في ظل الأزمات وتصاعد القمع الممنهج... النساء ضحايا تداعيات الحروب
أكدت عالمة الاجتماع روحي شفیعي، إن النساء الإيرانيات كنّ الأكثر تضرراً بعد الحرب التي استمرت ١٢ يوماً بين إيران وإسرائيل، في ظل الأزمات الأمنية والاقتصادية المتفاقمة إلى جانب تصاعد القمع الممنهج التي تتعبها السلطات بحق المواطنين.
شهلا محمدي
مركز الأخبار ـ كشفت الحرب التي استمرت لأكثر من عشرة أيام بين إيران وإسرائيل موجةً غير مسبوقة من الأزمات المتداخلة التي طالت مختلف جوانب حياة المواطنين، فقد تسببت بتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وألقت بظلالها الثقيلة على معيشتهم لاسيما مع اتساع رقعة الفقر والتشريد وتزايد الاعتقالات.
تقول الكاتبة وعالمة الاجتماع والمتخصصة في دراسة المجتمع الإيراني روحي شفيعي إنه بعد الحرب بين إيران وإسرائيل واجهت البلاد أزمات اقتصادية واجتماعية وقانونية وأمنية متزايدة وألقت تداعيات الحرب بظلال غير مسبوقة على حياة المواطنين، لكن نصيب النساء كان دائماً مزدوجاً من جهة العبء الثقيل المتمثل في فقدان منازلهن وأحبائهن ومستقبلهن، ومن جهة الضغوط الإضافية التي تفرضها عليهن السلطات الإيرانية من خلال القمع الواسع النطاق.
وأشارت إلى أن وضع النساء في إيران لا سيما بعد الحرب الأخيرة بات معقداً ومتعدّد الأبعاد "تأثير الحرب اختلف باختلاف الطبقة الاجتماعية ومكان الإقامة، إذ تمكنت النساء الثريات من الانتقال إلى مناطق أكثر أماناً مثل شمال البلاد أو كنّ خارج إيران منذ البداية في حين اضطرت ملايين النساء الأخريات لأسباب مالية أو عائلية إلى البقاء في المناطق المتأثرة بالصراع، إن النساء واجهن بعد الحرب أزمة مزدوجة كفقدان المأوى والأحبّة من جهة، وتفاقم الضغوطات والقمع الحكومي من جهة أخرى".
القمع الواسع والضغط المزدوج على النساء
وأكدت أن السلطات الإيرانية تسعى مجدداً إلى إسكات أصوات الاحتجاج بالقمع، إذ اعتقلت العديد بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل" وقد أثّر هذا الجو من الخوف بشكل خاص على النساء، كونهن ضحايا ومسؤولات عن حماية أسرهن في أوقات الأزمات، لافتةً إلى أنه ليس لديهم إحصاءات دقيقة عن عدد القتلى أو السجناء، والعائلات في حالة من عدم اليقين التام، في الوقت نفسه تواجه السلطات نفسها أزمة عميقة بدءاً من عجزها عن الدفاع عن نفسها بفعالية، وصولاً إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية والتعليم والمشاريع الكبرى، وكانت النساء الأكثر تضرراً من هذه الأزمات.
ونوهت إلى أن ما يحدث يُعدّ من أعظم الكوارث التي فرضها النظام الإيراني على البلاد، معتبرةً إياه مؤشراً لبداية عصر من الأزمات والانهيار "إن سيطرة جهات أجنبية على أجواء البلاد مع عجز السلطات عن كشف أو السيطرة على الجواسيس، يثير تساؤلات جدية حول مزاعم الاستقلال والسيادة التي يرددها النظام".
ولفتت الانتباه إلى وجود عشرات الجواسيس الإسرائيليين داخل إيران، وتحول بعض المواطنين إلى أدوات بيد القوى الأجنبية، الأمر الذي يعكس واقعاً بالغ التعقيد لا يمكن اختزاله بإجابات بسيطة "إن هذه الحالة ترافقها موجة من القمع الواسع وغياب العدالة، وخلق أجواء من الرعب غير المسبوق في المجتمع".
اللاجئون الأفغان ضحايا التمييز والترحيل
وأضافت إنّ السلطات الإيرانية تستخدم ذريعة "التجسس" لترحيل آلاف اللاجئين الأفغان الذين عاشوا في إيران لسنوات دون تقديم أدلة واضحة ضدهم"، مشيرةً إلى أن هذه السياسة تتزامن مع تصعيد ملحوظ في قمع المعارضين السياسيين، ما أدّى إلى خلق حالة من التوتر الشديد وعدم الاستقرار في المشهد الاجتماعي العام "إن ادعاء السلطات بوجود جواسيس إسرائيليين غامض ويفتقر إلى الشفافية، تم احتجاز العديد من المعتقلين دون علم عائلاتهم، مما أثار حالة من الخوف على نطاق واسع في المجتمع".
وقالت روحي شفيعي قبل الحرب كانت أصوات الاحتجاجات مسموعة، لكن اليوم تُقمع كل معارضة تحت ذريعة "التجسس" مشددةً على أن ردّ فعل النظام المتأخرة على الحرب مصحوباً بادعاء الانتصار رغم الأدلة الواضحة على الهزيمة، يعكس تناقضاً صارخاً بين الخطاب الرسمي والواقع، وهو ما يدلّ على أزمة سياسية وعسكرية واقتصادية عميقة يعيشها النظام الإيراني.
في ختام حديثها أكدت روحي شفيعي أن السلطات الإيرانية استغلتّ اللاجئين لأغراض سياسية وعسكرية، مشيرة إلى أن بعض المهاجرين الأفغان أُدخلوا إلى البلاد لهذا الغرض "لواء فاطميون يجسد هذا النوع من الاستغلال، حيث جُنّد العديد من الأفغان الفارّين من طالبان للمشاركة في الحرب في سوريا، إن الكثير من الأفغان المقيمين في إيران يواجهون التمييز، ويُمنعون من حق التعليم والمشاركة المجتمعية، لذلك فإن هذا الواقع التمييزي والقمعي من أكبر المآسي التي تعيشها إيران اليوم"، مشددةً على أن المسؤولية الأولى في ذلك تقع على عاتق السلطات الإيرانية نفسها.