استراتيجية وأهداف ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا (2)

تتمتع وحدات حماية المرأة YPJ بالاستقلالية الكاملة ضمن هيكلية قوات سوريا الديمقراطية QSD وشريك أساسي بالقرارات، وتتطلع لسوريا جديدة تحصل فيها المرأة على تمثيلية بنسبة لا تقل عن 50 بالمئة بكافة المؤسسات.

YPJ منظومة دفاعية كاملة تمثل الإرادة الحرة للمرأة

 

سيلفا الإبراهيم

الحسكة ـ بعد أن نظمت نفسها على مختلف الأصعدة توصلت المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا إلى ضرورة حماية المكتسبات، ومن هذا المنطلق أسست وحدات حماية المرأة التي تمثل نسبة 50 بالمئة في قوات سوريا الديمقراطية وتتمتع باستقلالية كاملة في منظومتها الدفاعية، وتتطلع إلى أن تكون التجربة في المنطقة نواة لسوريا الجديدة.

انعقد الكونفرانس التأسيسي لوحدات حماية المرأة بتاريخ ٤ نيسان/إبريل 2013 في مدينة ديريك بمقاطعة الجزيرة في إقليم شمال وشرق سوريا ليتمّ الإعلان عن وحدات حماية المرأة كأول جيش نسائي في الشرق الأوسط، لحماية المنطقة والدفاع عن حقوق المرأة ومكتسباتها، وكذلك تحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة المكونات.

وانطلقت بأبعادها الفكرية، الفلسفية والعسكرية، وتبنت نهج الدفاع المشروع لبناء مجتمع ديمقراطي وإيكولوجي، والتحرر الجنسوي، والوقوف ضد كل الهجمات التي تستهدف المنطقة، وأيضاً النضال ضد نظام التجييش التسلطي الذكوري ونظامه الجنسوي، الدينوي، القوموي، العلموي، أي النظام الأبوي الدولتي المرسخ لذاته، منذ خمسة آلاف سنة، والمغتصب للقيم الاجتماعية.

 

بدايتها والتحديات التي اجتازتها  

تحدثت لوكالتنا خلال لقاء خاص الناطقة باسم وحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا روكسان محمد عن البداية التي انطلقت منها وحدات حماية المرأة "ما بين عامي 2011 و2013، كانت وحدات حماية المرأة مجموعات صغيرة ضمن قوات الحماية الذاتية، ورغم التعداد القليل نسبياً إلا أنها نظمت نفسها وشاركت في الجبهات الأمامية للتصدي للهجمات الخارجية والداخلية، ومع ازدياد المنتسبات أعلنا عن تأسيس وحدات حماية المرأة عام 2013، وتأسست على مبدأ حرية المرأة، والمساواة بين الجنسين وبناء مجتمع ديمقراطي إيكولوجي يتخذ من حرية المرأة أساساً له، وبناء سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية، وهذه المبادئ شكلت أرضية للمضي قدماً نحو تحقيق تطلعاتها، لتجتاز الكثير من الهجمات والتحديات بشجاعة وفدائية وإصرار".

 

"المرأة التي تنتظر من أحد أن يحميها تترك كينونتها وحياتها للموت والعبودية"

وعما تميزت به ثورة روج آفا، وماكنت عليه المرأة سابقاً، وقدرتها على اجتياز النظرة النمطية التي تحد من دورها وتهمشها لفتت المتحدثة إلى أنه "عندما نصف ثورة روج آفا بثورة المرأة ذلك لأنها بريادة المرأة الكردية، وقد تم ترسيخ العدالة والمساواة في الثورة منذ لحظاتها الأولى لتصل إلى الأهداف المنشودة، فالمرأة التي أقصيت من كافة مجالات الحياة والتي وصلت لمرحلة لم يعد لها كينونة ووجود يعترف به، تمكنت بالثورة الذهنية التي أحدثتها وحدات حماية المرأة، من كسر المفاهيم الخاطئة ولم يكن ذلك سهلاً لكنها تحلت بالمبادئ والأهداف التي ارتكزت عليها حتى وصلت اليوم إلى ما هي عليه".

