السودان... النزاع مستمر والوضع الإنساني والصحي في تدهور
أكدت تقارير حقوقية أن الوضع الإنساني والصحي في السودان وصل مرحلة حرجة في ظل نفاذ المواد الغذائية وانتشار الأوبئة، فضلاً عن الانتهاكات التي تطال السودانيات في مراكز الإيواء.

مركز الأخبار ـ في ظل ازدياد جرائم القتل والخطف وارتفاع نسبة الانتهاكات، برزت مخاوف من تحول سودان إلى بيئة خطرة تهدد الأطفال والنساء، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فحتى الملاجئ التي ينبغي أن تكون آمنة باتت تشكل أزمة نفسية وأضرار جسدية لقاطنيها، فضلاً عن الواقع الصحي والإنساني الذي وصل إلى أسوأ حالاته.
لا يزال النزاع في السودان مستمراً حيث هاجمت قوات الدعم السريع بأربع طائرات مسيرة انتحارية فجر اليوم الثلاثاء 14 تشرين الأول/أكتوبر، منطقة عد بابكر في شرق النيل بولاية الخرطوم، والذي أدى إلى مقتل أب وطفلته وإصابة أخرى، وبحسب المعلومات التي تداولتها الوكالات السودانية فإن الطائرات استهدفت منازل المدنيين.
ترحيل 106 نساء قسراً من الخرطوم
وفي ذات الوقت شهدت ولاية الخرطوم انتهاكاً صارخاً بحق السودانيات، حيث أقدمت السلطات السودانية على ترحيل 106 نساء من الجنوب قسراً، إلى منطقة وانطو الحدودية وسط ظروف إنسانية صعبة، ومن بين المرحلات 61 امرأة تركن أطفالهن في الخرطوم، من دون معرفة أي معلومات عن أوضاعهم ومصيرهم، ما أثار قلقاً واسعاً بشأن مصير هؤلاء الأطفال الذين ظلّوا دون ذويهم في العاصمة السودانية، وسط مطالباتٍ متزايدة بضرورة احترام الحقوق الإنسانية للمقيمين في الجنوب خاصة في ظلّ الظروف الأمنية والإنسانية المعقّدة التي تمر بها البلاد.
وفي هذا السياق، وجّه المحافظ بحجز الحافلات التي قامت بعملية الترحيل إلى حين إعادة الأطفال إلى ذويهم، كما قدمت بعض المنظمات الإنسانية مساعداتٍ طارئة للنساء المرحّلات، في محاولةٍ للتخفيف من آثار الوضع الذي وجدن أنفسهنّ فيه.
ومنذ تصاعد النزاعات في السودان في نيسان/أبريل 2023 وحتى اليوم، نزحت حوالي 52% من النساء السودانيات وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة، غير أنّ هذه الإحصائيات لم تذكر أرقاماً واضحة عن نساء الجنوب اللواتي رُحّلن قسراً أو نزحن بسبب النزاع.
مقتل 17 طفل في هجوم على مركز للنازحين في الفاشر
وبينما تُرك الأطفال في الجنوب بدون ذويهم ليواجهوا مصيرٍ مجهول، واجه العديد من الأطفال في مركز النازحين في الفاشر الموت، وأفادت اليونيسف في بيانٍ أصدرته الأحد 12 تشرين الأول/أكتوبر، بأنّ الهجوم وقع في منشأةٍ تأوي عائلاتٍ نازحة بسبب النزاع الدائر في المنطقة، مشيرةً إلى أنّ قتل الأطفال وإصابتهم يعدّ انتهاكا جسيما لحقوقهم، وأنّ الهجمات على المدنيين في أماكن يُفترض أن توفّر لهم الأمان والملجأ أمرٌ غير معقول.
وهذا لم يكن الانتهاك الأول الذي يتعرّض له الأطفال في السودان، فمع تصاعد الأزمة منذ عام 2023، واجه حوالي 2000 طفل مختلف أشكال العنف، من قتلٍ وتشويهٍ وتهجيرٍ واختطافٍ وانتهاكٍ وتجنيد، وفق تقارير الأمم المتحدة.
كما تعرّض حوالي 1000 طفل للاختفاء القسري بين عامي 2023 ـ 2024، فيما قُتل نحو 3000 طفل وطفلة، بحسب إحصائية أجراها المجلس الوطني لرعاية الطفولة في السودان في أيلول/سبتمبر 2024.
المساعدات الإنسانية تتقلص والوباء يتفشى
وأكدت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان عدم القدرة على إرسال أي شحنات إغاثية إلى الفاشر في الوقت الراهن بسبب استمرار القتال وإغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة، وقد تسبب النزاع الدائر في السودان بفقدان نحو 120 من العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية منذ اندلاعها، ما يعكس حجم المخاطر والتحديات التي تواجهها المنظمات الدولية في أداء مهامها داخل البلاد.
وقد أدت هجمات قوات الدعم السريع إلى تفاقم أزمة نقص الغذاء، حيث توقفت معظم المطابخ الخيرية التي تُقدِّم القليل من الطعام إلى السكان المحاصرين في المدينة، بسبب نفاد المواد الغذائية في الأسواق، ووصل الحال إلى أن يتناول السكان أوراق الأشجار وعلف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة بحسب شهود أفادوا لمواقع سودانية.
وفي غضون ذلك سجلت ولاية الخرطوم خمس عشرة إصابة مؤكدة بمرض الدفتيريا، بينها ثلاث حالات وفاة خلال ثلاثة أيام فقط، في منطقة الجريف شرق بمحلية شرق النيل، وسط تحذيرات من تفشٍ وبائي وشيك، فقد أكدت عضوة اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان وأخصائية الباطنية والأوبئة أديبة إبراهيم السيد أن المرض في ازدياد مطّرد وأن كل ساعة تأخير في التدخل تعني مزيداً من الأرواح المهددة.
وأشارت إلى أن الأوضاع الصحية بلغت مرحلة الخطر، في ظل غياب الإجراءات الوقائية العاجلة، ونقص حاد في الإمداد الدوائي، حيث أصبح الدواء المنقذ للحياة متاحاً فقط في السوق السوداء بأسعار تفوق قدرة المرضى، ما حول كل حالة إصابة إلى مأساة إنسانية متكررة، مشددةً على ضرورة إعلان الخرطوم منطقة موبوءة.
وبحسب زارة الصحة السودانية فقد تم تسجيل 409 حالة إصابة بالكوليرا في عدة ولايات، بينها 13 حالة وفاة، وهي مرتبطة بشكل مباشر بالمياه والغذاء، ومعظم حالات حمى الضنك تم تسجيلها في ولاية الخرطوم.