24 حالة تعذيب وسوء المعاملة في السجون التونسية
جمعية تقاطع تكشف عن الانتهاكات التي تمارس في سجون التونسية وتدعو إلى تفعيل المراقبة القضائية.
تونس- دعت جمعيات المجتمع المدني إلى تكثيف الجهود والعمل المشترك من أجل وقف الانتهاكات المرتكبة داخل السجون التونسية، وذلك عبر فضحها وإيصالها إلى الجهات المعنية للتدخل والحد منها.
قدمت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، خلال ندوة صحفية اليوم الثلاثاء 28 تشرين الأول/أكتوبر، تقريرها حول التعذيب وسوء المعاملة والاهمال الطبي داخل المنظومة السجنية التونسية.
وكشف التقرير عن انتهاكات متكررة على فترات زمنية مختلفة استهدفت أشخاصاً محرومين من حريتهم، ما يعكس، وفق الجمعية، وجود سياسة ممنهجة تقوم على إخلال الدولة التونسية بالتزاماتها في مجال حماية الحقوق وضمانها داخل أماكن الاحتجاز. وأكد التقرير أن هذا الإخلال يؤدي إلى تقويض مبادئ سيادة القانون والمساواة والمساءلة، كما يعمق من ظاهرة الإفلات من العقاب على الانتهاكات المرتكبة.
قمع وانتهاكات في السجون بوثائق وتقارير
وأوضح التقرير أن الممارسات الأمنية داخل مراكز الاحتجاز والسجون التونسية لا تزال مثار جدل متكرر، خاصة فيما يتعلق بضمان حياة كريمة للأشخاص المحرومين من الحرية واحترام حقوقهم بما ينسجم مع مبادئ حقوق الإنسان وأهداف الثورة التونسية التي شددت على إنهاء كل أشكال التعذيب وسوء المعاملة والتعسف الأمني.
وشملت هذه الممارسات بحسب التقرير التهديد والترهيب والقمع، وانتهاك الحق في الدفاع، وانتزاع الاعترافات تحت الضغط والتعنيف، والتوقيع على محاضر دون قراءتها، إلى جانب التقصير في الرعاية والمتابعة الطبية، وهي ممارسات يمفترض أن تكون قد تراجعت منذ انطلاق مسار العدالة الانتقالية في تونس.
واستند التقرير إلى قاعدة بيانات وملفات مرصودة لدى الجمعية، إضافة إلى مقابلات مع محامين وخبراء وعائلات ضحايا الانتهاكات، فضلاً عن مراجعة القوانين الوطنية والدولية والتقارير الرسمية والصحية والبرامج التحقيقية ذات الصلة.
24حالة تعذيب خلف أسوار السجون
وأفادت الباحثة بجمعية "تقاطع"، نادرة اوبا، لوكالتنا بأن "التقرير وثّق 24حالة لضحايا تعرضوا لممارسات متكررة ونمطية بين عامي2015ـ2025، لافتة إلى أن "هذه الممارسات تمثلت أساساً في حرمان المحتجزين من الرعاية الطبية، وانتهاك الكرامة الإنسانية والسلامة الجسدية، والتعذيب وسوء المعاملة" معتبرة أن "هذه التجاوزات تعتبر خرقاً صارخاً للمعايير القانونية والوطنية والدولية، وقد نتج عنها تسجيل وفيات مشبوهة وتدهور في الأوضاع الصحية للمحتجزين، بالإضافة إلى مخالفات اجرائية خطيرة".
وفاة 15 شخص في ظروف غامضة
وأفاد التقرير إلى أن 15 شخصاً من بين الـ 24حالة قد توقوا في ظروف غامضة، من بينهم 9حالات قبل تموز/يوليو 2021، و6حالات من الشهر والعام ذاته إلى تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وخمس حالات تعذيب، إلى جانب مشكلات الاكتظاظ وضعف الرعاية الصحية.
وأوصت الجمعية على تحسين أساليب التعامل مع السجناء، وتفعيل العقوبات البديلة خاصة لمن يعانون من ظروف صحية متدهورة، كما دعت المجتمع المدني إلى توحيد الجهود للتنديد بالانتهاكات وتشكيل جبهة موحدة للدفاع عن الحقوق والحريات داخل مراكز الإيقاف والاحتجاز والسجون.
كما شددت الجمعية على أهمية تعزيز الوعي بالحقوق من خلال إدراج مادة تعليمية حول الحقوق والحريات والواجبات الأساسية في المناهج المدرسية بمختلف المستويات.
غياب الالتزام بالاتفاقيات الدولية
من جانبها، أوضحت الناشطة في جمعية التقاطع مي العبيدي، أن "تونس، رغم توقيعها منذ عقود على العديد الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان والسجناء، لم تفِ بعد بالتزاماتها"، مشيرة إلى أن "مسؤولية المجتمع المدني تتضاعف اليوم لدفاع عن من هم خلف الأسوار".
وأضافت أن "رغم المضايقات المستمرة منذ عامين، يواصل النشطاء عملهم في إطار الواجب الإنساني لفضح ممارسات السلطة والانتهاكات التي تستهدف كرامة الإنسان والسجين".
وشددت على أهمية مراعاة الضوابط الدولية والإقليمية لحقوق المحرومين من الحرية، وتفعيل آليات رقابية فعالة، مذكرة بأن "التعذيب محظور بموجب العديد من النصوص القانونية، أبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تنص في مادته السابعة على حظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية".
وتطرقت إلى أن "دستور2014 و2022 كرّس للأشخاص المحرومين من الحرية جملة من الحقوق سواءً من خلال النصوص العامة التي تشمل جميع المواطنين والمواطنات وتظل نافذة داخل أماكن الاحتجاز، ويضمن الدستورين الحق في المحاكمة العادلة وضمانات الدفاع في مختلف مراحل التتبع والمحاكمة والحق في الصحة والمتابعة الطبية والحق في الكرامة الإنسانية والمعاملة الإنسانية وحرمة الجسد".
ودعا التقرير إلى تفعيل المراقبة القضائية وتكثيف زيارات وكيل الجمهورية لأماكن الاحتجاز ومراكز الأمن الداخلي وتعزيز استقلالية القضاء وتسريع الفصل في القضايا المتعلقة بالوفيات المشبوهة وانتهاكات قوات الأمن وتكريس المحاكمة العادلة.