وأما عن الحاجة لتأسيس منظومة دفاعية خاصة بالمرأة أشارت روكسان محمد إلى أن "أي ثورة يجب أن تكون كاملة من حيث تنظيمها سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي والإداري وحتى العسكري، للحفاظ على الحقوق والمكتسبات التي أحرزتها المرأة وكان لا بد من وجود قوة دفاعية تصونها في ظل الهجمات التي تتعرض لها، وارتأينا بأن هناك ضرورة ملحة لتأسيس منظومة حماية ودفاع، ووحدات حماية المرأة شكلت خط الدفاع، وبرهنت بأنها قادرة على حماية مكتسبات المرأة وأن الميدان العسكري ليس حكراً على الرجال، بعد أن أدركت المرأة أن التي تتنظر من أحد حمايتها تترك نفسها وحياتها وكينونتها للموت والعبودية مرة أخرى".

 

"لسنا عشاق السلاح والحرب بل عشاق الحرية"

وتطرقت إلى الاستراتيجية التي يتم اتباعها والإيديولوجية التي تم اعتمادها "اعتمدت وحدات حماية المرأة إيديولوجية حرية المرأة المنبثقة من فلسفة القائد عبد الله اوجلان الذي فتح للمرأة الآفاق لتنال حريتها والذي يؤكد في فلسفته أن المرأة المنظمة والمدربة قادرة على قيادة نفسها ومجتمعها وتحمي أرضها دون الحاجة للاستناد على أحد في الدفاع والحماية، واستلهمت قوتها من هذه الإيديولوجية وارتكزت عليها لتقود ثورتها، وتسير نحو الحرية بتطلعاتها وأفكارها وأمالها".

ولفتت إلى أهمية الكفاءة الفكرية والمعرفة في نضالهم العسكري "ركزنا في وحداتنا على الجانب الفكري والتدريب لأن من يحمل السلاح يجب أن يعرف لماذا يحمله، فالتدريب الفكري يأتي في استراتيجيتنا بالدرجة الأولى لنسلط الضوء خلاله على أهمية معرفة تاريخ المرأة وحقيقتها والثورات التي خاضتها عبر التاريخ لنستلهم من تجارب النساء، وبالفعل استندنا على ذلك الميراث وقيمنا الأخطاء التي وقعت فيها تلك الثورات لنتلافاها في ثورتنا، وبهذا الشكل نبني امرأة متكاملة فكرياً ومن ثم عسكرياً وذلك عبر الاكاديميات، مع العلم أن إيلائنا الأهمية للفكر والوعي يعبر عن حقيقة وحداتنا، بأننا لسنا عشاق السلاح والحرب بل عشاق الحرية والحياة الكريمة التي تليق بالمرأة والشعوب التي اضطهدت عبر التاريخ".

وأكدت أن المرأة في المجال العسكري تتمتع بالكفاءة العالية في جميع الأقسام والتخصصات العسكرية ووحداتهم تجسد منظومة دفاعية كاملة.

 

استقلالية كاملة ضمن هيكلية QSD

بعد تأسيس قوات سوريا الديمقراطية في عام 2015 انضمت وحدات حماية المرأة لها، وتتمتع بخصوصية كاملة ضمنها عن ذلك أوضحت روكسان محمد أن "جميع القرارات المتعلقة بوحدات حماية المرأة بجميع أقسامها وتخصصاتها على صعيد التدريب واستراتيجية الحرب والدفاع هي من تقرر وتنفذ بحرية واستقلالية كاملة، وتعتبر وحدات حماية المرأة العامود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية وتمثل نسبة 50 بالمئة من قوتها، وتشارك في جميع القرارات التي تتخذها قسد شكلاً ومضموناً، سواء المتعلقة باستراتيجيتها أو دفاعها وحتى تدريباتها، وتمثل ذلك بقيادة وحدات حماية المرأة مع قوات سوريا الديمقراطية للمعارك ومن أبرزها محاربة داعش والقضاء عليه جغرافياً".

