ندوة رقمية بعنوان "كفى للعنف والعدوان، لندعم الثورة النسائية"

تحت شعار "كفى للعنف والعدوان، لندعم الثورة النسائية"، نظم تحالف ندى الندوة الرقمية الإقليمية الثانية، في يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيمياوية.

كارولين بزي

بيروت ـ أكدت المشاركات في ندوة رقمية على ضرورة المشاركة السياسية للمرأة، واتخاذ المرأة خطوات ملموسة في حث المجتمع الإقليمي والدولي للتصدي للهجمات التركية والإيرانية. 

 

"التهجير والتغيير الديموغرافي"

استهلت الندوة الرقمية الإقليمية الثانية التي نظمها تحالف ندى أمس الخميس 30 تشرين الثاني/نوفمبر، رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، وتناولت موضوع استخدام الغاز الكيماوي ضد الشعوب والثقافات، مشيرةً إلى أن سياسات الدول الأربعة التي يتوزع فيها الكرد استبدادية ويمكن الحديث عن العديد من المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الكردي، وأنه على الرغم من أن نسبتهم هي النسبة الثانية في سوريا من حيث العدد، إلا أن الكرد لا يزالون يفتقدون لحقوقهم إن كان من سوريا أو في دول الجوار. 

وتابعت "منذ بداية الأزمة السورية قبل 12 عاماً، حاولنا وبشتى الوسائل وكشعب كردي أن نمارس نضالنا بشكل ديمقراطي حتى نحصل على حقوقنا في هذه المرحلة، حتى الآن استطعنا تحقيق الكثير من الخطوات المهمة والانجازات نتيجة نضالات قمنا بها كنساء في المنطقة، نظمنا أنفسنا ليس ككرديات فقط بل كان معنا نساء عربيات وسريان وأرمن من كل المكونات في شمال وشرق سوريا، فهناك نضال مشترك".

وحول سياسات الأنظمة الحاكمة تقول "النظام السوري لا يقبل بأن يعترف بوجود قضية مهمة منها قضية النساء ومنها قضية الشعب الكردي، وهناك اضطهاد لهاتين القضيتين. كما أن النظام التركي يقوم بهجمات شرسة بين فترة وأخرى على المنطقة، وهو يستهدف كل الإنجازات التي تحققت في المنطقة ولاسيما تلك التي قامت بها النساء بشكل خاص".

وذكرت عدة هجمات قامت بها الدولة التركية، ولفتت إلى الهجمات التي طالت عفرين في العام 2018 وهي مدينة يعيش فيها نحو مليون إنسان وفيها المرأة متساوية مع الرجل، بالإضافة إلى وجود مبادئ وقوانين وحقوق الإنسان، كما أنها مدينة متعددة الثقافات ويوجد فيها سلام على الرغم من الحصار المفروض على المنطقة منذ سبعة أعوام.

وأضافت "قامت الدولة التركية بتهجير أبناء المنطقة وبقي فيها نحو 20% من سكان المنطقة، وهم يقيمون في المخيمات في مختلف المناطق السورية وحتى خارج البلاد. قامت الدولة التركية بمهاجمة عفرين عبر غازات محرمة بهدف ضرب الوحدات التي كانت تدافع عن المنطقة، وغالبية هذه الأسلحة تقدم من حلف الناتو لتركيا وهو دعم لا محدود، وبالتالي هي استخدمت هذه الأسلحة، الدبابات كانت ألمانية والطائرات أمريكية، إلى جانب الغاز المحرم".

ولفتت إلى الهجمة الثانية والتي كانت على رأس العين/سري كانيه في عام 2019، استخدم الاحتلال التركي خلالها مختلف أنواع الأسلحة مما أدى إلى تهجير ما يقارب من 300 ألف شخص من بيوتهم، هم أيضاً نازحون يعيشون في المخيمات الآن.

وتابعت "تقوم تركيا بعملية تغيير ديموغرافي للمناطق التي هجرت أهلها، إذ تقوم بتتريك الثقافة، فهي تعلم اللغة التركية في منهاج التعليم، كما يتم استخدام الليرة التركية بالإضافة إلى المستوطنات التي تبينها وتقوم بجلب غرباء إلى المدينة. لدى تركيا مشروع خطير جداً وهي خطيرة على كل دول الشرق الأوسط".

