قُطع رأسه وفُصلت يديه فلزمت الفراش لثلاثة أيام"، متمنية أن تتمكن من مساعدة أبنائها على العيش وإتمام دراستهم، لأن ذلك سيجنبها استغلال الوسطاء الذين يغشون في الميزان ويشترون ما تجمعه بأبخس الأثمان.

وفي سياق متصل قدمت نزيهة دبابي عاملة فلاحية ونقابية شهادة قالت فيها إن بعض النساء تشتكين من التعرض إلى العنف من الأزواج بسبب تفكيرهن في الانخراط في العمل النقابي أو الانضمام إلى الحراك، وتساءلت هل العمل النقابي جريمة؟ أم هل من العيب التعبير وإيصال الصوت إلى المسؤولين؟. مؤكدة أنهن لن تسكتن عن حقهن وستواصلن العمل والنضال لإيصال صوتهن إلى كل السلطات. 

 

دور المجتمع المدني

من جانبها أوضحت داليا مبروك منسقة مشاريع بمنظمة التعاون من أجل حماية الدول الناشئة "تعمل المنظمة على موضوع العاملات في القطاع الفلاحي منذ خمسة سنوات "خلال المرحلة الأولى تم التركيز على ظروف العمل التي تواجه المرأة من تغطية اجتماعية وحماية من المبيدات والتغطية الصحية والنقل، تم التركيز خلال السنوات الماضية على موضوع النقل الفلاحي والعمل عن طريق حلقات تشاور في الجهات بمشاركة العاملات الفلاحات والوزارات والتعاونيات الفلاحية والوسطاء الذين يقومون بعمليات النقل، وجمعها من كل الأطراف من أجل الخروج بمجموعة من التوصيات تساهم في معالجة الوضعية الكارثية لنقل العاملات في القطاع الفلاحي.

وعن التوصيات قالت "من بين التوصيات تكثيف الرقابة في الطرقات حتى تحترم الشاحنات الحمولة أو نزيح الوسيط "نقدم بديلاً رغم أن علاقة الوسيط بالمرأة ليست علاقة عمل فقط بل هو أيضا يجلب لها العمل بطريقة غير مباشرة وهو الذي يقرضها المال الذي يأتي لها بالدواء لابنها".

وأشارت إلى أنه من التوصيات التي يجب العمل عليها خلق خارطة فلاحية للنساء العاملات في القطاع الفلاحي لكل جهة في تونس حسب المواسم والإمكانيات الموجودة والدولة تلعب دور الوسيط "مثلما يوجد لدينا مكاتب عمل نقوم ببعث مكاتب أخرى تحت رقابة الدولة تتولى ربط العاملة الفلاحية بفرص العمل ولكن بشكل منظم لأنه عندما تكون لدي صورة كاملة عن العاملات والفلاح حسب احتياجاته وفكرة عن الموسم الفلاحي يمكن أن نخلط خطوطاً أكثر أمانا للنقل ونخلق علاقة مباشرة بين الفلاح والعاملة في القطاع الفلاحي".