بعد 104 أعوام... أول لجنة برلمانية تُعنى بالقضية الكردية

تعتبر كلستان كيلج كوجيغيت، نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب DEM، أن تشكيل لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" خطوة تاريخية نحو حل ديمقراطي شامل للقضية الكردية، بعيداً عن المقاربات الأمنية.

إليف أكجول

أنقرة ـ تهدف لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية"، إلى الإشراف على مرحلة ما بعد الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني، والسعي إلى صياغة تشريعات تعزز الديمقراطية، وتكرّس السلام الدائم، وتضمن الحقوق المتساوية لجميع المواطنين، بما في ذلك معالجة القضية الكردية عبر نهج سياسي شامل بدلاً من المقاربات الأمنية.

في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ أكثر من قرن، شكلت لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" داخل البرلمان التركي، بهدف الإشراف على مرحلة ما بعد الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني، والسعي نحو حل ديمقراطي شامل للقضية الكردية، وتُعد هذه اللجنة التي عقدت في الخامس من آب/أغسطس الجاري أول اجتماع له، تطوراً سياسياً مهماً يعكس تحولاً في التعامل مع القضية من المقاربة الأمنية إلى الحوار والتشريع.

وصفت كلستان كيلج كوجيغيت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب DEM، سير عمل لجنة "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية"، بـ "نضج سياسي" يبعث على الأمل، وأن "القضية الكردية هي قضية ديمقراطية"، لذلك فإن التأكيد على الديمقراطية في اسم اللجنة يُعد أمراً مهماً، ذاكرةً بأن هذه اللجنة هي أول لجنة تُشكّل تحت سقف البرلمان في سياق القضية الكردية منذ لجنة كوجكيري عام 1921.

 

"الخطوة الأولى على عاتق الدولة والحكومة والبرلمان"

وأكدت كلستان كيلج كوجيغيت على ضرورة إعداد مشاريع قوانين من أجل تقدم العملية، وأن تُعرض هذه المشاريع اعتباراً من الأول من تشرين الأول/أكتوبر القادم، على اللجان المختصة من أجل مناقشتها وتحويلها إلى قوانين.

ولفتت إلى إنه بعد دعوة القائد عبد الله أوجلان في 27 شباط/فبراير الماضي لانعقاد مؤتمر حزب العمال الكردستاني، ومراسم إتلاف السلاح في 11 تموز/يوليو الماضي، كان من الضروري اتخاذ خطوة واضحة "يجب تقييم اللجنة التي تم تشكيلها في البرلمان التركي على أنها أول خطوة مهمة وملموسة تم اتخاذها على مستوى الدولة أو على أرضية البرلمان"، معتبرةً تشكيل هذه اللجنة في البرلمان بمشاركة سياسية واسعة أمراً بالغ الأهمية.

وتابعت "لأن القائد أوجلان، كما قال منذ اليوم الأول، أكدنا على أن البرلمان والمجتمع هما الطرفان المعنيان بهذه القضية، ليست قضية حزب العدالة والتنمية فقط، ولا قضية حزب الحركة القومية فقط، ولا قضية حزب معين أو الكرد فقط، بل هي قضية 86 مليون مواطن يعيشون في هذا البلد، كان يجب على جميع الأحزاب السياسية، سواء كانت ممثلة في البرلمان أم لا، أن تتحمل المسؤولية في هذا الشأن، ولكن بالطبع، الأولوية للبرلمان حيث تتجلى إرادة الشعب، عليه أن يؤسس أرضية للحل الديمقراطي للقضية الكردية، وهو أمر ذو مغزى وقيمة كبيرة، ومن هذا المنطلق، نعتبر أن تلبية هذه الدعوة وتشكيل هذه اللجنة أمر ثمين للغاية".

وشددت على أن المناقشات حول اللجنة "رغم أن كل حزب سياسي حمّلها معاني مختلفة وكانت التوقعات مختلفة، إلا أنها تقدمت بنضج"، مشيرةً إلى أن التوافق حول قانون العمل في الاجتماع الأول للجنة، والنضج السياسي الذي ظهر في الاجتماع الثالث لها، كانا مبعث أمل.

