نساء كوباني: الحكومة السورية المؤقتة عاجزة عن حماية المكونات

أكدت نساء مدينة كوباني التابعة لمقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا، أن ما شهدته مدينة السويداء من تصاعد في أعمال العنف والاقتتال الداخلي يُعد بمثابة حرب أهلية، وصلت في حدتها إلى مستوى جرائم الحرب وفقاً للمعايير الدولية.

برجم جودي

كوباني ـ تعرضت الطائفة الدرزية في مدينة السويداء السورية في الثالث عشر من تموز/يوليو الجاري لهجمات ممنهجة من قبل فصائل مسلحة تابعة لجهاديي هيئة تحرير الشام، ارتكبت بحق أهالي المدينة عشرات المجازر والأعمال الوحشية التي تعتبر انتهاك للمبادئ الإنسانية، في ظل غياب الحماية والمساءلة.

أحداث العنف التي شهدتها مدينة السويداء في الثالث عشر من تموز/يوليو الجاري والتي نُفذت بنفس الطريقة في الساحل السوري سابقاً ضد الطائفة العلوية جلبت معها مئات الحوادث والمجازر، وتُظهر الصور والفيديوهات والمعلومات المتداولة عن الوضع في السويداء مستوى الكراهية والوحشية التي مارسها عناصر هيئة تحرير الشام باسم "قوات الأمن العام".

وحول الهجمات ضد الطوائف في سوريا والمجازر التي جرت في الساحل السوري ومدينة السويداء قالت عضوة دار المرأة في مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا نجمة علي "مر الشعب السوري بسنوات طويلة من القمع والعنف في ظل حكم النظام السوري ومع انهياره، ظهرت ممارسات داعش من جديد ولكن هذه المرة على امتداد الأراضي السورية تحت مسمى مختلف، ورغم تغيير الاسم إلا أن الجوهر بقي على حاله، فالقوة التي تتحكم في سوريا اليوم تحمل فكر داعش وسلوكياته".

وأشارت إلى أنه منذ سقوط النظام السوري شهدت مدن مختلفة من البلاد العديد من المجازر وعمليات الإبادة، امتدت من منبج إلى الساحل وصولاً إلى السويداء حيث نُهبت المنازل ودُمّرت المدن وتعرّض المدنيين للقتل والاختطاف، مؤكدةً أن الواقع الحالي في سوريا يُظهر غياب أي حقوق أو مستقبل يضمن مكاناً آمناً لمكوناتها المتنوعة "إن سوريا عُرفت منذ تأسيسها بتعددها العرقي والديني والإثني، حيث عاشت جميع مكوناتها جنباً إلى جنب، ومع ذلك فإن الحكومة التي تتبنى نهجاً جهادياً ترفض تحمل مسؤولية ما يجري وتُلقي باللوم على القبائل العربية مدعيةً أنهم المسؤولون عن هذه الجرائم، وفي ظل هذا العجز عن فرض السيطرة وضمان الأمن ومنع المجازر لا يمكن اعتبارها حكومة حقيقية".

 

"دعم المرأة وتضامنها ضرورة ملحة"

وأكدت نجمة علي أن سوريا أصبحت منطقة خطرة على النساء "إذا استمرت هذه الحرب الأهلية على هذا النحو فلن تبقى هناك مكونات في سوريا وسيبقى فيها لون ولغة وأمة واحدة فقط، تُهدد هذه المجموعات باستمرار مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وتقول إنه بعد القضاء على العلويين والدروز سنتوجه إلى الكرد".

وأوضحت أنه في إقليم شمال وشرق سوريا تعيش المكونات والطوائف المختلفة ويشكّل هذا التعدد مثالاً حياً للتعايش والسلام، إلا أن الجماعات الظلامية تسعى جاهدة لتقويض هذا التلاحم مهددةً الاستقرار الذي بناه أهالي المنطقة بجهودهم ونضالهم "أودّ لفت الانتباه إلى نقطة واحدة وهي أن هذه الأحداث التي نشهدها أكبر تهديد على مستقبل النساء، لذلك كنساء نريد وطناً آمناً خال من الانتهاكات والقتل والخطف والاعتداء والاغتصاب، لذلك يجب على النساء السوريات تعزيز تضامنهن ورفع أصواتهن في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى، ونحن كنساء إقليم شمال وشرق سوريا مستعدات لتقديم الدعم والمساندة".

ما جرى في السويداء في 16 تموز/يوليو الجاري يُعد من أكثر الأحداث المأساوية توثيقاً حيث نفذت العصابات الجهادية مجزرة مروعة في مستشفى السويداء راح ضحيتها جميع أفراد كادر المشفى بالإضافة إلى المرضى والجرحى الموجودين فيه، وبحسب المعلومات قُتل أكثر من 200 شخص داخل المستشفى.

 

"قتل العاملين في القطاع الصحي جريمة لا تُغتفر"

من جانبها عبرت الطبيبة أفين خليل عن موقفها من الجرائم والأعمال التي ارتكبت بحق العاملين في مجال الصحة قائلة "على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية أصبحت سوريا ساحة حرب وصراع عرقي ويُعتبر استهداف العاملين في المجال الصحي والصحفيين خطوطاً حمراء وفق القانون الدولي الإنساني، لما يؤدونه من أدوار إنسانية لا تُقدّر بثمن، لكن الواقع في سوريا يناقض كل المعايير فالأطباء والممرضون الذين يعالجون الجرحى دون تمييز باتوا أهدافاً مباشرة على الرغم من أن واجبهم الإنساني يُحتّم عليهم إنقاذ الأرواح"، مؤكدةً "للأسف في الحرب والأحداث الجارية في سوريا نرى جميع هذه المعايير تُنتهك نرى شرائح كاملة من الطائفتين العلوية والدرزية تُذبح على أسس عرقية وطائفية، وفي وقت نحتاج فيه إلى المصالحة والسلام والاستقرار".

وأوضحت أنه من بين مئات الحوادث المأساوية التي شهدتها مدينة السويداء، كان الهجوم على المستشفى أكثرها وحشية، حيث قُتل الطاقم الطبي والمرضى والجرحى داخل المنشأة الصحية، وبما أن هذا الهجوم كان متعمداً فإنه يُعد مجزرة بكل المقاييس ويمثل جريمة حرب وفقاً للاتفاقيات والقوانين الدولية، معربة عن تضامنها الكامل مع الكوادر الطبية في السويداء.

وأكدت أنه "نشهد تكراراً لهذه الحوادث المؤلمة في مختلف أنحاء سوريا، فقد سبق أن تعرض إقليم شمال وشرق سوريا ومناطق في الساحل السوري إلى انتهاكات مشابهة، بما في ذلك خلال أحداث مقاومة سد تشرين، ونحن كعاملين في القطاع الصحي في مدينة كوباني، نؤكد استعدادنا التام لتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لأهالي السويداء، لقد أرسلت الإدارة الذاتية مساعدات إغاثية إلى المنطقة، ونحن نعتبر أنفسنا أمام مسؤولية إنسانية، ونبذل قصارى جهدنا لتقديم الدعم الطبي والمادي والمعنوي لهم".