نوروز أويسال: القضية الكردية في قلب الحوار ودعوات السلام متجددة
أكدت نوروز أويسال أصلان المحامية السابقة للقائد أوجلان والنائبة عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، في البرلمان أن قضية السلام باتت تحظى بأهمية واضحة داخل الدولة التركية، مشددةً على ضرورة تسليط الضوء على تداعيات عدم تنفيذ خطواتها.
هيلين أحمد
السليمانية ـ تتواصل الدعوات إلى السلام في الشرق الأوسط منذ أكثر من عام، مستندة إلى دعوات القائد عبد الله أوجلان، الذي يطالب بهدنة شاملة بين شعوب العالم، ويؤكد أن قضية السلام والوحدة أصبحت واضحة وملموسة لدى المواطنين.
حظيت دعوة القائد أوجلان بتحقيق سلام عالمي باهتمام واسع على المستويين السياسي والإعلامي، إلى جانب دعم دولي متزايد، ويُعد الحوار مع الدولة التركية خطوة محورية، حيث يتصدر القائد أوجلان قيادة هذا المسار، ويطرح رؤية استراتيجية لتحقيق السلام، عبر تأسيس أرضية سياسية متينة لا تتأثر بالأزمات أو التغيرات، وتُبنى على لغة تعترف بالكرد وتُرسّخ في مجتمع يسعى للحرية.
ورغم أن الشعب الكردي يتعامل مع قضية السلام بجدية، فإن هدفه الأساسي هو نيل الحقوق المشروعة داخل تركيا، إلى جانب تعزيز السلام والوحدة في الشرق الأوسط. ويطالب الكرد الدولة التركية بتحمل مسؤولياتها تجاه هذه القضية، والعمل على معالجتها بشكل منهجي ومنظم.
في المقابل، يواصل الشعب الكردي خطواته السياسية والاستراتيجية نحو تحقيق السلام، ويكثّف من نشاطاته ومقاومته، مؤمناً بأن الحل يكمن في الحوار، التفاهم.
"السلام لا يُبنى على الإنكار بل على الاعتراف والعدالة"
نوروز أويسال أصلان، والمحامية السابقة عن القائد أوجلان والنائبة عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أكدت أن قضية السلام لا تعتمد على انتظار الدولة التركية، بل على الإرادة السياسية، مشيرةً إلى أن هذه الإرادة بدأت فعلياً في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتواصلت في الثاني والعشرين من ذات الشهر بنداء القائد أوجلان، ثم ارتبطت بمطلب الأمل الموجه إليه، وصولاً إلى السادس والعشرين من الشهر ذاته، حيث شهدت القضية انطلاقة واضحة.
وأوضحت أن القائد أوجلان يرى في قضية السلام مع تركيا باباً يجب فتحه أمام الشعب الكردي، معتبراً أن السلام والمجتمع الديمقراطي يمثلان أهمية بالغة للكرد، بينما تتعامل الدولة التركية مع القضية من منظور إنكاري، في حين ينظر إليها الكرد من زاوية الأخوة والوحدة.
ودعت الدولة التركية إلى اتخاذ خطوات إيجابية، مؤكدةً أن العمل على أساس السلام يتطلب لغة قبول، لا سياسات الحظر والتهميش التي تمارسها تركيا بحق اللغة والهوية الكردية، والتي ترتبط في جوهرها بمسألة الأمن الداخلي.
وأضافت أن هذه السياسات تهدف إلى تقويض حقوق الكرد، وتُستخدم كأداة للهيمنة السياسية، ما يتطلب من الجميع التمييز بين هذه الممارسات، مشيرةً إلى أن القائد أوجلان يعتبر قضية السلام وسيلة لكشف هذه السياسات، مؤكدةً أن مطالب الكرد على مدار 30 عاماً كانت واضحة وديمقراطية، وأن الدولة التركية بدورها لديها مطالب، لكنها لم تتخذ خطوات جدية نحو السلام رغم وجود الإرادة الثنائية.
وشددت على أن تأسيس سياسة ديمقراطية يتطلب إرادة مشتركة، وإذا تم تنفيذ المطالب والتوقعات داخل تركيا بشكل عملي، فسيكون بالإمكان طرح الأسئلة الجوهرية حول الاحتياجات، سواء من قبل الكرد أو الأتراك أو المدافعين عن حقوق الإنسان، لأن الجميع يدرك أهمية الحقوق في تحقيق العدالة الإنسانية.
وأشارت نوروز أويسال أصلان إلى أن قضية السلام، تتطلب رفع القيود القانونية من أجل دفع العملية إلى الأمام، فإذا لم تتخذ الدولة التركية خطوات فعلية، فإن المسار سيتوقف تماماً، مما سيؤدي إلى عرقلة سياسية متزايدة، وفي حال زوال هذه العوائق، فإن القائد أوجلان سيواصل اتخاذ خطوات أكثر أهمية لضمان استمرار العملية، ما يستدعي تنفيذ القوانين اللازمة لدعمها.
