الشعب السوري بين مطرقة التدخلات وسندان العقلية السلطوية
أكدت ليلى أحمد الناطقة باسم ((PYD أن تدخل الدولة التركية في الشأن السوري شكّل أحد أبرز العوامل التي عمقت الأزمة، مشيرةً إلى أن تداعياته لا تزال تؤثر على استقرار البلاد، الذي لا يمكن أن يتحقق دون إرادة جامعة.

برجم جودي
كوباني ـ تعد تركيا من أوائل الدول التي تدخلت في الأزمة السورية، واستطاعت أن تستفيد منها بشكل واسع لخدمة مصالحها ومشروعها الاحتلالي، فعلى مدار 14 عاماً، يواصل الاحتلال التركي عدوانه وتدخله، واليوم بات يفرض سيطرته بشكل فعلي على الحكومة السورية المؤقتة، في خطوة تعكس تغلغله في مفاصل القرار السوري.
أوضحت ليلى أحمد الناطقة باسم مكتب العلاقات في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا، أن تدخل الدولة التركية في الشأن السوري خلّف آثاراً خطيرة على الاستقرار والأمن، خاصة في ظل الهجمات المستمرة على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، التي تعرقل جهود الحل السياسي وتعمّق الأزمة الإنسانية، مشددةً على ضرورة التصدي لهذه السياسات الممنهجة لحماية مستقبل المنطقة.
"لعبت الدولة التركية دوراً سلبياً في جميع الجوانب"
قالت ليلى أحمد إن "تدخل الدولة التركية في سوريا منذ بداية الأزمة وحتى اليوم شكّل أكبر عائق أمام الاستقرار السياسي والاجتماعي، خاصة في سياق هجمات داعش على إقليم شمال وشرق سوريا، فتركيا قدمت دعماً واسعاً لداعش في مجالات التدريب، التنظيم، الدعم اللوجستي، والتسليح".
وأضافت "تركيا نظّمت ما تسمى بـ "المعارضة السورية" وحوّلتها إلى مرتزقة، جردتها من جوهرها واستغلتها لتحقيق مصالحها الخاصة، كل ذلك في محاولة منها لإثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار في سوريا، وإشعال الفتنة بين المكونات، إلى جانب عشرات القضايا الأخرى التي تعكس تدخلها الممنهج في الشأن السوري"، مشيرةً إلى أن "هذا النهج لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا، مما يعرقل جهود الحل ويعمّق الأزمة".
"سوريا محتلة جغرافياً وسياسياً"
وأكدت ليلى أحمد أن "تركيا احتلت أجزاء واسعة من الأراضي السورية مثل عفرين وجرابلس وكري سبي وسري كانيه، وهذا الاحتلال تم بشكل علني وشامل، ويُعد مزدوجاً جغرافياً وسياسياً".
وأضافت أن "هذه المناطق المحتلة فُصلت عن هويتها السورية وتحولت فعلياً إلى أراضٍ تركية، حيث تشهد يومياً عمليات تغيير ديموغرافي ممنهجة وإبادة للسكان الأصليين، وهذا السلوك يتعارض بشكل صارخ مع الدساتير والقوانين والاتفاقيات الدولية التي تمنع سيطرة أي دولة مجاورة على أراضي دولة أخرى".
ومع ذلك، فإن الشعب السوري، بحسب قولها، يعاني من الاحتلال والتدخل التركي المستمر منذ عام 2011، والذي يهدد وحدة سوريا واستقرارها.
"نفس النظام والعقلية"
وأشارت ليلى أحمد إلى أن "واقع الحكومة السورية المؤقتة كُشف بسرعة بعد سقوط النظام السوري السابق، حيث كان الشعب السوري بمختلف مكوناته ومعتقداته وأعراقه يحدوه الأمل في مستقبل مستقر، سلمي، متكافئ وديمقراطي، إلا أن جهاديي هيئة تحرير الشام الذين وصلوا إلى السلطة سرعان ما ظهرت حقيقتهم، لتقع مصائر السوريين مجدداً في قبضة نفس العقلية السلطوية".
وأضافت أن "هذه الحكومة أعادت فرض نظام يقوم على العلم الواحد، واللغة الواحدة، والأمة الواحدة، مما أدى إلى تحطيم آمال الشعب السوري في التعددية والعدالة"، لافتةً إلى أن "المجازر والانتهاكات التي استهدفت الطائفتين العلوية والدرزية، إلى جانب التهديدات المستمرة ضد المكونات الأخرى، كشفت بوضوح طبيعة هذه الحكومة ومآلات مستقبل سوريا في ظل سياساتها الإقصائية".
"تقوض عملية المصالحة والتوافق"
وأوضحت ليلى أحمد التأثير العميق والمباشر للدولة التركية على مجريات الأحداث في سوريا، مشيرةً إلى أن الحوارات والاتفاقات حول مستقبل البلاد لا تزال قائمة، إلا أن كل خطوة إيجابية أو موقف يحمل أملاً يُقابل بتدخل فوري من تركيا يعطل العملية برمتها.
وبيّنت أن "التدخل المتكرر يؤدي إلى نشوء صراعات عديدة، حيث تُصدر الحكومة السورية المؤقتة تصريحات ومواقف إيجابية، لكنها تبقى دون تنفيذ فعلي، مما يُضعف فرص التوصل إلى حل حقيقي".
وقالت "كلما وقع حدث أو لقاء مؤثر، تبدأ زيارات متبادلة بين الدولة التركية والحكومة السورية المؤقتة، وهو ما تُظهره اللقاءات الأخيرة التي كشفت عن تدخل تركي مباشر في سياسات الحكومة، واستراتيجيتها، ومواقفها، مما يعكس حجم التأثير التركي على القرار السوري الداخلي".
"التدخل التركي في سوريا يفضي إلى مستقبل مُعتم"
وشدّدت على أهمية الحلّ الداخلي والمصالحة الوطنية "الشعب السوري تكبّد خسائر جسيمة نتيجة الأزمة، وجميع مكونات المجتمع السوري تحملت تبعاتها، وقدّمت تضحيات كبيرة، مما يجعل المطالب والآمال مشتركة بين الجميع".
وأكدت الناطقة باسم مكتب العلاقات الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي ليلى أحمد أن استمرار تدخل الدولة التركية في الشأن السوري يُعد عائقاً أساسياً أمام أي إمكانية للحل "في ظل هذا التدخل لا يمكن حتى الحديث عن تسوية سياسية، كما أنه لا أحد يقبل بعودة سوريا إلى ما كانت عليه في عهد النظام السوري السابق، ولا أحد يرغب في العيش تحت حكم ذلك النظام من جديد، والحل الحقيقي يكمن في أيدي الشعب السوري ومكوناته، وأن دمشق يمكن أن تكون منطلقاً لهذا الحل، لكن استمرار التدخلات الخارجية، وعلى رأسها التدخل التركي، سيحول دون تحقيق سوريا الحرة، الديمقراطية، المتساوية، واللامركزية".