مع تحرير شنكال انعكست حقيقة تاريخ وثقافة المقاومة
في الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2015، أصبح تحرير شنكال من داعش دليلاً وحقيقة على تاريخ وثقافة المقاومة. بشجاعة نساء الجبال المقاومات، ومقاتلي YJA-Star، تم إنقاذ هذه الأرض القديمة والمكان المقدس ومأوى شعب الشمس.
زهرة شنكالي
القتال ضد مثيري الحرب، وأصالة النساء المقاومات ضد قتلة النساء، الشجاعة ضد القمع، الكفاح ضد الخيانة وكل العصور المظلمة. إن كفاح الفتيات والفتيان في بلد الشمس، كملحمة حديثة تحمل كل قيم الإنسانية في هذا العصر، أصبحت حقيقة أبدية أينما ظهرت. الذين تأثروا بفكر القائد عبد الله أوجلان ذهبوا إلى أرض إيزيدخان المقدسة أثناء الفرمان، قاوموا وحرروا شنكال، خلال تسع سنوات من النضال المتواصل للمجتمع الإيزدي، تركوا هذه الحقيقة وراءهم؛ "لقد حرر المقاتلون شنكال". وفي حقيقة هذا الوعي الراسخ، فإن مجتمعنا الإيزيدي اليوم يقاوم كل المخططات. ولم يعد من الممكن أن تحظى أي قوة بفرصة للنجاح أمام الأصول التي سقيت جذورها بدماء المناضلين. ترك المقاتلون ومن خلال حرب الحرية وأمل انتصار النضال وتنمية روح المقاومة بصمات ذهبية لمستقبل إيزيدخان.
يقول القائد عبد الله أوجلان "في التاريخ، القوى الحاكمة لا تفوز دائماً، فالشعوب أيضاً تفوز"، وفي هذا القرن، تبدو فرص الشعوب في الفوز والانتصار وحماية ثقافة المقاومة أعلى. لقد رأت الشعوب حقيقة هذا النجاح في المقاومة ضد داعش. روح هذا النصر، راية هذه البشرى، أبطال حرب الحرية وحقيقة ثقافة الشعب المقاوم في كوباني وشنكال وكركوك ومخمور ومنبج والرقة ودير الزور، أصبحت حقيقة في تاريخ البشرية.
"المجتمعات التي لديها ثقافة المقاومة لن يتم تدميرها أبداً"
إن المجتمعات التي لديها ثقافة المقاومة لن يتم تدميرها أبداً بسبب خطط الإبادة الجماعية للغزاة والمضطهدين. لأن المقاومة هي الوجود وروح الجسد وحياة المجتمع. والمجتمعات التي حافظت على وجودها وحياتها بهذه الروح، لن تنقطع عن قيمها الروحية أو المادية. إن المجتمعات التي تستسلم بسهولة لثقافة السلطة يديرها دائماً أشخاص آخرون وتبقى بلا إرادة. ومع قيام نظام السلطة ألبسوا ثوب هذا الواقع للمجتمع، ولم تعد مجتمعات كثيرة قادرة على حماية طبيعتها وحقيقتها. بعض تلك المجتمعات تعرضت للمجازر والفرمانات، وبعضها اضطر إلى إرضاء أسيادها والخضوع لهم كالعبيد، وبعضها تمرد على كل ظالم وأصبحت ممثلة لثقافة المقاومة.
ومع وجود التنشئة الاجتماعية، بنت الإنسانية قيمها وتاريخها وثقافتها بوعي المقاومة، وطورتها ودافعت ضد كل الحروب التي حدثت. إن ثقافة المقاومة الاجتماعية القديمة هذه متجذرة بعمق في جغرافية بلاد ما بين النهرين. بالنسبة للمجتمعات التي تعتمد على ثقافتها وعقيدتها وهويتها ووجودها، أصبحت ثقافة المقاومة مثل الحاجة إلى الخبز والماء. في ايزيدخان المقدسة، في جبال وسهول ووديان جبال شنكال، تركت ملاحم المقاومة في كل عصر بصماتها على استمرار وجود الثقافة الإيزيدية. في هذه الجغرافيا الأقدم، وصلت ثقافة المقاومة إلى يومنا هذا من خلال الانتفاض ومحاربة القمع والتضحيات. ومن أجل تعزيز القيم الإنسانية وحمايتها، فقد نجت هذه الثقافة مع حقيقة شعبها الصامد. لأنه تاريخ ثقافة المقاومة يعود إلى آلاف السنين.
