شيرين علم هولي ... سنوات من عدم اليقين والاستجواب والإعدام
جسدت شيرين علم هولي من خلال رسائلها التي كتبتها أثناء فترة سجنها، الألم والحرمان الذي واجهته واستطاعت في الوقت ذاته تحويل معاناتها إلى قوة وإلهام، كما أصبحت إلى جانب الذين تم إعدامهم جزءاً من الذاكرة.

فيان مهربارفار
مهاباد ـ وصفت السجينة السياسية الكردية شيرين علم هولي، في إحدى رسائلها بعد إقامتها لمدة ثلاث سنوات في سجن إيفين، فترة من عدم اليقين والاستجواب والإعدام، والتي عكست تجربتها الشخصية في عملية المحاكمة وظروف السجن.
"دخلت فترة سجني عامها الثالث، أي ثلاث سنوات من الحياة المؤلمة خلف القضبان في سجن إيفين، قضيت عامين منها في حالة من عدم اليقين، دون محامٍ ودون مذكرة اعتقال، خلال هذه الفترة، مررت بأيام مريرة، وبعدها بدأت فترة الاستجواب في الجناح 209 قضيت بقية فترة السجن في جناح عام، لا يستجيبون لطلباتي المتكررة للحصول على مهمة، وفي النهاية حكم علي ظلماً بالإعدام، لماذا أنا مسجون أو يجب أن أعدم؟ هل الجواب لأنني كردي؟ لذلك أقول لقد ولدت كردياً وعانيت من الحرمان بسبب كوني كردياً".
هذه الكلمات جزء من رسالة السجينة السياسية الكردية شيرين علم هولي التي أعدمت عام 2010، مع فرزاد كمانجار، وعلي حيدريان، وفرهاد وكيلي، ومهدي إسلاميان، وصدرت هذه الأحكام بعد إجراءات قضائية قصيرة، وأثار إعدامهم ردود فعل داخل البلاد وخارجها، وشهدت بعض المناطق بما في ذلك مناطق شرق كردستان إضرابات واحتجاجات عامة، كما لم يتم تسليم جثثهم إلى ذويهم، ولا يزال هذا الحدث يتردد صداه في الذاكرة الجماعية لبعض المجموعات الاجتماعية والسياسية.
زهرة المقاومة جذر النضال
شرعت شيرين علم هولي، وهي امرأة من قرية ماكو البرية، في مسار المعارضة لهذه الهياكل بعد أن عاشت وفهمت التمييز الذي كان موجوداً ضد هويتها الكردية وكونها امرأة حولت وقتها في السجن إلى مساحة لممارسة معتقداتها واستمرت في أنشطتها الفكرية والكتابية حتى في ظل ظروف محدودة، ويقال إنها كانت من أوائل النساء اللاتي كتبن شعار Jin Jiyan Azadî في السجن والذي طالما تم تكراره لاحقاً في الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، وتحدث بعض الناشطين الاجتماعيين وناشطات حقوق المرأة عن تأثير تجاربها وكتاباتها على حياتهم.
وبينت الناشطة النسائية في مهاباد سيما. ك مدى تأثيرها برسائل الناشطة السياسية شيرين علم هولي قائلة "كانت رسائلها وحياتها مصدر إلهام لي وللكثيرين من النساء، لم تستسلم للضغوطات بل تعلمت اللغة الفارسية في السجن، ورغم تحمّلها التعذيب كان لديها نهجٌ هادفٌ في الحياة ، مشيرةً إلى أنها في لحظات حياتها التي شعرت فيها بالضعف أو انعدام الأمان، ألهمتها ذكراها".
من جانبها قالت كيميا شريفي (اسم مستعار)، إحدى معتقلات احتجاجات عام 2022 "تعرّفتُ على رسائل شيرين علم هولي في ذكرى إعدامها، كان هذا التعارف في مراهقتي، ولاحقاً وأثناء مشاركتي في الاحتجاجات، وأثناء الاعتقالات، ومواجهتي للمحققين كانت ذكرى شيرين علم هولي الجميلة بمثابة دعمٍ وعلامة مقاومة لي".
19 مايو "يوم المعلم"
أدى إعدام خمسة سجناء سياسيين في أيار/مايو الجاري إلى إحياء ذكرى فرزاد كمانجار وشيرين علم هولي في شرق كردستان وبعض المناطق الأخرى من إيران، تعلمت شيرين علم هولي ودرّست في السجن، ولعب فرزاد كمانجار كمدرس دوراً مؤثراً في العملية التعليمية، رسالة بعنوان "كن قوياً أيها الرفيق" من كامانجار لفت انتباه بعض المعلمين اليوم، حيث قالت كازيوه.أ، معلمة في المرحلة الثانوية، في إشارة إلى مسيرة فرزاد كمانجار "طلابنا خاصة الفتيات تتعرضن لأنظمة ظالمة منذ الصغر وهذا يدفعهم إلى التساؤل والتأمل، يصعب على المعلم استيعاب هذا الوضع، أسعى جاهدةً لاتباع نهج الرامي في التعليم حتى يظل الجيل القادم وفياً لأحلامه".
" مع كل مكالمة هاتفية يشعرون بالرعب"
في جزء من رسالة كتبتها شيرين علم هولي من السجن، أشارت إلى قضية الإعدامات وإصدار الأحكام القاسية، خاصة ضد الكرد قائلة "عيون الأمهات الكرديات مليئة بالدموع كل يوم، في انتظار رؤية أبنائهن، يشعرون بالقلق الدائم بشأن ما قد يحدث، ومع كل مكالمة هاتفية، فإنهم يخشون سماع خبر إعدام أبنائهم".
وتعد إيران من بين الدول ذات أعلى معدل الإعدام مقارنة بعدد السكان، وفي السنوات الأخيرة تم استخدام هذه العقوبة كأداة لمواجهة الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، لكن إعدام النشطاء لم يمنع انتشار روايات وذكريات النضال واستمرت حركات الاحتجاج في مناطق مختلفة، بما في ذلك في شرق كردستان، والذي يدل على استمرار التيارات الفكرية والنضالية التي لم تتوقف حتى مع التصفية الجسدية للأفراد.