الدور الأساسي لوسائل الإعلام في المجتمع الإنساني

واجهت أفغانستان، ذات التاريخ الغني في مجال الإعلام، العديد من التحديات والقيود، خاصة فيما يتعلق بتعزيز وعي المرأة.

بهاران لهيب

أفغانستان ـ تلعب الصحافة دوراً أساسياً في المجتمعات الإنسانية، واعتماداً على حكومات البلدان المختلفة، يختلف دور الصحافة أيضاً؛ حيث أن جميع المجتمعات تنقسم إلى الخير والشر في التعامل مع الظواهر، وينقسم المراسلون والصحفيون أيضاً إلى مجموعتين، أشخاص يعكسون واقع المجتمع وأشخاص يحمون مصالح الحكام.

في أفغانستان صدرت لأول مرة عام ۱۲۵۲ هجرية مجلة اسمها "شمس النهار" وكان لها دور فعال في عكس حرية التعبير في ذلك الوقت، كما في عهد أمان الله خان وزوجته الملكة ثريا، بذلت الجهود لتحرير المرأة، ففي المادة 11 من دستور ذلك العصر تم تحديد دور الصحافة في إعلام الناس ووجود مجلة خاصة بالمرأة، وتعتبر ضرورية للغاية.

وأول مجلة ترأستها نساء، كانت تحت إدارة أسماء ترزي والدة الملكة ثريا، وكانت تسمى "إرشاد النساء"، ولعبت هذه المجلة دوراً مهماً في توعية النساء ومحاربة المجتمع الأبوي، ومنذ ذلك الحين، وجدت وسائل الإعلام مكانة خاصة بين شعب أفغانستان، وبعد ذلك، في عام ۱۳۶۰، صدرت مجلة "بايام ـ أي ـ جن"، أي رسالة النساء للكاتبة مينا كيشوار كمال ومؤسسة جمعية المرأة الثورية في أفغانستان "راوا"، وتحدت مجلة "بايام ـ أي ـ جن" الأحزاب الأصولية والجهادية والقوى الرأسمالية بلهجة متطرفة واعتبرتها سبب الفقر السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي للشعب الأفغاني، وخاصة النساء.

ومع تقدم العلم والتكنولوجيا، إلى جانب وسائل الإعلام المطبوعة، تشكلت أيضاً وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وشبكات التواصل الاجتماعي. اليوم، مع إنشاء الشبكات الاجتماعية، أصبح كل شخص مراسلاً لبيئته، ويجب أن نتذكر أن الأسرة الإعلامية كان لها ضحايا في جميع أنحاء العالم؛ إذ تتعرض حياة العاملين في وسائل الإعلام للتهديد يومياً في البلدان التي مزقتها الحروب والغير آمنة، وفي كثير من الحالات تكون الحكومات متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المسألة، ومن بين أمور أخرى، يمكن أن ذكر الإعلاميتين غولستان تارا وهيرو بهاء الدين، اللتين قتلتا بطائرة مسيرة تابعة للاحتلال التركي أثناء عملهما الإعلامي.

وفي أفغانستان، منذ بدء النشاط الإعلامي، قُتل العديد من الصحفيين، رجالاً ونساءً، أثناء إعداد التقارير، وفي السنوات العشرين الماضية، نشطت وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والإذاعية في جميع أنحاء أفغانستان، وتم إنشاء عدد من هذه الوسائط بدعم مالي مباشر من الولايات المتحدة وقادة المجرمين الجهاديين وطالبان والتكنوقراط، واستخدمت كسلاح للسيطرة على عقول الناس وفرض سياسات خاطئة، لكن من ناحية أخرى، أهل المعرفة والوطنيون استخدموا منشوراتهم لتوعية الناس، وخاصة حول دور المرأة في المجتمع.

ومع وصول حركة طالبان إلى السلطة، تزايدت حالات العنف والجرائم ضد العاملين في وسائل الإعلام، وأعلن "مركز أخبار الإعلام الحر في أفغانستان" (NAI) في تقريره السنوي أنه تم تسجيل 181 حالة عنف خلال عام واحد، شملت الإغلاق القسري لوسائل الإعلام، والضرب، والتهديد، والشتائم، والسجن، واختفاء الصحفيين.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد مرت أكثر من ثلاث سنوات على سيطرة طالبان على الحكم، وخلال هذه الفترة، كانت النساء، إلى جانب جميع العاملين في وسائل الإعلام، هن من خسرن أكبر عدد من الضحايا، وحرمتهن حركة طالبان من وظائفهن، وفي بعض الحالات قتلتهن، وفي الأشهر القليلة الماضية، نشرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قانوناً يمنع بموجبه بث الصور أو مقاطع الفيديو، لأي من الكائنات الحية، وأدى هذا القانون إلى توقف العديد من وسائل الإعلام المرئية في مختلف المقاطعات عن أنشطتها، وتم منح وسائل الإعلام في كابول مهلة شهرين.

وعلى الرغم من كل هذا القمع، لا يزال الصحفيون الشجعان في أفغانستان يخاطرون بحياتهم من أجل عكس الجرائم التي تحدث في أفغانستان وكشف الوجه الحقيقي لحركة طالبان.