'إتلاف الأسلحة يبدي نية السلام وليس الاستسلام'

ما بين الكفاح المسلح والكفاح السياسي المجتمع الديمقراطي هدف يرجوه القائد عبد الله أوجلان من أجل إحلال السلام وصون حقوق الشعوب.

سيلفا الإبراهيم

الرقة ـ أكدت مزكين جوتكار أن من يُعرّف خطوة إنهاء الكفاح المسلح من قبل حزب العمال الكردستاني بالاستسلام أو يظلل حقيقتها هم الذين يبنون اقتصادهم على الحروب وسفك الدماء وتجارة الأسلحة، وهناك الكثير من الجهات التي تحاول إفشال عملية السلام التي لا تخدم أجندتهم.

نداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي لم يكن الأول من نوعه ولكن دائماً من كان يبني اقتصاده بتجارة الأسلحة وافتعال الحروب يعيق عملية السلام، ونداء القائد أوجلان الأخير واستجابة الحزب لندائه في إنهاء الكفاح المسلح أولى أهمية لحل القضية الكردية وبناء مجتمع ديمقراطي بالحوار والوسائل السياسية، بعيداً عن لغة السلاح.

وقد أثار إتلاف حزب العمال الكردستاني لسلاحه بحرقه جدلاً في الأوساط السياسية، وكذلك المجتمعية حول مدى جدية الدولة التركية واستجابتها للخطوات التي خطاها الحزب.

وحول أبعاد هذه المرحلة والخطوات التي خطاها حزب العمال الكردستاني وتداعياتها أجرت وكالتنا لقاءاً مع الإدارية في مجلس تجمع نساء زنوبيا مزكين جوتكار، التي اعتبرت أن تسليم الأسلحة لأي جهة يعني "الاستسلام"، إلا أن حزب العمال الكردستاني لم يسلم أسلحته بل أحرقها وهذا يعني إنهاء حقبة استخدام السلاح وتطوير لغة الحوار من أجل السلام، ويبين ذلك جدية القائد أوجلان في إنجاح عملية السلام.

 

PKK" تؤمن بالحل بالوسائل السياسية"

ذكرت مزكين جوتكار في مستهل حديثها مقولة القائد أوجلان "إذ كان خصمنا يؤمن بلغة الحوار والسلام لم نطلق حتى رصاصة واحدةً، ولكن الحاجة لحماية نضالنا وأيديولوجيتنا وحقنا وشعبنا حملنا السلاح، وسط عالم لا يؤمن بإرادة الإنسان إلا إذا كان صاحب قوة عسكرية"، مستندةً على هذه المقولة في حديثها أن "حقيقة من لا يملك قوة عسكرية لا يمكن اكتساب ثقة الشعب بالنضال الذي يخوضه والإيديولوجية التي يعتمدها، وهذا بالنسبة للعالم أيضاً من أراد أن يثبت وجوده للعالم عليه أن يمتلك منظومة حماية ودفاع"، ذاكرة أحد الأمثلة عن أهمية الحماية والدفاع في حياة أي كائن حي "الوردة أيضاً لتحمي نفسها تمتلك أشواكاً، وهنا نعني منظومة عسكرية من أجل الحماية ودفاع المشروع وليس من أجل الهجوم والاعتداء على الآخر".

وأشارت إلى أنه "في خضم النضال المسلح خلال 4 عقود، مر هذا النضال بالكثير من المراحل التي اطلق فيها القائد نداءات من أجل السلام، وإيقاف الحرب، فمبادرة القائد أوجلان في 27 شباط الماضي، لم تكن الأولى في تاريخ نضال الحزب، بل منذ عام 1993 أطلق القائد أوجلان سلسلة مبادرات تهدف لإحلال السلام وحل القضية الكردية بالحوار والوسائل السياسية، بعيداً عن لغة السلاح، وهذا دليل حي أمام أعين العالم في نية الحزب بريادة القائد للحل بالسلام بعيداً عن سفك الدماء، ولكن المصالح السياسية والاقتصادية لدول الشرق الأوسط والعالم اجمع منعوا بأن يحل السلام وتحسين لغة التواصل بالحوار، ولم يتم الاستجابة لنداءات السلام، وفي عام 2015 فرض على القائد عزلة مشددة ليقطع التواصل بينه وبين الشعب والحركة بشكل كلي"، موضحة بذلك محاولات القائد أوجلان من أجل السلام وأساليب إعاقة لغة السلام "الحركة التحررية دائماً ما كانت تضع مصلحة الشعب في أولوياتها بينما المجتمع الدولي كان يضع مصالحه الاقتصادية والسياسية في المقدمة، والحرب العالمية الثالثة القائمة حالياً دليل واضح أمام الأعين، سواء في إيران أو أوكرانيا أو غزة وشمال وشرق سوريا أيضاً يحمل تاريخاً كُتب بالحرب".

 

الأسباب التي دفعت تركيا للاستجابة لنداء القائد أوجلان

وأشارت مزكين جوتكار إلى الأسباب التي دفعت بحزب الشعب الجمهوري للاستجابة لنداء القائد أوجلان "كيف لحزب أو دولة حاربت حركة لـ 42 عاماً أن تستجيب لنداء السلام، حقيقة أن تركيا وصلت لطريق مسدود بشأن القضية الكردية بأساليب بعيدة عما يطرحه القائد، إلا أنه فشل بكل محاولته وهذا ما صرح به دولت بخجلي رئيس حزب الحركة القومية، ولكن مؤخراً أدركوا بأن أطروحات القائد أوجلان الحل الأمثل لإنجاح عملية السلام، وعندما رأى القائد بصيص أمل بإحلال السلام أبد استعداده وحمل على عاقته نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي" فهو يدرك تماماً بأنه لا يمكن حل القضية بالسلاح بل السلام هو طريق الوحيد للحل لذا سعى أن يجعل من هذه المبادرة واقعاً"، لافتةً إلى أن "نداء القائد بعد عزلة مشددة استمرت عدة سنوات كانت مفاجئة بالنسبة لنا كشعب وبالنسبة للحركة أيضاً وهذا النداء كان خطوة نحو الحل".