 

"القضية الكردية هي في الوقت نفسه قضية ديمقراطية"

فيما يتعلق بالنقاشات حول اسم اللجنة، أشارت كلستان كيلج كوجيغيت إلى أن الاسم لا يلبي توقعاتهم بالكامل، لكنها شددت على أن وجود تأكيد على "الديمقراطية" و"الأخوة" في الاسم يُعد أمراً مهماً بالنسبة لهم "ربما تكون الديمقراطية هي أكثر مشكلاتنا إلحاحاً اليوم، القضية الكردية هي أيضاً قضية ديمقراطية".

كما أكدت أن كلمة رئيس البرلمان التركي ورئيس اللجنة نعمان كورتولموش في افتتاح اللجنة كانت "إيجابية إلى حد كبير رغم وجود نقاط لا نتفق معها"، مضيفةً "لقد شهدنا بالفعل نهجاً إيجابياً في مرحلة تأسيس هذه اللجنة، ورأينا أنه بذل جهداً كبيراً من أجل تأسيسها، ومن هذا المنطلق، لاحظنا أنه تبنى نهجاً يسعى للتواصل مع الجميع، ويحاول إشراك الجميع في العملية، وهذا أيضاً موقف إيجابي ومُرضٍ للغاية".

وفيما يتعلق باجتماعات اللجنة، أوضحت كلستان كيلج كوجيغيت أن الاجتماع الأول خُصص لتحديد قانون العمل، وفي الاجتماع الثاني المغلق تم الاستماع إلى رئيس جهاز الاستخبارات، ووزير الدفاع، ووزير الداخلية، ورئيس الأركان العامة، حيث تم إطلاع الأعضاء على مراحل العملية التي وصلت إليها، وتم الرد على أسئلتهم، أما الاجتماع الثالث، فقد خُصص لمناقشة المسارات التي سيتم اتباعها في المرحلة المقبلة.

وقد لخّصت كلستان كيلج كوجيغيت مقترحات اللجنة في الاجتماع الأخير "من الآن فصاعداً، هناك اقتراح عام يتمثل في الاستماع إلى المؤسسات، والاستماع إلى الفئات المتضررة، والاستماع إلى الأكاديميين والمثقفين الذين لديهم آراء حول القضية الكردية وحلها الديمقراطي، وكذلك الاستماع للذين درسوا تجارب عالمية مختلفة، كما كانت هناك اقتراحات للاستماع إلى من أداروا عملية الحل السابقة، الآن سيقدم كل طرف قائمته الخاصة بالمؤسسات والأشخاص الذين يرغب في الاستماع إليهم عند رئاسة البرلمان، وسيتم توحيد هذه القوائم وإنشاء قاعدة بيانات مشتركة، ومن خلالها ستُجرى مناقشة حول من يجب الاستماع إليهم أولاً وتحديد خارطة طريق، أما الأسبوع المقبل ينتظرنا عمل لمدة يومين، وخلال هذين اليومين سنستمع إلى المؤسسات".

 

"اللجنة ليست لديها مشكلة في الشفافية"

تحدثت كلستان كيلج كوجيغيت أيضاً عن شفافية اجتماعات اللجنة والنقاشات حول الاجتماعات المغلقة، مشيرةً إلى أنهم منذ اليوم الأول أكدوا على ضرورة أن تكون اجتماعات اللجنة شفافة، وأن يتم إطلاع الرأي العام على مجرياتها، وذكّرت بأنهم عبّروا عن ذلك مراراً "اللجنة ليست لديها مشكلة في الشفافية".

وأوضحت أن أعضاء اللجنة يطلعون الرأي العام عبر وسائل الإعلام، وأن المحاضر موجودة أيضاً على موقع البرلمان "من هذه الناحية، ليست هناك عملية غير شفافة أو تُدار خلف الأبواب المغلقة، على العكس، هناك عملية نقاش تُدار أمام الرأي العام، أمام أعين جميع شعوب تركيا".

 

أول لجنة تُشكّل في سياق القضية الكردية بعد 104 عاماً

وشددت كلستان كيلج كوجيغيت على أنه بعد لجنة كوجكيري عام 1921، تم تشكيل لجنة في البرلمان في سياق القضية الكردية بعد مرور 104 سنوات "من هذه الناحية، نحن ندرك أهميتها التاريخية ونولي هذه اللجنة أهمية كبيرة، يجب أن تركز هذه اللجنة أولاً على عملية السلام، أي أنه لا ينبغي أن ننسى أن هذه اللجنة شُكّلت للتركيز على ذلك، ولحل القضية الكردية بشكل ديمقراطي".

