أمينة أوسي: مواجهة العقلية المتطرفة تبدأ بالحوار وتنتهي بالدفاع الذاتي

أكدت أمينة أوسي، المتحدثة باسم العلاقات الخارجية في مؤتمر ستار، أن استلام هيئة تحرير الشام للسلطة تمثل إعادة إنتاج لممارسات داعش، حيث تُستغل النساء في الساحل السوري والسويداء، وتواجهن القتل والانتهاكات والاعتداءات الجسيمة، مؤكدةً أن هذا السلوك يجسد عقلية

هيلين أحمد

السليمانية ـ نفّذ داعش جريمة إبادة جماعية ضد الإيزيديين في شنكال دون تمييز، واليوم، يتكرر هذا السيناريو في سوريا، حيث تُمارس ذات العقلية المتطرفة من قبل جهاديي هيئة تحرير الشام الإبادة بحق العلويين والدروز، عبر القتل الميداني، تدمير الممتلكات، والاعتداء على النساء، بما في ذلك الاتجار بهن.

وسط الفوضى والإرهاب الذي يعصف بسوريا، نظمت نساء إقليم شمال وشرق سوريا أنفسهن، وتفرضن حضورهن في مراكز القرار، وأصبحن درعاً لحماية المجتمع من الانهيار.

 

من التنظيم الذاتي إلى مواجهة الإرهاب... نضال المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا

أوضحت أمينة أوسي، المتحدثة باسم العلاقات الخارجية في مؤتمر ستار، إن نساء إقليم شمال وشرق سوريا حققن خلال 13 عاماً إنجازات بارزة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، حيث نظّمن أنفسهن ضمن منظومات نسائية متكاملة لمعالجة القضايا المجتمعية.

وأشارت إلى أن النساء في مختلف القطاعات استطعن بناء نظام خاص بهن لحل المشكلات، إلى جانب تأسيس منظومة قضائية تضمن العدالة والمساواة، تضم 49 بيتاً للنساء، تُوفر الحماية وتُعزز قدراتهن على الدفاع الذاتي.

كما لفتت إلى أن النساء يعملن على تطوير أنفسهن سياسياً واقتصادياً، مما أدى إلى وصول نسبة تمثيلهن في نظام الإدارة الذاتية إلى 50%، حيث تتولى النساء إدارة شؤونهن في جميع المناطق، ويتخذن القرارات المتعلقة بهن بشكل مستقل، ما مكّنهن من ترسيخ إرادتهن الحرة في مواقع صنع القرار.

وفي عام 2014، صدر قانون الأسرة في المنطقة، ويتألف من 28 مادة تهدف إلى ضمان حقوق النساء، ويشمل جميع أفراد الأسرة من نساء وأطفال، ويمنح القانون المرأة حق حضانة الأطفال بعد الانفصال، ويُجرّم كافة أشكال العنف ضد النساء، ويعتبرها جرائم يعاقب عليها القانون.

وأكدت أمينة أوسي أن النساء في إقليم شمال وشرق سوريا، استطعن حماية حقوقهن رغم التحديات، لكن النظام الجديد الذي يحمل عقلية طائفية يُشكل تهديداً خطيراً، خاصة بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سوريا، حيث بدأت المخاطر تتصاعد، والنساء يواجهن تهديدات بالقتل والاغتصاب والاتجار، في مشهد يعيد ما تعرضت له النساء الإيزيديات من فظائع.

وشددت على أن هذه التهديدات تُنذر بتكرار المأساة، وإذا لم يتم التصدي لها، فإن النساء بإقليم شمال وشرق سوريا سيواجهن من جديد نفس المصير، لذلك، من الضروري أن تتكاتف النساء السوريات لمواجهة هذه العقلية، التي لا تعترف بالمرأة، مؤكدةً أنهن أجرين لقاءات وتفاهمات مع نساء سوريا للوقوف صفاً واحداً ضد هذا النظام، وحماية مكتسباتهن، وترسيخ إرادتهن الحرة.

 

"عودة التطرف تهدد سوريا بمجازر جديدة ضد الأقليات والنساء"

وأفادت أمينة أوسي بأن هيئة تحرير الشام تمثل تياراً جهادياً متطرفاً، ينبثق من عدة ديانات مختلفة، ويقوم على إنكار وجود المرأة، دون أن يكون هدفه مجرد الانتشار، بل يسعى إلى فرض سلطته بالقوة، موضحةً أنه مع تولي الهيئة الحكم، يواجه الشعب السوري مجدداً موجات من المجازر الجماعية، حيث يتم استهداف كل من لا ينتمي إلى قوميتهم أو طائفتهم.

وأشارت إلى أن العلويين كانوا من بين المستهدفين، حيث قُتل منهم نحو ثلاثة آلاف مواطن، وتعرضت آلاف النساء للاغتصاب والقتل والاتجار، ولم تكن نساء السويداء بمنأى عن هذه الانتهاكات، إذ واجهن نفس المصير من قتل واغتصاب واعتداءات جسدية.

وأكدت على أن هذا النوع من "العقلية" الذي تستخدمه هيئة تحرير الشام لا يمثل عقلية دولتية، بل هو عقلية جهادية متطرفة، وتشكل تهديداً حقيقياً للإنسانية، محذرةً من أن استمرار الوضع الراهن في سوريا دون تغيير، ومن دون وجود قانون ديمقراطي، سيؤدي إلى كارثة إنسانية، خاصة بالنسبة للنساء، اللواتي سيكنّ في مواجهة مباشرة مع الخطر.

 

"الحوار خيارنا والدفاع حقنا في وجه التطرف"

وأكدت أمينة أوسي أن الحوار والمفاوضات يشكلان السبيل الأمثل لمعالجة الوضع الراهن، مشددةً على أنهم يبذلون جهوداً جدية من أجل إحداث تغيير حقيقي في سوريا، ومع ذلك، حذّرت من أنه إذا استمر جهاديي هيئة تحرير الشام في نهجهم العدائي، فإن نساء إقليم شمال وشرق سوريا والشعوب التي تعيش ضمن إطار الوحدة الوطنية الديمقراطية، سيضطرون إلى الدفاع عن أنفسهم.

في ختام حديثها، شددت على أن النساء سيقمن بحماية أنفسهن في ظل هذه الفوضى، لأنهن يؤمنّ بلغة الحوار، لكن في حال فرضت الظروف غير المرغوبة نفسها، فإن الحاجة إلى امتلاك القوة والوحدة تصبح أمراً ضرورياً لمواجهة الاعتداءات، موضحةً أن هذا الدفاع يجب أن يتم عبر الوسائل الدبلوماسية والقانونية والسياسية، ولكن إذا وقع هجوم مباشر، فعلى شعوب إقليم شمال وشرق سوريا أن تكون مستعدة لحماية نفسها من خلال تنظيمها الذاتي.