جبل قنديل... منبع تجديد العهد بالنضال
يوقد الشعب الكردي نار عيد النوروز الذي يعد تاريخ مشرق وحافل بالنضال، ففي كل عام، يقصد الناس من كافة أنحاء كردستان والعالم جبل قنديل بإقليم كردستان للاحتفال بعيد نوروز.

هيلين أحمد
السليمانية ـ يعتبر عيد نوروز من أقدم الأعياد في الشرق الأوسط والعالم، ففي كل عام وتحديداً في فصل الربيع، عندما يبدأ الثلج بالذوبان في الجبال، تتفتح الأزهار وينمو الأمل في قلب الشعب الكردي الذي يحتفل بعيد نوروز الذي يُعتبر من أهم أعياده.
كلمة نوروز تعني "الحب" ويوم جديد، يحتفل الشعب الكردي بعيد نوروز كل عام في الأول من آذار/مارس، أول أيام الربيع الذي يعبر عن تجديد الأمل، وفي الماضي، كان لنوروز ثقافة عظيمة، لأن له تاريخ طويل حيث يقول كثير من المؤرخين أن الميديين والشعب الكردي حرروا كردستان من الآشوريين عام 612 قبل الميلاد واحتفلوا به وأطلقوا عليه اسم "روجي نو" أو اليوم الجديد، ويرى بعض المؤرخين والباحثين أن تاريخ هذه الحادثة يعود إلى 4000 سنة، ويقول مؤرخون آخرون إن عيد نوروز يرتبط بتجديد الطبيعة وأن أصوله تعود إلى ديانات مثل الميثرا والإيزيدية واليارسان.
مثل معظم المهرجانات كأربعينية الصيف، وأربعين الشتاء، وخرمان، ومهرجان الزراعة والحصاد، وهي أقدم المهرجانات في تاريخ الكرد، فإن عيد نوروز قديم جداً ويمكننا القول إن هذا العيد كغيره من الأعياد الكردية القديمة، كان يحتفل به في زمن ميثرا.
مسيرة الاعتراف بنوروز
وفي مدن بأكملها في الشرق الأوسط ذات التقاليد المتعددة تحتفل بعيد نوروز منها الإيران، فهناك أدلة تاريخية على أن اليوم الأول من الربيع كان يحتفل به باسم عيد نوروز في إيران القديمة، وأصبح يوم عيد نوروز عطلة رسمية سنوية منذ القرن العشرين، وعلى الرغم من أن إيران لم تحظر الاحتفال بعيد نوروز رسمياً على الإطلاق، إلا أنها تخلق العديد من العقبات أمام الكرد الراغبين بالاحتفال بالعيد وفقاً لتقاليدهم.
وفي تركيا، تم حظر عيد نوروز لفترة طويلة في القرن العشرين ولم يُسمح للكرد بالاحتفال به، ومع ذلك، منذ تسعينيات القرن العشرين، بدأت الدولة تحتفل بعيد يسمى (nevruz)، وفي ذلك الوقت كان كتابة نوروز باللغة الكردية newroz)) ممنوعاً، على سبيل المثال، في عام 2007، حُكم على رئيس بلدية مدينة بشمال كردستان بالسجن لاستخدامه كلمة newroz بدلاً من nevruz، وبعد عام 2000، عندما أصبح الاحتفال بعيد نوروز أمراً طبيعياً، لا يزال عدد كبير من الكرد يتعرضون للاعتقالات كل عام على خلفية الاحتفال بهذه المناسبة.
كما أنه في العراق فلم يكن عيد نوروز عطلة رسمية، وحاولت حكومة بغداد مراراً وتكراراً حظره، لكن الكرد احتفلوا به طوال القرن العشرين، وقد حاول عدد من المثقفون الكرد مثل بيراميرد إحياء عيد نوروز كرمز وطني، وأصبح عيداً رسمياً في إقليم كردستان منذ انتفاضة عام 1991.
وبالنسبة للشعب الكردي في سوريا، فأيضاً لم يكن عيد نوروز عطلة رسمية في القرن العشرين، وكان يحتفلون به تحت المراقبة والضغط الأمني، كما أن أعلنت الحكومة يوم ال 21 من آذار|مارس عطلة رسمية بمناسبة يوم الأم، وأن اصرّ الشعب الكردي على الأحتفالية بعيد النوروز، وتم أعتقال المئات من الأشخاص وتعذيبهم تحت خلفية المشاركة باحتفالات.