 

"تركيا تتودد للعرب للحصول على ضوء أخضر من أجل التوغل البري"

ما تتعرض له منطقة شمال وشرق سوريا اليوم يشبه كثيراً ما عاشته المنطقة في السنوات الماضية، وقالت "منذ عشرة أيام والدولة التركية تهدد بالقيام بحملة برية، وهي استهدفت المنطقة مما أدى إلى استشهاد العديد من الأشخاص، كما استهدفت البنية التحتية في المنقطة، من محطات كهربائية وخزان الحبوب وآبار بترول. في هذا الإطار الدولة التركية تسعى إلى تهجير المنطقة بالكامل، وتستخدم كافة أنواع الأسلحة في سبيل إفراغ المنطقة من سكانها وتوطين غرباء عن المنطقة بغية التغيير الديموغرافي"، معتبرةً أن تركيا تتودد للدول العربية لكي تكسب رضاهم وتحصل على ضوء أخضر من أجل التحرك البري.

وأكدت على أنه "كنساء لدينا دور مهم لعدم فتح المجال أمام هكذا حملات. باعتبار أن النساء والأطفال أكثر من يتضررون من هكذا حملات عسكرية، فالنساء تتعرضن لشتى أنواع التعدي داخل المخيمات، وعلينا أن نكون أكثر حرصاً وتنظيماً لمواجهة هذه السياسات التي تقوم بها هذه الأنظمة. حتى أن النظام التركي يحاول أن يتودد للنظام السوري في سبيل التعاون الأمني، بهدف ترسيخ سياسته داخل سوريا"، وأسفت على الدول التي وضعت قوانين حقوق الإنسان والتي وقعت اتفاقات تحرم استخدام الأسلحة الكيماوية والتي لا زالت تلتزم الصمت تجاه ما تقوم به الدولة التركية "من الضروري أن نرفع صوتنا ونطالب بأن يتم محاكمة تركيا من قبل المحاكم الدولية".

وعن دور المرأة في مواجهة هذه التحركات، قالت إلهام أحمد "أرى بأن الموضوع لا يخص فقط النساء في شمال وشرق سوريا بل كل النساء السوريات، نتيجة الاتفاق بين تركيا وروسيا تم تهجير عشرات آلاف النساء وهن تتعرضن لشتى أنواع العنف في المخيمات". مشددةً على ضرورة مشاركة المرأة في السياسة وصنع القرار، مشيرةً إلى أن المرأة السورية باتت بعيدة عن العمل السياسي، والعقلية الذكورية هي التي تتحكم بالقرار السياسي".

وأضافت "أعتقد أنه يجب عدم ترك هذا المجال فارغاً كيلا يتم استغلاله من قبل الذهنية الذكورية، وعلينا كنساء أن ننشط في المجال السياسي لحل القضايا المهمة في البلاد، إذا كانت هناك قرارات متعلقة بالمرأة يجب أن يكون للمرأة دور في اتخاذ هذه القرارات ولا تترك الرجل يقرر عنها"، داعيةً التنظيمات النسائية للتحرك للمشاركة في اتخاذ القرارات المهمة والحقوقية في البلاد.

وتطرقت إلهام أحمد إلى تجربة المرأة في شمال وشرق سوريا، لافتةً إلى أن هذه التجربة ليست وليدة عشرة أعوام، بل للمرأة الكردية تاريخ طويل في النضال والعمل السياسي.

ولفتت إلى أن المرأة الكردية استفادت من تجارب الثورات العالمية التي لم تنظم فيها المرأة، وكان بعد انتصار الثورات يتم إنكار دور المرأة، لذلك بدأت المرأة في شمال وشرق سوريا بأخذ العبر وتهيئة نفسها مع بداية الأزمة، وكان من المهم جداً نقل التجربة للنساء الأخريات إن كان العربيات أو السريانيات أو الأرمنيات"، مشيرةً إلى أنه "خلال الأعوام الماضية عندما بدأت الأزمة السورية نظمت المرأة الكردية مجالسها ولجانها".

 

"إرادة المرأة الكردية أثرت على نساء العالم"

منذ أشهر تشهد مدن إيران وشرق كردستان تحركات شعبية لا بل ثورة نسوية انطلقت بعد مقتل الشابة جينا أميني، ثورة قادتها المرأة والتحق بها الشعب الإيراني بمختلف مكوناته. 

عن التجربة الإيرانية كان هناك مداخلة لعضوة منظومة المرأة الحرة في شرق كردستان "KJARأرين روجهلات التي نددت بالقمع والعدوان الذي تتعرض له المرأة في كل مكان.

وقالت "ما يجري من قمع وعدوان إنما يستهدف إرادة الشعب الكردي بشكل عام وإرادة المرأة الكردية بشكل خاص. ولأجل القضاء على المكاسب بشتى أنواع القمع والعدوان والقصف البري والمدفعي والجوي وحتى الأسلحة الكيماوية يتم استخدامها، هناك مقاتلون كرد يناضلون على جبال كردستان ويقاومون في وجه هذه الأسلحة الكيماوية".

