خلال عقد قتل ما يزيد عن أربعة آلاف امرأة في تركيا

أكدت نائبة رئيسة مركز حقوق المرأة بنقابة المحامين في باتمان بتركيا، أن تجاهل مكاسب المرأة وإفلات الجناة من العقاب وممارسات السلطة المجحفة بحقها، كل ذلك يزيد من العنف بكافة أشكاله بحق النساء في البلاد.

مدينة مامد أوغلو

إيله - خلال العقد الماضي قتلت ٤١٩٧ امرأة في تركيا، بطرق مختلفة وعلى أيدي أشخاص مختلفين، فيما يتم تجاهل هذه الجرائم التي تزداد يوماً بعد يوم دون اتخاذ أي إجراء من قبل القضاء لإنقاذ حياة النساء.

وفقاً لبيانات العنف الشهري لوكالة الأنباء JINNEWS فقد قتلت في تركيا ٤١٩٧ امرأة خلال العشر سنوات الماضية بالإضافة إلى الربع الأول من العام الحالي، فقد قتلت ٢٣ امرأة في شهر نيسان/أبريل الماضي منها ١٧ حالة قتل مشبوهة، كما أكدت البيانات أن ٨٦ امرأة قد قتلن على أيدي رجال خلال ٤ أشهر.

وحول جرائم قتل النساء في تركيا أكدت نائبة رئيسة مركز حقوق المرأة في نقابة المحامين في باتمان سمية كولتكين أن قتل النساء وسياسات الحرب الخاصة بحقهن ازدادت في مدينة إيله (باتمان) شمال كردستان، ونوهت إلى أنه خلال كارثة الزلزال والعملية الانتخابية تم تجاهل الانتهاكات والاعتداءات التي تتعرض لها النساء بشكل مستمر والتي تزداد يوماً بعد يوم، كما أن القضاء لا زال يطبق تقليص "السلوك الجيد" و"الاستفزاز غير العادل" في جرائم قتل النساء.

 

"سياسات الحرب الخاصة في الصدارة"

لفتت سمية كولتكين الانتباه إلى النساء اللواتي تعرضن للقتل في مدينة إيله خلال الربع الأول من هذا العام، وذكرت أن امرأتين قد قتلتا في غضون ٢٠ يوماً فقط، "لقد تصدرت جرائم قتل النساء في باتمان عناوين الجرائم مع سياسات الحرب الخاصة في السنوات الأخيرة، هذا الوضع هو في الواقع انعكاس لفشل القضاء والسلطة في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع العنف ضد النساء والحد من جرائم قتلهن، وانسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول وكذلك سياسات الإفلات من العقاب وموقف السلطة السياسية تجاه المرأة منحت الجناة القوة والجرأة لممارسة العنف بحقها".

وذكرت أن ثلاث نساء قتلن في إيله في الأشهر الخمسة الماضية وقد تم تسجيلهن ضمن الوفيات المشبوهة التي ازداد حدوثها، وتابعت "في الآونة الأخيرة استلم مركز حقوق المرأة لنقابة المحامين في باتمان ٣ ملفات لقتل النساء ملفان منهما لنساء قتلن والثالث هو ملف عن الشروع بالقتل، عدا هذه الملفات هناك امرأة أخرى قتلت في حسن كيف في ١٠ نيسان الماضي، كل هذه الملفات لا تزال قيد التحقيق فيها، عندما ننظر إلى تركيا بشكل عام فقد كان هناك ٢٩ جريمة قتل بحق النساء منها ١٩ حالة وفاة مشبوهة في آذار الماضي، وللأسف الشديد فقد أصبحت هذه الأرقام والبيانات مخيفة للغاية ولا مفر منها، ولدينا بالإجماع ٦ جرائم قتل والشروع بالقتل ضد ٥ نساء".

 

"عدم تطبيق اللوائح يؤدي لإضفاء الشرعية على جرائم القتل"

وذكرت سمية كولتكين أسباب ازدياد جرائم قتل النساء في إيله خصوصاً وتركيا عموماً "تجاهل السلطة مكاسب المرأة وممارساتها لسياسة الإفلات من العقاب في القضاء يزيد من نسبة جرائم العنف بحق المرأة ويمهد الطريق للوصول لهذا الوضع"، مشيرةً إلى أن عدم المساواة بين الجنسين والأدوار الاجتماعية وموقف القضاء هي لغة تستخدمها السلطة الحاكمة في تركيا، والقوانين الحالية تهدف إلى حماية الأسرة وليس إلى حماية المرأة.

