ندوة توعوية في بغداد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر
نظم البيت الثقافي الفيلي في بغداد ندوة توعوية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، تناولت فيها أسباب الظاهرة وسبل معالجتها، كما سلطت الضوء على تصاعد هذه الجريمة في العراق، واستغلال الفئات الهشة في أعمال مخالفة للقانون.

رجاء حميد رشيد
العراق ـ أكدت الناشطة شذى ناجي خلال الندوة أن جريمة الاتجار بالبشر تشهد تصاعداً مقلقاً في العراق، مع تسجيل حالات شبه يومية لاستغلال الفئات الهشة، مشددةً على أن القانون العراقي يفتقر إلى نصوص واضحة لحماية الضحايا أثناء سير الدعوى الجنائية، مقارنةً بتشريعات دول أخرى.
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، نظم البيت الثقافي الفيلي ندوة بعنوان "ظاهرة الاتجار بالبشر: الأسباب والمعالجات"، اليوم الاثنين 13 تشرين الأول/أكتوبر، في قاعة البيت الثقافي الفيلي ببغداد، تناولت الندوة، التي قدمتها الناشطة شذى ناجي، تعريف الاتجار بالبشر وفق المادة (3) من البروتوكول الدولي، باعتباره أحد أشكال الانتهاك للكرامة الإنسانية، وتجسيداً للاستغلال غير الإنساني للفرد.
وأوضحت أن هذه الظاهرة شهدت تصاعداً ملحوظاً في العراق خلال السنوات الأخيرة، حيث تُسجّل السلطات حالات شبه يومية لاستغلال فئات هشة كذوي الإعاقة والمشردين والفقراء، سواءً في العمل تحت ظروف صعبة، أو في مجالات مخالفة للقانون كالدعارة، التسول، أو تهريب الممنوعات، كما تطرقت إلى تفاقم ظاهرة الهجرة السرية بين الشباب نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
التعريف حسب القانون العراقي
وأشارت إلى أن المادة (1) من قانون مكافحة الاتجار بالبشر عرّفت الظاهرة بأنها تجنيد أشخاص أو نقلهم عن طريق التهديد بالقوة أو استخدامها، أو غير ذلك من أشكال الإكراه، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو تقديم أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص يملك سلطة على شخص آخر، وذلك بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة، أو الاستغلال الجنسي، أو السخرة، أو العمل القسري، أو الاسترقاق، أو التسول، أو المتاجرة بأعضائهم البشرية، أو لأغراض التجارب الطبية.
أنواع الاستغلال وأشكاله
وأوضحت أن ظاهرة الاتجار بالبشر تتحقق من خلال وسائل أو أدوات متعددة، من أبرزها النشاط والذي يقع بالتعامل مع شخص طبيعي من خلال تجنيده، أو نقله، أو تنقيله، أو إيوائه، أو استقباله، ويتم ذلك عبر وسائل منها التهديد بالقوة أو استعمالها، أو غير ذلك من أشكال الإكراه، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة ضعف، أو عبر إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال والذي يتمثل في استغلال الضحية في أعمال الدعارة أو غيرها من الممارسات القسرية مثل الاستغلال الجنسي، أو السخرة، أو الخدمة القسرية، أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء البشرية.
وبينت أنه من صور الاستغلال الجنسي، أن يقوم الجاني بالفعل الجنسي بنفسه ضد الضحية، أو يستغل الضحية في التصوير، أو في إيقاع آخرين، أو بطرق أخرى متعددة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، حيث أن الاستغلال الجنسي لغرض الدعارة كان يُعد جريمة قائمة بحد ذاتها قبل صدور قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وذلك وفقاً لقانون مكافحة البغاء رقم (8) لعام 1988، الذي عاقب السمسار أو من يعاونه بالسجن لمدة لا تزيد على سبع سنوات، ثم جاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 234 بتاريخ 30 تشرين الأول 2001 ليغلّظ العقوبة إلى الإعدام.