وأضافت "اليوم، يجب سنّ تشريعات تلبي احتياجات المرحلة، يجب وضع تنظيم قانوني يوضح الوضع القانوني لمن يلقون السلاح، وكيف سيشاركون في الحياة السياسية والاجتماعية بعد ذلك، على هذا البرلمان وهذه اللجنة أن تناقش وتُنشئ الآليات والأسس القانونية لذلك، هناك العديد من الممارسات التمييزية التي ظهرت في سياق القضية الكردية، والتشريعات القانونية، يجب مناقشتها بسرعة وإزالتها".

وأشارت إلى أن "ما نسميه حل القضية الكردية ليس مجرد مسألة تتعلق بالسلاح، لا يمكننا القول إن القضية الكردية قد حُلّت لمجرد أن السلاح والعنف خرجا من المعادلة"، مؤكدةً على ضرورة تطوير صيغ للحل تُزيل الأسباب التي أدت إلى ظهور القضية الكردية.

 

"نحن بحاجة إلى نهج يُدفن فيه تطبيق تعيين الوصاة في طيات التاريخ"

وذكّرت كلستان كيلج كوجيغيت بالتحفظ الذي أبدته تركيا على ميثاق الإدارة الذاتية للسلطات المحلية الأوروبية "إذا كنا سنحل القضية الكردية اليوم، وإذا كنا نريد حقاً القضاء عليها، فعندئذ يجب إزالة التحفظات الموجودة في الاتفاقيات الدولية، نحن بحاجة إلى نهج ورؤية تُعزز الديمقراطية المحلية، وتُدفن ممارسات مثل تعيين الوصاة في طيات التاريخ".

ومن جهة أخرى، شددت على أن اللجنة ليست "لجنة قادرة على حل كل مشكلة"، وإنه على اللجنة أن تركز أولاً على إزالة القوانين التمييزية تجاه القضية الكردية بسرعة، وأن يكون هناك تنظيم قانوني يُنهي ممارسات مثل تعيين الوصاة، وأن تتبنى اللجنة رؤية تُزيل العقبات التي تعترض طريق الديمقراطية.

كما لفتت الانتباه إلى أهمية جعل العملية مجتمعية "نرى أن هناك نظرة سلبية متبقية من التجارب السابقة، لذلك، يجب اتخاذ خطوات وإجراءات سريعة من قبل هذه اللجنة لتعزيز الثقة، ولإزالة تلك النظرة السلبية".

 

"نحن بحاجة إلى نهج يُنهي ممارسات تعيين الوصاة"

قالت كلستان كيلج كوجيغيت إن استماع اللجنة إلى الفئات المختلفة من المجتمع التي تعرضت للظلم في هذا الشأن، والتي عانت فعلياً من هذه القضية، يُعد الخطوة الأولى نحو جعل هذه العملية مجتمعية "لكن هذا لا يكفي، في الوقت نفسه، يجب الكشف عن آليات تساهم في العملية من منظمات المجتمع المدني، ومنظمات الجماهير الديمقراطية، يمكن لهذه اللجنة أن تناقش هذه الأمور، وأن تتخذ قرارات بشأنها، إلى جانب ذلك، إذا تم تنظيم اجتماعات في مدن مختلفة، والالتقاء بالشعب، وشرح العملية للناس، وزيادة دعمهم، فأعتقد أن الدعم المجتمعي سيزداد يوماً بعد يوم".

وأضافت "وبذلك، سنكون قد بدأنا خطوات لتحويل هذه العملية من كونها مشكلة تخص أحزاباً سياسية محدودة، أو تخص لجنة من 51 عضواً في البرلمان، أو قضية تُناقش فقط داخل البرلمان، إلى عملية يتحدث عنها المجتمع بأكمله، ويكون فيها المجتمع كله مؤيداً للسلام والحل".

 

"يجب إعداد مسودات القوانين حتى شهر تشرين الأول"

وذكرت كلستان كيلج كوجيغيت إنه على اللجنة أن تُعد مسودات القوانين بسرعة حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر القادم، وأكدت أن هذه المسودات يجب أن تُرسل إلى اللجان المتخصصة ابتداءً من 1 من الشهر ذاته من أجل مناقشتها وتحويلها إلى قوانين.

وبالإضافة إلى ذلك، شددت على أن للجنة دوراً مهماً في تغيير الخطاب، وبناء خطاب جديد، وترسيخ خطاب السلام، وجعله يتغلغل في المجتمع، والسياسة، ووسائل الإعلام.