صورة تجسد مقاومة مخمور

تحولت مقاومة ونضال خاني بانك البالغة من العمر 90 عاماً في مخيم مخمور بإقليم كردستان على مدى سنوات طويلة إلى رمز لمقاومة المخيم.

نوبلدا دنيز

مخمور ـ يتعرض أهالي بوطان الذين اضطروا للهجرة من شمال كردستان إلى إقليم كردستان في عام 1994 بسبب قمع الدولة التركية وضغوطاتها، مرة أخرى خلال هذه الهجرة إلى العديد من الآلام والمعاناة من قبل تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني.

نساء وأطفال وشيوخ ناضلوا ضد جميع هجمات وضغوط الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني خلال مسيرة تنقلهم بين سبعة مخيمات مثل مخيم بيهير، شرانيش، بيرسيفي، وادي القيامة، أتروش، نينوفا ونهداران، وفقد العديد من النساء والأطفال وكبار السن حياتهم في هذه الهجمات.

 

مقاومة الأهالي

في عام 1998 استقر الأهالي على منحدرات جبل قرجوخ في منطقة مخمور، صحراء بلا ماء وجافة مليئة بالثعابين والعقارب، وفي تلك الصحراء الجافة، بنوا حياتهم من العدم ونصبوا الخيم. بعد سبعة مخيمات نزوح حول أهالي بوطان تلك الصحراء إلى مكان للعيش بأيدي النساء والشعوب.

منذ 30 عاماً والنساء تقاومن ضد كل الهجمات والقمع والاضطهاد، فالدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني، اللذان كانا يحاولان تفريق أهالي مخمور من خلال الهجمات والقمع والحصار، لم يحصدا أي نتيجة من هجماتهم. تستهدف الدولة التركية أهالي مخمور منذ سنوات وبسبب الغارات الجوية، فقد العشرات من سكان المخيم حياتهم أو أصيبوا.

إلى جانب تلك الهجمات، وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 2021، أرادت القوات العراقية فجأة دخول مخمور وتطويق المخيم بأكمله بأسوار، لكن أهالي مخمور أبدوا مقاومة كبيرة ضد تلك المحاولات ولم يسمحوا للعراق بتسييج المنطقة المحيطة بالمخيم وأجبروا القوات على الانسحاب، ورغم ذلك وفي الصباح الباكر من يوم 20 أيار/مايو، أراد الجيش العراقي عبر قوة عسكرية كبيرة إحاطة المخيم بالأسلاك ووضع نقاط حول المخيم. توجه أهالي المخيم من عمر السابعة وحتى الـ 70 إلى الموقع واحتجوا على هذه المحاولة. إحدى النساء اللواتي انتشرت صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت رمزاً لمقاومة مخمور ضد الحصار هي خاني بانك البالغة من العمر 90 عاماً.

 

صورة تجسد ثلاثة عقود من المقاومة

غربت إلهام البالغة من العمر 13 عاماً والتي ولدت في المخيم، أمضت حياتها ضمن المقاومة. في سن مبكرة فقدت والدها نتيجة الهجوم الجوي للدولة التركية ونشأت في خضم هذه المقاومة. وشاركت في مقاومة الأهالي في اللحظات الأولى من المساعي الأخير للقوات العراقية لتطويق المخيم، وأرادت نقل اللحظة ومقاومة الأهالي إلى العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

إحدى الصور التي التقطتها غربت إلهام ولفتت انتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعي هي صورة خاني بانك التي تبلغ من العمر أكثر من 90 عاماً، جالسة على أرض إسمنتية في مواجهة الشرطة العراقية التي حاصرت الأهالي بالبنادق والمدرعات.

 

أصبحت خاني بانك رائدة للمقاومة

خاني بانك التي شاركت في هذه المقاومة والنضال منذ 30 عاماً، ضحت بما يقارب نصف حياتها في هذا السبيل، وتعرفت على حركة الحرية في سن مبكرة، وواصلت علاقتها بحركة الحرية بإرادتها ونضالها، مما أتاح لاثنين من أبنائها بالانضمام إلى النضال حتى آخر لحظة في حياتهم.

ولا تزال خاني بانك متمسكة بعهد الحرية والانتقام لأبنائها من خلال إرادتها ومقاومتها، وكما في كل هجوم وحصار يتعرض له المخيم، كانت خلال هذا الهجوم أيضاً امرأة وأماً لاثنين من الشهداء ورفيقة لشعبها، وأصبحت رائدة للمقاومة ورمزاً لها ضد محاولات القوات العراقية تطويق المخيم.

 

مقاومة خاني بانك بعدسة غربت إلهام

التقطت غربت إلهام عبر الهاتف المحمول الخاص بها، لحظات خاني بانك التي كانت جالسة على أرضية خرسانية رغم الظروف الجوية، ضد القوات العراقية التي حاصرت الناس بالأسلحة والدروع، ونشرت تلك الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وجذبت هذه الصورة الكثير من الاهتمام ووصفت لحظات الهجوم بهذه الكلمات "بعد أن سمعنا أن الجيش العراقي جاء إلى هنا ليحاصرنا، جاء شعبنا إلى المكان ونظموا اعتصاماً. أنا أيضاً جئت إلى جانب أصدقائي الذي يقفون أمام الجنود. رأيت خاني بانك تجلس في مواجهة الجيش العراقي وتقاوم، فهي لم تقبل حصار المخيم وكانت تتصدى للجنود من أجل حريتها وحرية أهلها رغم الظروف الجوية السيئة، وشاركت الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. خاني بانك امرأة كبيرة في السن، لكن إرادتها في يوم الهجوم أبهرتني كثيراً. وفي يوم الهجوم كانت جالسة على الطريق ضد هؤلاء الجنود تدافع عن حريتها ولا تسمح بتطويق المخيم".

 

"جميع أهالي مخمور يقاومون"

وعن هدفها من التقاط تلك الصورة ونشرها، تقول "الأمر الذي دفعني إلى التقاط صورتها هو أنها كانت تجلس في مواجهة الجيش العراقي وتعبر عن إرادتها. عندما التقطت صورتها، التقطت أيضاً صورة لشقيقتي البالغة من العمر سبعة أعوام. عندما قمت بنشرها، كان هدفي أن يعرف العالم بأسره أن الأهالي جميعاً مقاومون من عمر السابعة إلى السبعين، ولا يستسلمون لأحد".