تونس...نسويات تتضامن مع سهام بن سدرين وتمنعن من تنظيم وقفة احتجاجية
تمثل قضية الناشطة الحقوقية، ورئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين رمزاً للنضال النسوي والحقوقي في تونس، إذ تخوض معركة حياة أو موت في السجن من أجل الحرية والعدالة.
تونس ـ أكدت ناشطات أن المناضلة سهام بن سدرين تواجه قمعاً داخل السجن بسبب مواقفها الشجاعة ودفاعها عن حقوق الإنسان "قضيتها ليست فردية بل تعكس نمط ينتهك حقوق النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في تونس".
تواصل الناشطة الحقوقية ورئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين إضرابها عن الطعام منذ 14 كانون الثاني/يناير الجاري، احتجاجاً على ما تصفه بالمظلمة السياسية التي تعرضت لها بعد إيداعها في السجن في أيار/مايو 2024.
وبالرغم من نقلها إلى المستشفى إثر تدهور حالتها الصحية بشكل خطير بعد تجاوز الأسبوعين من الإضراب، إلا أنها تواصل إضرابها كوسيلة للضغط على السلطات من أجل الإفراج عنها ورفع ما تعتبره ظلماً جسيماً في حقها.
وجاء الإضراب بعد قرار قاضي التحقيق بتمديد فترة إيقافها، وهو ما أثار موجة تضامن واسعة داخل الأوساط الحقوقية والنسوية في تونس وخارجها، وفي إطار ذلك نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، بالتعاون مع جمعيات حقوقية أخرى يوماً تضامنياً لمساندة سهام بن سدرين.
ورغم محاولات الناشطات أمس الثلاثاء 28 كانون الثاني/يناير، بتنظيم وقفة احتجاجية أمام سجن منوبة النسائي، حيث تحتجز سهام بن سدرين، إلا أن السلطات منعت وصولهن إلى السجن، ما اعتبرته الناشطات الجمعيات قمعاً إضافياً للأصوات المدافعة عن الحريات وحقوق الإنسان.
وقالت رئيسة جمعية بيتي سناء بن عاشور إن "سهام بن سدرين ليست مجرد معتقلة، بل هي رمز للنضال الحقوقي في تونس، وأفنت حياتها دفاعاً عن حقوق الإنسان والعدالة، وواجهت قمعاً شرساً قبل الثورة بسبب مواقفها الشجاعة"، مبينة أنه برغم من تدهور وضعها الصحي، إلا أنها تواصل معركتها بشجاعة استثنائية "أقل ما يمكننا فعله هو الوقوف بجانبها ومساندتها".
وأكدت أن قضية سهام بن سدرين ليست قضية فردية، بل تمثل انعكاساً لواقع سجينات الرأي في تونس، فهناك أسماء نساء أخريات تعشن ظروفاً مماثلة، مثل سنية الدهماني، وشريفة الرياحي، وسلوى غريسة، والصحفية شذى وسعدية بن مصباح "نحن هنا لدعم كل سجينات الرأي، ونؤكد أننا سنواصل الضغط لإطلاق سراحهن جميعاً، فسهام بن سدرين ليست فقط معتقلة ظلماً، إنما رمز للمرأة الرافضة للاستبداد كذلك".
ومن جهتها أوضحت الكاتبة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات هالة بن سالم أن "الإجراءات القانونية التي واجهتها سهام بن سدرين تعد انتهاكاً صريحاً للقانون، إذ تستند التهم الموجهة إليها إلى عملها ضمن هيئة الحقيقة والكرامة، وهو عمل يحميه القانون، وتلك التهم ليست سوى وسيلة لاستهدافها سياسياً بسبب شجاعتها ومواقفها ضد الظلم".
ونوهت إلى أن هيئة الدفاع عن سهام بن سدرين لم يتم إبلاغها بتدهور حالتها الصحية، إلا بعد ساعات طويلة من نقلها إلى المستشفى، وأن الوضع الصحي الحالي يثير قلقاً بالغاً، خاصة مع استمرارها في الإضراب عن الطعام، لافتةً إلى أنه بالرغم من أن سهام بن سدرين قدمت جميع الضمانات القانونية المطلوبة قبل اعتقالها، بما في ذلك حضورها المتكرر للاستدعاءات الأمنية، إلا أنها أُودعت السجن دون محاكمة عادلة.
ولفتت إلى أن قضيتها تتجاوز حدود الظلم الفردي، فهي تعكس نمطاً من الاستهداف الذي يطال النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في تونس "لا بد من إنهاء هذا الاعتقال التعسفي على الفور، وأدعوا الجمعيات النسوية والحقوقية لتكثيف الحملات التضامنية الأسبوعية، لأن قضيتها تمثل نضالاً جماعياً ضد القمع الذي يطال الحريات الأساسية للنساء والناشطات في تونس".
وتواجه سهام بن سدرين المحاكمة بسبب عملها كرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، التي كانت مسؤولة عن جهود العدالة الانتقالية بعد الثورة، ووفقاً للقانون التونسي، لا يجوز مساءلة أعضاء الهيئة عن مهامهم الرسمية، ومع تقدمها في السن ودخولها الأسبوع الثالث من الإضراب، يتفاقم القلق بشأن صحتها، حيث أن الجمعيات الحقوقية حملت السلطات المسؤولية الكاملة عن أي تدهور إضافي في حالتها الصحية.
وفي مواجهة هذا الوضع الإنساني والسياسي الحرج، يبقى السؤال مطروحاً، هل ستتجاوب السلطات مع الدعوات الحقوقية لإنهاء اعتقال سهام بن سدرين وضمان حقها في محاكمة عادلة؟ أم أن معركة الأمعاء الخاوية ستظل مفتوحة على سيناريوهات أكثر خطورة؟