في اليوم العالمي للباركنسون… معاناة في ظل ارتفاع تكلفة العلاج وانعدام التغطية الصحية

صادف أمس الجمعة 11 نيسان/أبريل اليوم العالمي لمرض شلل الرعاش أو "الباركنسون"، وهي مناسبة للتعريف بخطورة هذا المرض وتسليط الضوء على معاناة مرضى ومريضات الباركنسون.

رجاء خيرات

مراكش ـ دعت مشاركات في ندوة علمية حول مرض الباركنسون، إلى تعزيز الوعي بالمرض وأعراضه، وطالبنَ بدعم البحث العلمي في هذا المجال للتخفيف من معاناة المرضى والمريضات، وتحسين ظروف الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية لهم.

نظمت الجمعية المغربية لدعم مرضى "باركنسون"، أمس الجمعة 11 نيسان/أبريل، ندوة علمية تحت عنوان "أمل…رغم التحديات" سلطت الضوء على معاناة مرضى ومريضات الباركنسون بالمغرب.

الباركنسون "شلل الرعاش" يعد حالة دماغية تسبب مشكلات في الحركة والصحة النفسية والنوم، إلى جانب التسبب في حالات ومشكلات صحية أخرى، باعتباره من الأمراض المزمنة التي تتطلب العلاج الدوائي، والدعم النفسي، والعلمي، والعلاج الطبيعي.

وأشارت مداخلات المشاركين والمشاركات في الندوة إلى تفاقم الوضع بالنسبة لمريضات الباركنسون اللواتي يعجزن عن القيام بأدوارهن الاجتماعية بسبب أعراض المرض التي تشل الحركة وتجعلهن غير قادرات على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي.

كما أكدت النقاشات خلال الندوة على ضرورة اعتماد المقاربة الثلاثية التي يتداخل فيها الجانب الطبي والنفسي والاجتماعي للمرضى، وبينوا أهمية برنامج التكوين الذي أطلقه ائتلاف المرض النفسي والعقلي بمراكش والذي استفادت منه ما يفوق 200 أسرة لمرضى ومريضات الباركنسون، لتمكينهم من مواكبة ومصاحبة مرضاهم، من خلال المعرفة الدقيقة للمرض وأعراضه وتطوره وكيفية التعامل معه وطرق علاجه.

 

 

وقالت رئيسة جمعية مغرب باركنسون عزيزة شنان إن "هذا اللقاء يعتبر مناسبة للتوعية بالمرض والكشف عن معاناة المرضى مع تطور المرض لديهم ومناقشة التحديات التي تواجههم من أجل التعايش مع هذا المرض الذي يعتبر مرضاً مزمناً".

ولفتت إلى أن الندوة تشكل فرصة للمرضى وذويهم من أجل الكشف عن مستجدات العلاج وتطوره والتدخل الجراحي الذي من شأنه أن يخفف من معاناتهم، والتي ستقدمها الأستاذة في جراحة الأعصاب والدماغ ياسمينة زكريا، بالإضافة إلى تدخلات أعضاء وعضوات الجمعية الذين سيستعرضون تجاربهم مع المرض أو تجارب أفراد من عائلتهم وتعايشهم معه.

وأوضحت أن أسرة المريض/ـة في حاجة كذلك للدعم حتى تتمكن من مرافقة ابنها أو ابنتها المريضة أثناء رحلة العلاج، خاصة وأن مرضى الباركنسون قد يعانون من عجز كلي عن الحركة في مراحل التقدم من المرض.

ودعت الأسر إلى مراعاة نفسية المريض/ـة من خلال تجنيبهم الأخبار السيئة لأنها تؤثر بشكل مباشر على نفسيتهم، خاصة أن الظهور الأول للمرض يأتي بعد تعرض المريض لنكسة أو صدمة نفسية.

 

 

بدورها اعتبرت رئيسة جمعية شمس ونائبة رئيس الائتلاف الجمعوي والذي يضم 8 جمعيات للأمراض النفسية والعقلية بمراكش عائشة بلعربي أن "اليوم العالمي الباركنسون هو مناسبة لتسليط الضوء على هذا المرض وتطوره بالمغرب، خاصة أنه مرض يصيب الدماغ ويتلف الأنسجة العصبية، لكن بفضل الأدوية والعلاجات المصاحبة يمكن توقيف تطور المرض لفترات طويلة"، مشيرةً إلى أن هناك فئة كبيرة مصابة بهذا المرض، حيث يقدر عدد المصابين بستين ألفاً في غياب أرقام دقيقة حول المرضى.