وأضافت "بعد الانسحاب من اتفاقية اسطنبول، لا توجد أي لوائح قانونية أخرى يمكننا تطبيقها لحماية المرأة من العنف أو اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار دورة العنف، بخلاف القانون رقم ٦٢٨٤ بشأن حماية الأسرة ومنع العنف ضد المرأة، في حين لا يوجد سوى لائحة قانونية واحدة لحماية المرأة من العنف والقتل، ففي حال تم إلغاء هذه اللائحة خلال فترة الانتخابات كشرط للتحالف فإن ذلك يعزز العقلية الذكورية ويضفي الشرعية على العنف والقتل ضد المرأة، عندما نقوم بالنظر إلى أنماط دوافع القتل في النظام الأبوي نجد بأننا دائماً نواجه نفس الأنماط في هذه المنطقة، إن كل ما تقوم النساء بفعله باستثناء البقاء في المنزل والقيام بالأعمال من تنظيف ورعاية الأطفال والطاعة والخضوع، يشكل سبباً لقتلهن في نظر الأنماط الأبوية، وبغض النظر عن كل هذا فعندما ننظر إلى الأمر بشكل عام، نرى بأن حالات مثل عدم التوافق والأزمة الاقتصادية والبطالة أدت إلى وقوع جرائم قتل بحق النساء خلال الفترة الأخيرة، في النهاية عدم تطبيق القوانين التي تجعل عملية الطلاق قضية صعبة والقوانين التي تحمي المرأة من العنف والقتل يؤدي إلى وقوع جرائم قتل بحق النساء".

 

"يتم تطبيق سياسة الإفلات من العقاب بشكل ممنهج"

ونوهت سمية كولتكين إلى أن سياسات الإفلات من العقاب وتخفيضات حسن السلوك والتحريض الغير عادل، أخذت الصدارة في قضايا قتل النساء أمام القضاء "نعلم جيداً بأن الجناة يستمدون القوة والجرأة من سياسات الإفلات من العقاب هذه، وبالأخص أن الحقوق الخاصة بالنساء التي يكفلها القانون لا يتم تطبيقها في الحياة الواقعية، وكذلك عدم الامتثال لمعايير القانون الدولي التي يجب اتباعها أثناء مرحلتي التحقيق والمقاضاة، كما أنه لا يتم إجراء تحقيق فعال ولا جمع للأدلة، بالإضافة لعدم التركيز على حقوق الضحية وإطالة زمن الإجراءات ومحاكمة مرتكب العنف دون اعتقاله وإبقائه طليقاً، وسلبية المكلفين بتنفيذ القانون وعدم التصرف بالسرعة المناسبة، وكذلك عدم اتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية التي تحتاجها المرأة حيث يتم تقديمها في وقت متأخر وبشكل غير كافي، وتخفيضات حسن السلوك والتحريض الغير عادل هي ظواهر للإفلات من العقاب، حيث يتم أخذ حقوق الجناة وتجاهل حقوق النساء في كافة العمليات، ففي مراكز الأمن التي تقوم النساء المنعفات بتقديم طلب لديها للتخلص من العنف يتم إحضار النساء جنباً إلى جنب مع الجناة ويتم تسليمها له، وفي الحقيقة يتم إرسال النساء إلى مكاتب التوفيق على الرغم من حظره في اتفاقية اسطنبول ليتم ترهيب النساء، وتركها تحت رحمة الجاني بعد اتخاذ إجراءات قصيرة الأمد وغير فعالة".

 

"يجب العودة إلى اتفاقية إسطنبول بأسرع وقت"

وأكدت سمية كولتكين أن وجود الذهنية السلطوية التي يتحلى بها الرجال هي واحدة من أكبر المشاكل في حد ذاتها "يجب أن تتخلى وزارة التربية الوطنية عن منهج إظهار النساء داخل المنزل فقط في كافة المناهج التعليمية، ويجب أن تتعامل مع القضايا القائمة على المساواة بين الجنسين خلال كافة مراحل التعليم، كما يجب تعزيز القوانين الهادفة لحماية حقوق المرأة وحريتها وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، ويجب العودة إلى اتفاقية إسطنبول وتنفيذ بالكامل، يجب على القضاء أن يوقف سياسات حسن السلوك والإفلات من العقاب في المحاكم، كما يجب أن يحصل المسؤولون عن تنفيذ القانون على تدريب خاص يغطي أحكام القانون رقم ٦٢٨٤ واتفاقية إسطنبول وأن يكتسبوا الخبرات الكافية في هذا الموضوع، كما يجب تقديم الدعم للملاجئ وزيادة عددها وتوفير الخدمات اللازمة، يجب حظر الأخبار والمسلسلات والأفلام والقصص التي تقوم بالتشجيع على العنف وقتل النساء، فهي لا تخضع للرقابة كما أنها تعمل على إظهار الجناة وكأنهم المحقين وتبرر لهم جرائمهم من خلال الوسائل الكتابية أو المرئية أو الإلكترونية".