ولفتت إلى أن "الإرادة السياسية ضرورية، لكنها وحدها لا تكفي، ويجب أن تُترجم إلى خطوات ملموسة، ففي المرحلة الأولى، أطلق القائد أوجلان كردي دعوة مهمة وسط هذا الوضع، بهدف دفع العملية إلى الأمام، لكن استمرار اعتقاله وعزله غير مقبول، ويجب أن تتحول قضية الإفراج عنه إلى محور أساسي في عمل اللجان المختصة، وأن يُنظر إلى حريته كشرط رئيسي".
وبيّنت أن ذلك يمكن تحقيقه عبر لجنة خاصة، أو من خلال تفعيل حق الأمل، أو عبر لجان برلمانية مختلفة، أو حتى من خلال المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان "في هذه المرحلة، يُعد الإفراج عن القائد أوجلان ضرورة أساسية، ويجب اتخاذ خطوة حاسمة بهذا الشأن".
"حرية القائد أوجلان شرط أساسي لتحقيق السلام"
وأكدت نوروز أويسال أصلان أن "تجاهل حل القضية الكردية في الشرق الأوسط يعيدنا إلى واقع اعتقال القائد أوجلان المستمر منذ 27 عاماً"، مشددةً على أن أي إرادة حقيقية للتسوية يجب أن تبدأ بخطوة مؤثرة تجاه هذا الوضع "السلام لا يمكن تحقيقه دون الاعتراف الشعبي بالقيادة، وقد أثبت الشعب الكردي أن قائده الوحيد هو أوجلان، ما دفع الدولة التركية إلى التوجه إليه بطلبات تتعلق بالسلام والسعي للحوار معه".
وأشارت إلى أن ظروف الاعتقال المفروضة على القائد أوجلان تحت غطاء "اللجنة" تهدف إلى تقويض دوره، حيث لم يُمنح سوى فرص محدودة جداً للقاء عائلته ومحاميه خلال عام كامل، ورغم ذلك تحقق تقدم كبير في مسار القضية "في حال الإفراج عنه، سيتمكن من التواصل مع المجتمع، وإعداد تقارير، والتفاعل مع الإعلام، وإجراء حوارات سياسية، مما سيمنح العملية دفعة قوية وأملاً واسعاً".
وبيّنت أن الدولة التركية تسعى من خلال سياسة استمرار اعتقال القائد أوجلان إلى تحقيق هدفين، الأول الحفاظ على الإطار الذي رسمته حوله كي لا يتعارض مع سياساتها، والثاني، منع خروج العملية من سيطرتها، لأنها تدرك أن القائد أوجلان لا يتحدث عن الحاضر فقط، بل يمتلك رؤية استراتيجية تمتد لأكثر من 20 عاماً، لذلك، تحاول تركيا تقييد قدراته الفكرية ورؤيته المستقبلية، وهي سياسة مرتبطة بشكل مباشر بمسار السلام.
ولفتت الانتباه إلى أن حرمان القائد أوجلان من حريته يشكل عائقاً حقيقياً أمام تقدم عملية السلام، مؤكدةً أن التجارب العالمية أثبتت أن أي عملية سلام لا يمكن أن تتقدم في ظل السجن والعزلة، وفي هذا السياق المحدود، تُظهر دعواته ومقترحاته مدى قوته الفكرية، ما يجعل استمرار اعتقاله أمراً غير مقبول بالنسبة للشعب الكردي.
"لا سلام دون مجتمع ديمقراطي وحرية المرأة"
وشددت نوروز أويسال أصلان على أن حرية القائد أوجلان ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحرية المرأة، وأن "المرحلة الراهنة لا تخص الدولة أو الحكومة أو حركة الحرية وحدهم، بل تتطلب انخراط المجتمع بأكمله، فالسلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه دون وجود مجتمع ديمقراطي، وإذا سعت الدولة إلى السلام دون السماح بقيام هذا المجتمع، فإن العملية ستفقد معناها وتتجه نحو طريق مسدود".
وأوضحت أن "بناء مجتمع ديمقراطي وسلام مستدام لا يمكن أن يترافق مع قمع النساء أو تهميشهن، فالقائد أوجلان لطالما اعتبر حرية المرأة شرطاً أساسياً لحرية المجتمع، وفي تقييماته الأخيرة، أكد أن من لا يستطيع التحاور مع المرأة لا يمكنه الادعاء بأنه اشتراكي، وقد وجّه منذ البداية وحتى اليوم رسائل خاصة وتحيات مباشرة للنساء، تعبيراً عن إيمانه العميق بدورهن في هذه المرحلة المفصلية".
وتساءلت في ختام حديثها "كيف يمكننا أن نعيش حياة حرة؟ كيف تعيش المرأة الكردية في ظل هذا الواقع؟ فاللغة والثقافة والفن ليست كافية لتحقيق الحرية، بل نحتاج إلى رؤية حقيقية داخل حياة حرة، ولهذا، فإن حرية المرأة ليست قضية هامشية، بل جوهرية في مسار السلام، فإذا اجتمع المجتمع والدولة، لكن المرأة بقيت مقيدة، فإن ذلك يعني غياب الديمقراطية الحقيقية، ويجعل من السلام مجرد شعار فارغ من مضمونه".