"بدون محرم"... منع محامية من دخول عدن انتهاك للدستور اليمني
منعت نقطة أمنية تابعة لقوات "الحزام الأمني" المحامية اليمنية أفنان البطاطي، من دخول مدينة عدن، بذريعة سفرها دون "محرم".

اليمن ـ اعتبرت المحامية أفنان البطاطي، أن منعها من دخول عدن بدون محرم انتهاك للدستور اليمني الذي يكفل المساواة بين المواطنين وحرية التنقل، مؤكدة أن القرار يتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية سيداو التي تحظر التمييز على أساس النوع الاجتماعي.
في واقعة أثارت موجة من الغضب الحقوقي، منعت نقطة أمنية تابعة لقوات "الحزام الأمني" محامية يمنية من دخول مدينة عدن، بذريعة سفرها دون "محرم"، في حادثة وصفها نشطاء بأنها "انتهاك صارخ للدستور" و"تكريس لعادات لا سند لها في القانون اليمني".
وقالت المحامية أفنان البطاطي، وهي من محافظة حضرموت، إنها أُوقفت عند نقطة الحديد أثناء عودتها من محافظة تعز إلى عدن على متن حافلة نقل جماعي، مشيرةً إلى أنها خضعت لتفتيش نسائي روتيني لم يُسفر عن أي ملاحظات أو مخالفات، قبل أن يُمنع عنها العبور بحجة عدم وجود مرافق "رجل".
وأوضحت أنها نشرت بلاغها بتفاصيل الواقعة على صفحتها على مواقع التواصل الافتراضي "فيسبوك" يوم أمس الثلاثاء الثالث من حزيران/يونيو، ما أثار اهتماماً واسعاً وفتح نقاشاً ساخناً حول الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في اليمن.
وأوضحت أفنان البطاطي أن أفراد النقطة رفضوا التحدث معها بشكل مباشر، مستندين إلى معتقدات دينية تقول إن "الحديث مع النساء غير جائز"، واكتفوا بإبلاغ التعليمات لسائق الحافلة.
وأشارت إلى أن الشخص المسؤول في النقطة، والذي كان يرتدي زياً مدنياً ولم يقدّم نفسه، وقال عبارة واحدة عبر السائق "لو كانت تعرف الشرع والقانون لما خرجت بدون محرم"، وأصر على توقيعها تعهداً شفهياً بعدم تكرار السفر منفردة، قبل أن يُسمح لها بالمغادرة بعد قرابة ساعة من الانتظار والإلحاح.
تمييز جنسي
وتأتي هذه الحادثة في وقت تتصاعد فيه القيود المفروضة على النساء اليمنيات، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة المؤقتة المعترف بها دولياً، حيث تشهد بعض المناطق ممارسات تفرض على النساء وصاية ذكورية غير قانونية، سواء في التنقل أو العمل أو حتى في المشاركة المجتمعية.
ويرى مراقبون أن هذا النوع من الإجراءات يعكس تحولاً خطيراً في دور الأجهزة الأمنية، من حماية السكان إلى فرض القيود الاجتماعية غير الدستورية، ما يُهدد بتقويض أبسط الحقوق المدنية للنساء، تحت غطاء "الأمن" أو "العادات".
انتهاك دستوري
واعتبرت أفنان البطاطي، أن ما حدث يمثل انتهاكاً للدستور اليمني تحديداً المادة (41) التي تنص على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، والمادة (57) التي تضمن حرية التنقل، فضلاً عن مخالفته للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والتي التزمت بها اليمن منذ أكثر من ثلاثة عقود.
كما انتقدت ما اعتبرته تجاوزاً واضحاً للصلاحيات القانونية، موضحةً أن إدارة النقاط الأمنية من اختصاص وزارة الداخلية فقط، ولا يحق للتشكيلات العسكرية أو الجهات الخارجة عن مؤسسات الدولة فرض إجراءات غير منصوص عليها في القانون اليمني.
وأكدت أفنان البطاطي أنها تحتفظ بكامل حقوقها القانونية لمقاضاة المسؤولين عن الحادثة، داعيةً في الوقت نفسه الجهات المختصة، وفي مقدمتها وزارة الداخلية والنائب العام، إلى فتح تحقيق رسمي في الواقعة، ومحاسبة كل من يتجاوز صلاحياته أو يمس كرامة المواطنين دون مسوغ قانوني.