نساء السويداء: تقرير المصير حق لا يُساوَم عليه

خرجت نساء مدينة السويداء السورية في احتجاج جديد للتأكيد على رفضهن لكل السلطات المفروضة ومطالبتهن بحق تقرير المصير، واستعادة المخطوفات والأراضي ومحاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدينة.

روشيل جونيور

السويداء ـ شددت الناشطات المشاركات في الاحتجاج الذي نُظم في السويداء على أن الاستقلال هو الضمانة الوحيدة لحماية الأهالي بعد ما تعرضوا له من قتل وتهجير، مؤكدات استمرارهن في رفع صوت السويداء للحرية والكرامة.

عادت نساء السويداء أمس الأربعاء العاشر من كانون الأول/ديسمبر، إلى ساحات المدينة في مشهد احتجاجي جديد، جددن فيه مطالبهن بحق تقرير المصير، ورفضن ما وصفنه بـ "التحرير الوهمي"، مؤكدات أن معركتهن الحقيقية تتمثل في تضميد جراح المدينة ومواجهة التحديات التي خلفتها الهجمات عليها، متمسكات بحقهن في الحرية والكرامة.

بدأ الاحتجاج بالتجمع في ساحة السرايا، التي تحمل رمزية عميقة بعد أن شهدت في تموز/يوليو الماضي أحداثاً دامية تحولت خلالها إلى ساحة إعدامات ميدانية فيما عُرف بـ "مجازر تموز". ومن هناك، انطلق الأهالي سيراً على الأقدام عبر شوارع المدينة باتجاه ساحة الكرامة، رافعين شعارات تطالب بحق تقرير المصير وتحقيق العدالة.

رفعت النساء المشاركات لافتات بيضاء تحمل رسائل مؤثرة، أبرزها "معتقلو السويداء لدى سلطة الإرهاب... حريتكم دين علينا". وقد عكست هذه اللافتات إصرار الأهالي على التمسك بالحرية والكرامة، والتأكيد على أن قضية المعتقلين والمختطفين والمختطفات تبقى محوراً أساسياً في نضالهم.

قالت خلود منذر، إحدى المشاركات في الاحتجاج، إن حضورهن اليوم يأتي كردّ مباشر على الهجمة العنيفة التي تعرضت لها السويداء على يد جهاديي هيئة تحرير الشام، مؤكدةً أن من حق الأهالي تقرير مصيرهم بأنفسهم.

وأضافت "مطالبنا واضحة، عودة المخطوفات، استعادة الأراضي، ومحاسبة كل من تورط في الاعتداء على المدينة"، مشددةً على أن أهالي السويداء سيبقون صفاً واحداً لإيصال صوتهم إلى العالم.

وجدّدت رحاب كمال الدين، إحدى أبرز الناشطات في ساحة الكرامة بالسويداء، موقفها الرافض لكل السلطات التي تعاقبت على المدينة، بدءاً من نظام الأسد وصولاً إلى الجولاني، الذي كان "قائداً لتنظيم مصنّف إرهابي"، مؤكدةً أنه "من المستحيل أن يبني حكومة أو يتحول إلى طرف مسالم".

واستعادت ذكرى أحداث عام 2018، حين اقتحمت مجموعات مسلّحة مدينة السويداء وارتكبت جرائم قتل وإهانة بحق الأهالي، مؤكدةً أن تلك التجربة أثبتت استحالة التعامل مع هذه القوى "اليوم يتحدثون عن تحرير لا نفهم معناه، فقد انتقلنا من حكم بعثي إلى حكم سلفي، ولم يتغير شيء في حياة الناس".

وأكدت أن "مطلب أهالي السويداء الجوهري هو نيل حق تقرير المصير عبر الاستقلال، باعتباره الضمانة الوحيدة لحماية حقوقهم وضمان بقائهم بعيداً عن أي سلطة مفروضة"، واصفةً الحكومة المؤقتة بأنها "مجموعات مجرمة لم يسبق لها مثيل"، مشددةً على أن الأهالي لن يقبلوا بأي حكم قسري، وسيواصلون رفع صوتهم دفاعاً عن الحرية والكرامة.

من جانبها، عبّرت الناشطة خزامى البني عن رفضها الشديد لما وصفته بالممارسات "الممنهجة" التي يُمارسها جهاديي هيئة تحرير الشام بحق أهالي السويداء، مؤكدةً أن مطلبهم الجوهري يتمثل في حق تقرير المصير والاستقلال، باعتباره الضمانة الحقيقية لصون الكرامة والحرية.

وأشارت إلى أن أهالي السويداء كانوا في البداية متمسكين بوحدة الأرض السورية وبناء دولة تجمع كل السوريين، إلا أن هذا الحلم انهار بعد "الهجمة البربرية" التي طالت المدينة وما رافقها من قتل وإعدامات ميدانية وتهجير "هم من فصلوا المدينة عن سوريا، وليس نحن كما يدعون من خلال فرض أجنداتهم".

وأكدت أن قضية المغيّبين والمغيّبات، والقرى المحتلة، والقتلى، ما تزال في قلب وجدان أهالي السويداء، مشددةً على أن دماءهم "لا يمكن أن تُنسى مهما كان الثمن".

وفي ختام حديثها، وصفت مدينتها بأنها "سويداء الكرامة والحرية والأمل والفرح والحضارة"، مؤكدةً أنها مدينة لا تشبه سواها، وستبقى رمزاً للصمود والتمسك بالحقوق.

بدورها، أكدت الناشطة رهف الشحف، من لجنة تنظيم شهبا، خلال الاحتجاج أن الأهالي يجتمعون "للمرة الألف" لتجديد مطالبتهم بحق تقرير المصير، مشددةً على أن "السويداء باتت بحاجة ملحّة إلى الاستقلال ورفع الحصار المفروض عليها".