 

الاستجابة لنداء القائد أوجلان في إتلاف السلاح جزء من مرحلة السلام

وعن استجابة حزب العمال الكردستاني لنداء القائد أوجلان في حل الهيكلية التنظيمية للحزب وإنهاء الكفاح المسلح، بينت أن "هذه الخطوة تبدي نية القائد أوجلان والحزب مرة أخرى لعملية السلام، وهذا لا يعني أن يبقى المجتمع بلا حماية على العكس سيتحلى بالحماية الجوهرية، أي سيتسلح المجتمع بالوعي الفكري ويضمن حقوقه قانونياً ودستورياً".

وأشارت إلى أن إتلاف الأسلحة جاء في هذا الإطار وأن هذه الخطوة جاءت بعد أداء الحزب لمهامه، ولأن مهامه باتت أكبر على الصعيد السياسي والاجتماعي كان لا بد من تغيير أساليب النضال، خصوصاً أن إيديولوجية الحزب ليس حكراً على شعب واحد فقط بل هو يحتضن كافة الشعوب، وهذا يبين الحاجة لبدأ مرحلة جديدة من النضال على الصعيد السياسي والاجتماعي، ليستطيع هذا النضال احتواء فكر القائد أوجلان وتطبيقه لأن هيكلية PKK لم تعد كافية، بنسبة لإيديولوجية تطمح لتحرير كافة الشعوب.

وأوضحت أن هناك فرق كبير بين تسليم الأسلحة وحرقها "تسليم الأسلحة لأي جهة يعني الاستسلام إلا أن الحزب لم يسلم سلاحه بل أحرقه، أي يعني إنهاء حقبة استخدام السلاح وتطوير لغة الحوار من أجل السلام، وإجراء مراسيم إنهاء كفاح المسلح في مغارة جاسنه الشاهدة على تاريخ نضال وانتفاضة الشعب الكردي ذا قيمة معنوية عالية لدى الكرد"، لافتةً إلى أن "من يُعرّف هذه الخطوة بالاستسلام أو يظلل حقيقتها هم الذين يبنون اقتصادهم على الحروب وسفك دماء الشعوب وتجارة الأسلحة، وهناك الكثير من الجهات التي تحاول إفشال عملية السلام".

وأكدت أن "القائد أوجلان خطى خطوته التاريخية نحو السلام والآن دور تركيا في أن تخطو خطوتها نحو عملية السلام قانونياً ودستورياً، عبر تشكيل لجنة لمناقشة الدستور قانونياً وتعديل المواد التي تحتاج التعديل لضمان حقوق الشعب الكردي، وترسيخ مبدأ التعايش المشترك".

 

المجتمع الديمقراطي الحر

ويتطرق المجلد الخامس الذي يحمل عنوان مانيفستو الحضارة الديمقراطية خارطة الحل لبناء مجتمع ديمقراطي حر، بحسب ما أوضحته مزكين جوتكار "يعتبر مانيفستو الحضارة الديمقراطية طريق الحل لكافة القضايا العالقة، ولو استطعت الفئة المثقفة والمتعلمة تعريف محتوى هذا الكتاب لشعبها سيدركون ذلك، والأهم بأن يطبق كل فرد ما اكتسبه من هذا الكتاب لأنه يعزز مفهوم التعايش المشترك والتآخي بين الشعوب، ويرسخ مبدأ احترام الآخر وتقبله بكل اختلافه، وعدم سلب حقوقه، وإزالة الطبقية فيما بينهم، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد صراعات طائفية وتمييز عنصري".

وأوضحت مزكين جوتكار أن "القائد أوجلان يولي الأهمية إلى نشر هذا الكتاب على أوسع نطاق بين كافة الشعوب، وترجمته لكافة اللغات"، معتبرة أن نجاح مرحلة السلام التي يقودها القائد أوجلان سيجعلها مثال تقتدي به كافة الشعوب لحل قضاياها.

 

تجربة الإدارة الذاتية مثال حي على تطبيق نموذج الحضارة الديمقراطية

وأكدت أنه "رغم أوجه القصور إلا أن الإدارة الذاتية نموذج حي في تطبيق مانيفستو الحضارة الديمقراطية ولو لم يكن بشكل كامل إلا أنه استطاع تطبيق جزء منه فشعب إقليم شمال وشرق سوريا بكل اختلافه وتنوعه يتعايش مع بعضه ويدير نفسه بنفسه، والوفود الخارجية التي تزور إقليم شمال وشرق سوريا يبدون إعجابهم بهذه التجربة ويعترونها نظام حل لمشاكل المجتمع والشعب".

وأشارت إلى أن تدريب الشعب على هذا الأساس يعزز الوعي لديهم "لا يمكن لأي أحد التلاعب بنقاط ضعف المجتمع سواءً الدينية أو القومية"، مشددة على دور المرأة في إنجاح هذه المرحلة.

وفي ختام حديثها، دعت الإدارية في تجمع نساء زنوبيا مزكين جوتكار جميع النساء إلى "التعمق بهذه الفلسفة الواردة في هذا الكتاب لحماية أنفسهن ومجتمعهن وأرضهن، فالمرأة قادرة على لعب الدور الريادي في بناء مجتمع ديمقراطي حر".