بين التنوع والتكامل... رؤية حزب الاتحاد الديمقراطي لمستقبل سوريا

أكدت نتوي خمكين، المتحدثة باسم مجلس المرأة في حزب "PYD"، أن وحدة المكونات السورية وتنوعها يشكلان الأساس لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية "الأمة الديمقراطية تمثل طريق الأمل لحل الأزمة في البلاد، إلى جانب تكاتف جميع الأطياف لتحقيق مستقبل يعكس إرادة الشعب".

زينب عيسى

قامشلو ـ ناضل الشعب السوري لسنوات ضد النظام السوري السابق، ساعياً للتخلص من القمع والعنف، وبناء حياة يسودها الأمن والمساواة، إلا أن الأوضاع تفاقمت بعد سقوط هذا النظام، حيث أنه مع وصول جهاديي هيئة تحرير الشام إلى السلطة دخلت البلاد مرحلة أكثر تعقيداً وحساسية خاصة مع المجازر والانتهاكات التي طالت بالمدنيين.

مع استمرار الأزمة السورية وتعدد الأطراف المتنازعة على السلطة، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة صياغة المشروع الوطني على أسس ديمقراطية تشاركية، تُنهي عقوداً من التهميش والإقصاء، وتُعيد الاعتبار لإرادة الشعوب والمكونات التي لطالما ناضلت من أجل الحرية والكرامة.

 

"ثورة الشعوب في سوريا انطلقت رفضاً للسلطة المركزية"

قالت نتوي خمكين، المتحدثة باسم مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، إن الثورة السورية انطلقت بمشاركة جميع مكونات الشعب، رفضاً للنظام السابق الذي فشل في تمثيل الإرادة الشعبية، وتجاهل دور النساء والمجتمعات المتنوعة في صياغة مستقبل البلاد "ثورة 19 تموز كانت ثورة الشعوب والمرأة، لأنها جاءت رفضاً لنظام لا يمنح هوية سياسية ولا قراراً للشعب، حتى المجتمع العربي نفسه كان مهمشاً، لم يكن هناك دستور ديمقراطي ولا مؤسسات تمثل الإرادة الشعبية".

وأوضحت أن ثورة روج آفا شهدت مشاركة فعالة للمرأة، حيث لعبت دوراً محورياً في جميع مجالات الحياة، وأسست وحدات حماية المرأة (YPJ) وقوات الحماية الجوهرية، وشاركت في القضاء على داعش، وانضمت إلى مؤسسات المجتمع المدني، كما ساهمت في تأسيس نظام الرئاسة المشتركة، وبرزت الكومينات والمجالس، مما ساهم في بناء نموذج ديمقراطي شامل خلال ثلاثة عشر عاماً من النضال، قدّم خلالها المجتمع آلاف الشهداء والجرحى.

وأشارت إلى أن الإنجازات لم تقتصر على الشعب الكردي، بل شارك فيها أيضاً العرب والسريان والأرمن والإيزيديون، لأن هدفهم المشترك كان بناء أمة ديمقراطية.

وفي سياق حديثها عن الوضع الراهن، نوهت نتوي خمكين إلى محاولات تقسيم سوريا من قبل قوى متعددة، وعلى رأسها الاحتلال التركي الذي يملي على الحكومة المؤقتة ما عليها فعله.

ولفتت إلى أن الهجمات على الساحل السوري والسويداء تستهدف تنوع سوريا، مؤكدةً أن النزاع الدائر لا يهدف إلى التنمية، بل إلى السيطرة على السلطة "المشكلة ليست في مكونات الشعب من دروز وعلويين وعرب وكرد، بل في غياب الأساس الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي لدى الجهات المهاجمة، التي جعلت من أبناء العشائر أداة بيدها".

وذكّرت بأن سوريا بلد غني بتنوعه وقومياته، وإن الثورة جاءت لتمنع عودة النظام المركزي، مؤكدةً أن النظام الديمقراطي التكاملي هو السبيل الوحيد لبناء سوريا جديدة، حيث لا يمكن لأي أمة أن تعيش بمعزل عن الأخرى.

 

"سوريا تُبنى بتنوع شعوبها وتكامل إرادتهم"

وشددت نتوي خمكين على أهمية التكامل داخل سوريا، وأنه على جميع المكونات أن تتكاتف لبناء وطن مشترك "التكامل يعني أن لكل طرف ما يقدمه، لديك فكرة، ولدي تنظيم، لديك جيش، وأنا أملك أيديولوجية، لديك ثقافة وفن وتاريخ، وأنا قاومت من أجل تلك الثقافة والفن، وأنا شريكك في بنائها".

وأوضحت أن الأديان المتعددة في سوريا ساهمت في تشكيل ثقافتها ومقاومتها، معتبرةً أن إنكار دور أي مكون في هذا التاريخ هو تجاهل للواقع "لقد دافعنا عن حدود سوريا وحميناها على مدار 13 عاماً، وقدمنا آلاف الشهداء، فكيف يمكن لأحد أن ينكر حقوقنا في هذا الوطن؟ يجب أن نكمل بعضنا البعض، أنت بلونك وأنا بلوني، الكرد والسريان والعرب والأرمن، كل منا يحمل لوناً خاصاً يثري لوحة سوريا الجامعة".

وأكدت نتوي خمكين على ضرورة أن تحظى السوريات بمكانة فاعلة في جميع مؤسسات الدولة، مشددةً على أن مشاركتهن أساسية في صياغة مستقبل سوريا.

وتابعت "لا بد من صياغة دستور ديمقراطي يضع حداً للحرب ويؤسس لمستقبل مشترك، دستور لا يميز بين قبيلة أو أمة أو دين، بل ينظر إلى سوريا بعين بعيدة المدى، في هذا الدستور، يجب أن يكون للنساء دور محوري، ويجب أن تأخذ جميع السوريات مكانهن الطبيعي في مؤسسات الدولة، لأن بناء سوريا لا يمكن أن يتم دون مشاركة كاملة وعادلة للمرأة".

 

"لا مركزية المدن أساس لبناء سوريا حرة"

وشددت نتوي خمكين على أن إدارة المدن يجب أن تكون بيد سكانها، ضمن إطار وطني شامل "التكامل العسكري يتحقق من خلال تنظيم قوات سوريا الديمقراطية على شكل مجلس يضم جميع القوى الموجودة في البلاد، بحيث يتحمل الجميع المسؤولية في إطار نظام فيدرالي وكونفدرالي".

وأضافت "يجب أن يكون كل فرد مسؤولاً عن قريته ومدينته ومقاطعته، ولا يجوز أن يأتي شخص من إدلب ليتولى إدارة دير الزور، التي تتمتع باستقلالية خاصة، في علاقة متبادلة من المسؤولية دون تدخل في الإرادة والقرارات المحلية".

كما أكدت نتوي خمكين في ختام حديثها على أهمية فهم الإدارة الذاتية كوسيلة لبناء سوريا ديمقراطية وحرة، تقوم على مبدأ التكامل بين مكوناتها "قوات سوريا الديمقراطية هي قوة من أجل سوريا، ومن لا يعترف بها أو بالإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي، يرفض مسار الحل الديمقراطي، يجب أن تتقدم السياسة الديمقراطية، وأن يبادر الشعب إلى بناء نظامه الخاص عبر المجالس والكومينات، وعندما يتكاتف الجميع، يمكننا بناء سوريا حرة وديمقراطية، تُمكّن النساء من أداء دورهن ومسؤولياتهن بحرية كاملة".