ونوهت إلى أن البحث العلمي سيمكن من التخفيف من معاناة المرضى، خاصة فيما يتعلق بالأدوية التي تبقى جداً مكلفة وتثقل كاهل الأسر في غياب تغطية صحية تؤمن العلاج، مما سيتوجب الاستعانة بالأدوية الجنيسة التي تبقى هي البديل للتخفيف من ارتفاع تكلفة العلاج.

ولفتت كسابقتها إلى معاناة الأسر التي ترافق المريض أثناء رحلة العلاج، والتي تتطلب التفاتة من قبل الفاعلين في المجال، حيث يحتاج المريض وعائلته إلى المواكبة النفسية.

 

 

وعن اللقاء وأعراض المرض وطرق علاجه، لفتت الأستاذة المساعدة بمصلحة الجهاز العصبي وأمراض الأعصاب الخارجية والدماغ بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش ياسمينة زكريا إلى "أهمية وعي المرضى بطبيعة المرض، مما يسهل عليه تقبل الأعراض، كما يجعل المريض والمريضة أكثر قابلية لفهم طرق التعامل مع المرض وسبل علاجه".

وأوضحت أن "أسباب مرض الباركنسون تبقى غير معروفة نسبياً، حيث هناك عوامل تجعل المرض يظهر لدى أشخاص دون غيرهم، وغالباً ما تظهر أعراضه فوق سن الخمسين، لكن ذلك لا يمنع من أن أشخاصاً دون سن الخمسين يصابون به".

وبينت أن "هناك عوامل جينية مسؤولة عن ظهور المرض، لكن ليست وحدها بل هناك عوامل خارجية كذلك مثل التعرض لآثار التدخين وبعض أنواع مبيدات الحشرات وكذلك مبيدات مكافحة الحشرات وتلك التي تستعمل في الفلاحة والصناعة، كما أن المرض يصيب بعض الأشخاص المعرضين لآثار مواد سامة كعمال المناجم"، لافتة إلى أنه هناك أعراض قد تسبق ظهور المرض، حيث يمكن أن يعاني الشخص من اكتئاب وأرق وبطء في الحركة وألم في العضلات وأعراض تشبه أعراض "عرق النساء".

وتلعب الأدوية دوراً مهماً في تحسين جودة حياة المرضى، كما يمكن في فترات لاحقة من تطور المرض إجراء جراحات عن طريق زرع أجهزة مهيجة للدماغ من أجل الحد من الحركات اللاإرادية التي تظهر على المريض، وقد أثبتت هذه الجراحات فعاليتها في التخفيف من المرض، كما أوضحت ياسمينة زكريا.

وبشأن الدور الذي تلعبه جمعية "مغرب باركنسون" والجمعيات المعنية بهذا المرض أشارت إلى أن العلاج لا يقتصر على الطبيب لوحده، بل يحتاج إلى طاقم متكامل من جهاز تمريضي ومتخصصين في الترويض الطبي، دون إغفال أطباء نفسانيين لمرافقة المرضى، ثم الجمعيات التي تعنى بهذا المجال والتي تلعب دوراً أساسياً في التعريف بالمرض.

وطالبت جميع المشاركات بتحسين ظروف المرضى، وتوفير العلاجات الضرورية خاصة أمام ارتفاع تكلفة الأدوية وغياب التغطية الصحية لعدد من المرضى، الذين يصعب عليهم إجراء فحوصات بشكل منتظم أو الاستفادة من الجراحات المتقدمة التي تتيح لهم حياة أفضل.

كما شددن على أهمية إشراك المرضى والاستماع لهم باعتبارهم، هم المعنيون وهم الأكثر دراية ومعرفة بخفايا هذا المرض، كما أن جلسات البوح بالمعاناة من شأنها أن تخفف عنهم وطأة المرض، وهو ما دعا الجمعيات المعنية بتنظيم لقاءات تجمع متخصصين طبيين وفاعلين وفاعلات جمعويين وكذلك المرضى وذويهم لمناقشة آخر المستجدات في علاج المرض.