وتابعت "إرادة المرأة الكردية في الأجزاء الأربعة من كردستان أثرت كثيراً على كل نساء العالم لأن فكر القائد عبد الله أوجلان هو الذي أوصل المرأة إلى مرحلة تستطيع أن تمثل فيها الحياة، وترفع شعار "Jin Jiyan Azadî" وخاصة في شرق كردستان والذي أصبح رمزاً للثورة ضد نظام ولاية الفقيه".

وأوضحت أنه "مؤخراً وبعد 43 عاماً من شتى أشكال القمع وسلب الحقوق والحريات بذهنية أبوية تستهدف المرأة من كل النواحي، تبين خلال الانتفاضة الأخيرة أن سياسة ولاية الفقيه لم تنجح بمآربها. بعد مقتل جينا أميني انتشرت شرارة الثورة في كل أرجاء إيران لاسيما بعد تراكم ردود فعل الشعب الإيراني في السنوات الأخيرة لكن بعد مقتل جينا اشتعلت الثورة أكثر فأكثر، خاصةً أنه في شرق كردستان لم تقبل المرأة أي نوع من العبودية ما دفع بالانتفاضة الأخيرة للانتشار في كل إيران".

وأضافت "هذا يمثل تاريخ المرأة الحي على الأراضي الإيرانية وفي شرق كردستان. يقال بأن المرأة هي رائدة الثورة وبطبيعة الحال فإن المرأة تقف في الصفوف الأمامية لمواجهة نظام ولاية الفقيه المستمرة منذ 43 عاماً. وهو النظام الذي يتبع سياسة فرق تسد وتبين بالنسبة للشعوب والنساء والهويات والأديان والمذاهب. لكن مع هذه الانتفاضة الأخيرة، تبين أن هذه السياسة لم تنجح لأن الشعار الأساسي إلى جانب "Jin Jiyan Azadî" برز شعار الاتحاد والوحدة بين الشعوب أو المكونات".

ولفتت إلى أن "إيران هي موزاييك الشعوب والحضارات والقوميات وتلعب دوراً محورياً من ناحية التعددية وهو ما انعكس على الثورة الإيرانية حيث اتحدت جميع هذه الشعوب ونادوا جميعهم بشعار Jin Jiyan Azadî".

 

"نفتخر بأن الانتفاضة الإيرانية تقودها المرأة"

وأكدت آرين روجهلات على أن "ما يجعلنا مفتخرات أكثر أن هذه الثورة الأخيرة في إيران تقودها النساء ولاسيما المرأة الكردية"، مشيرةً إلى أن المرأة كانت قد شاركت في الانتفاضات السابقة ولكنها الآن موجودة بشكل أقوى.

ولفتت إلى قضية شيلر رسولي التي تعرضت لمحاولة اغتصاب من قبل مسؤول رفيع المستوى ولكنها فضلت الموت على التعرض للاغتصاب. وبعد أسبوع فقط تم مقتل جينا أميني وهو ما أثار غضب الشارع وما جعل من شعار "Jin Jiyan Azadî" هو الذي يبرز في كل الأماكن. "هذه الثورة جعلت النظام الإيراني يتخبط، وهو يحاول أن يكسر إرادة الشعوب والنساء. يومياً في المدن الكردية في إيران يتم قتل النساء والأطفال بالإضافة إلى الاعتقالات التي وصلت إلى عشرات الآلاف".

وأشارت إلى أن "الهجمات على شرق كردستان وبلوشستان هي أكثر بكثير من باقي المدن الإيرانية، احصائيات الهجمات تأتي بالمرتبة الأولى في شرق كردستان وبلوشستان. إنها ثورة إيرانية ولكن النظام الإيراني يود أن يصبغها بصبغة قومية وعصبية لكي يلجأ إلى الإبادة والمجازر لذلك نجد أن النظام الإيراني يستهدف مراكز الأحزاب الكردية حتى في إقليم كردستان، وهو يريد أن يقول بأن هذه التحركات يقف خلفها الأحزاب لا الشعب بأكمله، بالمقابل الشعب يتبنى الثورة ومطالب وطموحات النساء اللواتي استشهدن في سبيل هذه الثورة".

وتابعت "كل يوم يوجد شهداء واعتقالات ولكن السياسة الممارسة بحق المناطق الكردية لها طابع خاص. فالجنود يسيرون في الشوارع الكردية ويطلقون الرصاص الحي على الناس بشكل عشوائي، وأيضاً هناك اعتقالات عشوائية وتعسفية، حتى الجرحى لا يتم استقبالهم في المستشفيات، ولكن في الوقت الذي يزيد النظام الإيراني من قمعه يصّعد الشعب الإيراني ثورته".