وأما في أذربيجان، فيُعدّ نوروز عيداً رسمياً، فقبل انطلاق ثورة نوروز، لم يكن هناك عيد في آسيا الوسطى والقوقاز، ولكن لاحقاً، أدرجت أذربيجان وطاجيكستان وتركمانستان ودول أخرى في المنطقة نوروز في تقويمها.
يحتفل الكرد في أجزاء كردستان الأربعة بعيد نوروز سنوياً على سفوح جبل قنديل في 20 آذار/مارس من كل عام، حيث يتوافدون إلى الجبل لإشعال نار نوروز بالإضافة للأجانب، حيث تقام فعاليات مختلفة في جبل قنديل حتى أواخر 21 آذار/مارس تحت عناوين وشعارات مختلفة باللغة الكردية.
"هذا العام نحتفل بعيد نوروز بدعوة السلام"
سونيا اسماعيل، إحدى الزائرات لجبل قنديل من روجهلات كردستان، تتحدث عن هذه المناسبة، "كل عام، نزور الجبل للاحتفال بعيد نوروز، وينبغي علينا نحن الكرد زيارته من جميع أنحاء كردستان، لنحتفل بالعيد، ونوروز هذا العام مختلف عن أعياد الأعوام السابقة، كما أن النساء تحتفلن به بالعديد من الإنجازات المهمة والشعارات مثل "المرأة، الحياة، الحرية"، ونأمل أن نتمكن من الاحتفال بهذه المناسبة بدعوة السلام في السنوات القادمة".
"نوروز 2725 انتصار الشرق الأوسط"
بدورها قالت زليخة علي التي شاركت في إشعال نار نوروز في جبل قنديل من إقليم شمال وشرق سوريا، إنها تزور الجبل منذ أكثر من 10 سنوات، "سيكون عيد نوروز هذا العام نوروز النصر، نحن الكرد نناضل باستمرار من أجل قضيتنا، هدفنا هو النصر ونيل حقوقنا، أقوم كل عام بزيارة جبل قنديل للاحتفال بعيد نوروز، واتسلق الجبال حاملةً شعلة الحرية".
"سنستمع إلى رسالة السلام بحماس"
أمينة حسين، من سكان قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، تزور جبل قنديل منذ ثلاث سنوات، قالت "إنه مكان مقدس بالنسبة للشعب الكردي، ولطالما كان مركزاً للمقاومة الكردية، ونحن الكرد في كل مكان في كردستان نفتخر بوجود هذه الجبل"، مضيفةً "تستعد عائلتي بأكملها لهذا الحدث بحماس كبير، حيث ستُنظم العديد من الأنشطة والأعمال الفنية وستُقرأ رسائل القائد عبد الله أوجلان، وسيعم الفرح والرقص أجواء الاحتفال، واليوم سيتم قراءة رسالة القائد أوجلان حول قضية السلام في الشرق الأوسط أمام الحشود".
"رسالة السلام عنوان الاحتفال هذا العام"
بدورها قالت جواهر رمضان عزيز التي شاركت في مراسم إشعال نار نوروز في جبل قنديل من جوارقرناوة، إنهم يستعدون بحماس كل عام لزيارة الجبل رغم البرد والأمطار الغزيرة في المنطقة، "نزور هذا المكان كل عام لإشعال نار نوروز، إنه فخرٌ ليّ أن أتمكن من إشعال شعلة نوروز هنا، وكغيره من الأعياد، أستعد له كل عام، في الوقت الحالي الطقس ممطر ولكن الكرد مليئين بالحماس، فقد وجه القائد عبد الله أوجلان رسالة سلام للشعب الكردي، هذا يُظهر أن الكرد مسالمين، ورسالة السلام مصدر فخر لنا وجاءت نتيجة لمقاومتنا، وأهنئ القائد أوجلان وجميع المقاتلين بعيد نوروز".
"تلعب المرأة الكردية دوراً مهماً في عيد نوروز"
شاركت الفنانة الكردية شادي غلامي من مدينة سنه بشرق كردستان في احتفالات عيد نوروز التي أقيمت في جبل قنديل، حيث قالت "من واجب كل فرد كردي أن يشارك في عيد نوروز هذا العام، حيث يتم الاحتفال به في كافة المناطق الكردية خاصة في قنديل حيث يزوره العديد من المواطنين من كافة أنحاء كردستان، أما في شرق كردستان، وخاصة في المناطق ذات الغالبية الكردية، تقام احتفالات العيد منذ الأول من شهر آذار، وتلعب المرأة دوراً مهماً في تنظيم هذا الاحتفال".