وأشادت بتنظيم وخبرات القوات العسكرية في المنطقة قائلةً "وحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية قادرة على أن تكون نواة لجيش سوريا لأنها تتملك خبرة وتجارب عسكرية كبيرة ولديها مشروع وطني".

 

نضال وحداتنا عابر للحدود

أنطلق كفاح وحدات حماية المرأة بالنساء الكرديات لتنضم إليهن فيما بعد نساء من قوميات وديانات مختلفة "بعد المقاومة التي خاضتها وحدات حماية المرأة في كوباني عام 2014 وانتصارها على داعش، انضمت لصفوفها فتيات عربيات وسريانيات واشوريات وارمنيات وتركمانيات وغيرهن من مكونات المنطقة وحتى أمميات تأثرن بشجاعة مقاتلاتنا، وأصبح نضال وحداتنا عابراً للحدود، وامتزجت دماء هؤلاء النساء لأنهن تعشن المعاناة نفسها من الذهنية الذكورية وتواجهن التحديات ذاتها وتناضلن للخلاص منها لبلوغ حريتهن، وباتت وحدات حماية المرأة المظلة لجميع التواقات للحرية وجسدت فلسفة JIN JIYAN AZADÎ".

 

قياديات ومقاتلات في مرمى المسيرات التركية

واعتبرت روكسان محمد أن وحدات حماية المرأة حقيقة وتاريخ يكتب بيد المرأة "ما نشهده من بطولات على أرض الواقع في سد تشرين وجسر قراقوزاق يمثل تاريخ المرأة الجديد وهذه الحقيقة الكاملة التي ستجعل من القرن الواحد والعشرون قرن حرية المرأة بامتياز"، مضيفةً "خلال السنوات الأخيرة رأينا كيف يستهدف الاحتلال التركي هؤلاء المقاتلات والقياديات لأن مخاوف الاحتلال تأتي من إدراكه بأن من يستطيع إيصال ثورة المرأة إلى بر الأمان هي المرأة، لذا يستهدفها لتحييدها عن نضالها ومقاومتها"، مؤكدة أن "هذا لن يثنيها عن نضالها لأنها مؤمنة بقوتها ووجودها وإرادتها، ونحن في وحدات حماية المرأة مستمرات حتى تحقيق حياة عادلة وديمقراطية للجميع".

 

تطلعات YPJ في سوريا الجديدة

أما عن تطلعات وحدات حماية المرأة لسوريا الجديدة أشارت إلى ضرورة ألا تكتفي النساء ببعض المناصب الحكومية "إن تعيين النساء في بعض المناصب في الحكومة الانتقالية لا يلبي تطلعاتنا كنساء سوريات، لأن لدينا تاريخ عريق من المقاومة وعليه يجب أن يكون للمرأة دور فعال في سوريا المستقبل، وأن تشارك في كتابة الدستور لتضمن حقوقها وحريتها، فيمكن للمرأة أن تكون وزيرة دفاع، أو رئيسة وزراء لأنها قادرة وهذا ما أثبتته خلال سنوات الثورة".

واختتمت الناطقة باسم وحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا روكسان محمد حديثها بالتأكيد على أنه "لا تستطيع أي ذهنية إقصاءنا والتنكر لنضالنا لأننا أصحاب منظومة دفاعية قادرة على حماية ما حققناه، وعلى المرأة أكثر من أي وقت مضى أن تستند في نضالها على الوحدة، وتعتمد على تبادل الآراء والتجارب، وأن تنظم ذاتها وتحمي نفسها بنفسها لنبني سوريا جديدة تضمن حقوق المرأة وحقوق جميع مكونات الشعب السوري، ويجب أن تكون نسبة الكوتا للنساء كما في الإدارة الذاتية 50 بالمئة".