 

"يجب التصدي للانتهاكات الإيرانية والتركية في العراق"

عن التهديدات والهجمات التركية والإيرانية على إقليم كردستان، تحدثت في الندوة نائبة رئيس رابطة المرأة العراقية وشبكة النساء العراقيات سهيلة الأعسم، وقالت "نظمت مجموعة من الجمعيات النسوية حملة أوقفوا المسيرات التركية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، وذلك استنكاراً للقصف الذي تعرضت له العوائل المستقرة والعزل. ولكن بالرغم من ذلك تم انتهاك حرمتهم واستقرارهم وأمنهم حتى أن هذا القصف أدى إلى قتل وانتشار الخوف وتهجير بعض العوائل للحفاظ على حياتهم".

وتابعت "في ظل استمرار الهجمات التركية على المناطق العراقية ولاسيما إقليم كردستان بات الأمر ملحاً لإيقاف هذه الهجمات. كمنظمات نسوية وناشطات ونساء يهمنا استقرار المرأة أينما تكون، واستقرار العائلات لأن هذا القصف يؤثر على المرأة والأطفال".

وأضافت "نحن مجموعة من النساء العراقيات نستنكر هذه الهجمات والاعتداء السافر على السيادة العراقية، لأنه يؤدي إلى زعزعة الاستقرار. طالبنا من خلال الرسالة التي قمنا بتوجيهها للأمم المتحدة إلى مساندة العوائل العزل في عدة مناطق ولاسيما في إقليم كردستان الذين تأثروا وتم انتهاك حرمتهم. ومنذ فترة أيضاً كان هناك اعتداء على العوائل من قبل إيران، هذا انتهاك لسيادة العراق"، ولفتت إلى أن "القصف الإيراني ليس بجديد، وبالتالي يجب التصدي لهذه الاعتداءات".

وبمناسبة حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، اعتبرت أن هذه "الاعتداءات هي شكل من العنف الذي يمارس بحق المرأة والأسر، وكذلك بحق كل الكرديات والعربيات والإيزيديات".

وناشدت الجمعيات النسائية المجتمع الدولي حظر الطيران التركي وطالبت الحكومة العراقية بممارسة دورها الفعلي في حفظ سيادة العراق وحظر الأسلحة التي تنتهك أرواح المواطنين.

 

"حث الأطراف المحلية والدولية على الاعتراف باستخدام تركيا للأسلحة الكيماوية"

من جانبها لفتت عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الدكتورة دينا الطائي إلى أنه "لم يتم التعامل مع القضية الكردية بشكل منصف. نشهد قصف إيراني على مناطق إقليم كردستان بحجة وجود معارضة في مناطق إقليم كردستان واتهامها بأنها وراء الاحتجاجات في إيران علماً أن هذه الاحتجاجات نسائية". مستنكرة موقف الحكومة العراقية الخجول من الهجمات على إقليم كردستان.

واعتبرت أن هناك مصالح مشتركة تجمع النظامين الإيراني والعراقي الذي يستهدف غاز إيران من أجل توليد الطاقة الكهربائية، بينما يقوم النظام الإيراني بتصفية المعارضة الكردية ويستهدف إلى جانب المقرات الحزبية الشركات الاستثمارية في إقليم كردستان. 

ورأت بأن الحكومة في إقليم كردستان ليست بريئة مما يحصل بحق الكرد في المنطقة، لأنها لا تحمي الشعب الكردي. واعتبرت أن الرئيس التركي يحاول أن يستعيد الإمبراطورية العثمانية.

وفيما يتعلق بمشاركة النساء في السياسة، أكدت بأنه على "المرأة أن تتخذ خطوات ملموسة ولا نكتفي بالتنديد، علينا أن نوصل صوتنا للمجتمع الدولي، وإيجاد إعلام بديل لأن الإعلام وهو غالباً إعلام السلطة أو الأنظمة وأن نتحلى بالجرأة. عدم فعاليتنا كنساء في معالجة العلامات التحذيرية يسمح للإبادة أو للجريمة أن تصبح واقعية. علينا أن نحث الأطراف المحلية والإقليمية والدولية على الاعتراف وتوثيق استخدام الأسلحة الكيماوية التي تستخدمها تركيا ووضع حد للمسيرات الإيرانية التي تبيد الشعوب وتقضي على التعايش"، مشددةً على ضرورة مشاركة المرأة في العمل السياسي والمشاركة في اتخاذ القرار.