التعذيب والتحرش الجنسي... رد السلطة التركية على الاحتجاجات

تعرض المئات من الأشخاص للتعذيب وسوء المعاملة خلال الاحتجاجات في العديد من المدن التركية، خاصة إسطنبول، ويتم استهداف النساء والشباب بشكل خاص.

مدينة مامد أوغلو

إسطنبول ـ تستمر الاحتجاجات التي بدأها الناس في إسطنبول بعد اعتقال رئيس بلديتها وعلى إثرها تم احتجاز ما لا يقل عن ألف و879 شخصاً، كما تعرض المئات من الأشخاص، خاصة النساء والشباب، للتعذيب وسوء المعاملة.

في حين تقدمت العديد من الشابات اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي والتفتيش العاري والتهديد من قبل الشرطة التركية بشكاوى، قامت منظمات حقوق الإنسان والمحامين والعاملين في المجال الصحي بتشكيل مكتب أزمة لرصد هذه الانتهاكات.

 

"الحقوق الأساسية تنتهك منذ بداية الاحتجاجات"

صرحت المحامية ديداري هازال سوملي، عضوة فرع إسطنبول لجمعية محامين من أجل الحرية ÖHD، أن النساء والشباب هم الأكثر استهدافاً في حوادث الاحتجاز والتعذيب، لافتةً الانتباه إلى أن الاحتجاز تحول إلى ممارسة عقابية.

وذكرت أن النساء يتعرضن في الغالب للتحرش الجنسي والعنف الجسدي والتفتيش العاري "التكبيل العكسي شائع، واستخدام القوة غير المتناسبة أثناء التدخل، وممارسات مثل إبقاء النساء في السيارات لفترة طويلة، معظم المحتجزات يتم تكبيل أيديهن خلف ظهورهن لساعات قبل نقلهن إلى المستشفى، ولا يُسمح لهن حتى بتلبية احتياجاتهن الأساسية".

وأضافت "في إحدى إفادات الشرطة التي تلقيناها، قالت شابة أن أحد رجال الشرطة قام بلمس صدرها أثناء تقييدها بالأصفاد، وأنها بللت نفسها بسبب الخوف الذي شعرت به، وأن عنف الشرطة استمر رغم ذلك، هذا الموقف يدل على أن الاحتجاز لم يعد مجرد تقييد للحرية بل تحول إلى كسر للإرادة وإهانة وعقاب علني من خلال الجسد".

 

"تعرضت النساء للتفتيش العاري والتحرش الجنسي والتهديد"

وفي معرض حديثها، لفتت ديداري هازال سوملي الانتباه إلى الانتهاكات التي تتعرض لها النساء على وجه الخصوص "النساء فئة مستهدفة بشكل خاص، فهناك من تعرضن للتدخل الجسدي من قبل ضباط الشرطة الذكور أثناء احتجازهن، ويتم تمزيق ملابسهن ولمس أجزاء خاصة من أجسادهن، التفتيش العاري والتهديدات والإهانات الجنسية هي من بين الممارسات التي تتعرض لها النساء بشكل متكرر".

وأشارت إلى أنه "وفقاً لبعض الإفادات التي تلقيناها، تم تقييد أيدي النساء خلف ظهورهن لساعات وتعرضن لضغوط جسدية ونفسية، كما ذكرت بعض النساء أنهن تُركن بمفردهن في سيارات الاحتجاز وتعرضن للتهديد من قبل ضباط الشرطة الذكور، هذا الوضع يدل على أن قوات الأمن تجاوزت حدود سلطتها وحولت عملية الاحتجاز إلى أسلوب ممنهج للتخويف والترهيب والعقاب".

 

"هذه الصورة هي نتيجة نظام الإفلات من العقاب"

"إن الصورة التي نلاحظها في الميدان هي نتيجة نظام الإفلات من العقاب"، هذا ما أكدت عليه ديدار هازال سوملي وأن عمليات التعذيب مقصودة لإضفاء الشرعية على هذه الممارسات، "إن ضباط إنفاذ القانون يعلمون أن أفعالهم غير القانونية وتدخلاتهم غير المتناسبة والتعذيب وسوء المعاملة لن تكون سبباً لتقديمهم للعدالة ويتصرفون على هذا الأساس.

وأوضحت "إن ما تتعرض له الشابات في المعتقلات ليس فردياً فقط، بل هو محاولة جماعية لكسر إرادتهن، ويتعرض الصحفيون لضغوطات مماثلة، ويتم فتح تحقيقات ضد من يوثق ويصور هذه الانتهاكات، بعبارة أخرى، لا يُمارس العنف فحسب، بل يُراد أيضاً معاقبة من يفضح هذا العنف".

 

"نعتبره مجالاً للنضال السياسي والاجتماعي"

وفي ختام حديثها قالت ديدار هازال سوملي إنهم يتابعون عن كثب حالات التعذيب والاعتقالات، وأنهم سيتقدمون بالشكاوى الجنائية اللازمة "نحن بصدد إعداد طلبات لجمع تسجيلات الكاميرات ووثائق الإحالة إلى المستشفى وإفادات الشهود لتحديد هوية الجناة العاملين في قوات الأمن، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم الطلبات إلى كل من المنظمات المهنية والسلطات الإدارية في حال عدم تسجيل الأطباء لآثار التعذيب أو رفضهم الفحص، نحن لا نعتبر هذه العملية نضالاً قانونياً فحسب، بل نعتبرها نضالاً سياسياً واجتماعياً".