"المجتمع الإيزيدي يقاوم الظلم والقمع"
لقد شهدت المجتمعات التي تعيش على هذه المنطقة العديد من الحروب والغزوات والاحتلال والمذابح والقمع على يد الظالمين في التاريخ. منذ التاريخ وحتى اليوم، تندلع حروب على أراضينا، هدفها بالأساس تدمير ثقافة المقاومة. والمجتمع الإيزيدي، كاستمرار لهذه الحقيقة والثقافة القديمة التي تعيش على هذه الأرض، قاوم الظلم والقمع. تماماً مثل الآلام والجراج التي عانوا منها من قبل، واجهوا مرة أخرى في القرن الحادي والعشرين فرماناً غادراً من قبل نفس القوى ونظام السلطة. عانى مجتمعنا الإيزيدي كثيراً خلال الفرمان. وفي تاريخ البشرية وحتى هذا القرن، لا يمكن أن يشهد عالمنا مثل هذا الفرمان المليء بالمعاناة والمآسي الاجتماعية. مثل هذه الوحشية لم يسبق لها مثيل ولم يشهدها أحد من قبل. ويمكننا القول إن هذا الفرمان كتب في صفحات تاريخ البشرية باعتباره أكبر عار في القرن الحادي والعشرين. وسيظل هذا الألم الكبير متجسداً دائماً في ضمير الإنسانية. لكنه لن يكون مثل الفرمانات التي سبقته، فالآن نهض مقاتلو وقيادات المجتمع الإيزيدي ضد الفرمان ويقومون بإحياء ثقافة المقاومة من جديد. إن المجتمعات التي اكتسبت بطبيعتها وعي المقاومة وحافظت على وجودها، في ذلك المجتمع لن تنتهي ولادة أزمنة ولحظات المقاومة. وحتى لو تم إضعافها لأسباب مشروعة، فإنها ستعود إلى الحياة مرة أخرى مع مرور الوقت. هذه هي الحقيقة التي كشفها مجتمعنا الإيزيدي في شنكال خلال السنوات العشر التي تلت الفرمان. لأن الإيزيدية بطبيعتها هي معبرة عن كافة معطيات ثقافة المقاومة على أرض كردستان.
"مقاتلو YJA-Star قادوا المقاومة العظيمة في شنكال"
بثقافة المقاومة تمكن الشعب الإيزيدي حتى اليوم من الصمود في وجه كافة أنواع الهجمات والاحتلالات والفرمانات، والدفاع عن نفسه، وعدم الاستسلام وعدم الاختفاء. إن الثقافة الأقدم والأكثر رسوخاً في مجتمعنا الإيزيدي هي ثقافة المقاومة. لقد شن أعداء الجذور الإيزيدية عشرات الفرمانات على هذا المجتمع للقضاء على هذه الثقافة القوية. وكلما قاوم المجتمع الإيزيدي، تعرض للفرمانات. الفرمان الـ 74، الذي سطر في تاريخ البشرية كعار في هذا القرن، كان من أشد المجازر والفرمانات قسوة على المجتمع والمرأة الإيزيدية. وضد أقدم معتقد على هذه الأرض، قاموا بعمليات إبادة جسدية وثقافية ودينية. وأمام وحشية داعش، صمدت الثقافة الإيزيدية التي تحتضن بطبيعتها الثقافة الأم. وقد انعكس ذلك في نضال المرأة الثورية. يتمتع الجيش النسائي بقيادة مقاتلات وحدات المرأة الحرة YJA-Starê في كردستان بإرث يمتد لخمسين عاماً من النضال، وقد قاد المقاومة الرائعة في شنكال. لكن القوى الحاكمة ونظامها المهيمن لم يكونوا قد حسبوا حساب ذلك. كما أن مقاومة المقاتلات في الجبال وكوباني والرقة وكركوك تركت في شنكال أيضاً بصمتها على المقاومة التاريخية لتحرير شنكال.
"مقاتلو الحرية من كافة أنحاء كردستان توافدوا إلى سهل نينوى"
من عام 2014 إلى عام 2018، توجه مقاتلو قوات الدفاع الشعبي HPG ووحدات المرأة الحرة YJA-Star من جميع أنحاء كردستان الأربعة من الجبال الحرة إلى سهل نينوى، ولعبوا دوراً رائداً في حماية النساء والأطفال والمجتمع الإيزيدي، وكتبوا مقاومة أسطورية في تحرير شنكال. ومن أجل حماية المجتمع الإيزيدي والانتقام للفرمان الـ 74، صنعوا من أنفسهم درعاً ضد داعش. استمرت المقاومة لتحرير شنكال 11 شهراً حارب خلالها كل فدائي من أجل الحرية من قوات الدفاع الشعبي، بدعوة من القائد عبد الله أوجلان، في كل شبر من أراض شنكال، وضحى بنفسه من أجل هذه الأرض المقدسة والثقافة القديمة والعقيدة والمجتمع المقاوم.
في الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015 أصبح تحرير شنكال من داعش إحدى حقائق تاريخ وثقافة المقاومة. بشجاعة النساء الجبليات والمقاومات على هذه الأرض القديمة، بشجاعة شباب أرض النار والشمس، تم تحرير الأرض المقدسة وملجأ أهل الشمس. شنكال التي تحتضن بين ذراعيها ثقافة وعقيدة الإيزيدية منذ آلاف السنين؛ مرة أخرى كتبت اسمها بأحرف من ذهب في صفحات تاريخ البشرية. كان تحرير شنكال بمثابة الانتقام لكل عصور الظلام. الانتقام لجميع النساء اللواتي فقدن حياتهن في الـ 74 فرماناً، تحرير شنكال هو صرخة ونداء كل النساء اللواتي قاومن الظلم. كان تحرير شنكال نهاية فترة مظلمة وبشرى أمل جديد.