أما في قانون مكافحة الاتجار بالبشر، فالمادة (5) منه عاقبت بالسجن المؤقت، مما يُظهر تفاوتاً واضحاً بين التشريعات، الأمر ذاته ينطبق على جريمة الاستغلال الجنسي عبر اللواط بذكر أو أنثى بدون رضا الضحية أو تحت التهديد، إذ تصل العقوبة في هذه الحالة إلى الإعدام.
وأشارت إلى الاختطاف أيضاً وهي جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي بالإعدام وفقاً للمواد (421، 422، 423)، بموجب أمر مجلس الوزراء رقم 3 لعام 2004، بعد أن كانت العقوبة السجن مدى الحياة وفقاً لأمر سلطة الائتلاف رقم 31 (القسم 2/1)، مؤكدةً أنه ومع ذلك، فإن قانون مكافحة الاتجار بالبشر يعتبر الاختطاف مجرد وسيلة لارتكاب الجريمة، مما يجعل العقوبة أقل من العقوبة المنصوص عليها في القوانين الجنائية، وهو ما يُعد تناقضاً مع النظام العقابي السائد في العراق.
ولفتت إلى أن السُخرة وهي أحد أشكال الاتجار بالبشر، وتعني إجبار الشخص على العمل دون أجر، وتخرج هذه الحالة من إطار قانون العقوبات إلى إطار قانون العمل، حيث إن عدم دفع مستحقات العامل يعد من صور الاتجار بالبشر، إلى جانب الاسترقاق والذي يتمثل في تقييد حرية الأشخاص دون وجه حق، من خلال الحجز أو الاختطاف أو الاحتيال، وغالباً ما تحدث هذه الجريمة في المناطق النائية، حيث يصعب على الضحية اللجوء إلى السلطات ويُلاحظ أن القوانين العقابية العراقية لم تُشر بشكل صريح إلى هذه الجريمة.
وأوضحت أن المتاجرة بالأعضاء البشرية أو استخدامها لأغراض طبية، وهي من أبرز صور الاتجار بالبشر، وتشمل بيع الأعضاء أو إجراء تجارب طبية غير مشروعة على الضحايا.
الأسباب والمهام والإجراءات
وأوضحت أنه أبرز العوامل المسببة لظاهرة الاتجار بالبشر، منها ،عوامل اقتصادية، عوامل اجتماعية، مثل، العنف الأسري، والعنف السياسي "اللجنة المختصة بمكافحة الاتجار بالبشر تتولى مهام عديدة نصت عليها المادة (3) من قانون مكافحة الاتجار بالبشر العراقي من بينها، وضع الخطط والبرامج الخاصة بمكافحة الجريمة، تقديم التوصيات اللازمة ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، إعداد التقارير المتعلقة بالجريمة وفقاً للاتفاقيات الدولية ذات الصلة ورفعها للجهات المختصة، التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية لمساعدة الضحايا، تبادل المعلومات والخبرات مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية المختصة، اقتراح الإجراءات المناسبة لمساعدة الضحايا وحماية الشهود والمجني عليهم.
واختتمت حديثها بالإشارة إلى أهم الاجراءات لمساعدة الضحايا وهي تقديم المساعدة اللغوية للضحايا إذا كان الضحايا من غير العراقيات, تقديم المساعدة والمشورة القانونية والمعلومات الإرشادية لهنّ, توفير الحماية اللازمة للضحايا والشهود .
لكن القانون، لم يتضمن أي نصوص أو إجراءات خاصة بحماية الضحايا أثناء سير الدعوى الجنائية، ولم يُفرد مادة مستقلة لحماية المجني عليهنّ خلال إقامة الدعوى، كما هو الحال في التشريعات المقارنة مثل القانون المصري أو القطري.
وشهدت الندوة مداخلات قيمة من الحضور، مما أغنى النقاش بالمزيد من المعلومات والخبرات حول ظاهرة الاتجار بالبشر وطرق مواجهتها.