19 آب والتحولات المصيرية في شرق كردستان
مع صدور فتوى روح الله الخميني 19 آب/أغسطس 1979، دخلت منطقة شرق كردستان مرحلة متوترة ومصيرية، حدثٌ أدى إلى تصعيد القمع وولادة حركة مقاومة في هذه المنطقة.

فيان مهربرور
مهاباد ـ بعد سقوط نظام الشاه، تم الاستيلاء على الثورة الشعبية في إيران. تولى روح الله الخميني القيادة وبدأ بتنفيذ سياسات جديدة ضد الكرد، في وقت كان فيه الكرد يقاومون للحفاظ على أرضهم وحقهم في تقرير المصير. قوبلت هذه المطالب بالقمع.
خلال هذه الفترة، خاض الشعب الكردي تجربة إدارة مختلفة في شرق كردستان، حيث لعبت النساء دوراً بارزاً، مما شكّل تحدياً جدياً للحكومة المركزية، وأدى إصرار سكان شرق كردستان على المقاومة في نهاية المطاف إلى إصدار فتوى "الجهاد" من قبل الخميني ضد المنطقة، وهي فتوى لا تزال آثارها تؤثر في سياسات المنطقة حتى اليوم.
فتوى "الجهاد" المنبثقة من الذكورية
أدت مقاومة الشعب الكردي واحتجاجاته المدنية إلى دفع القوات التابعة للحكومة إلى الدخول في حوار مع ممثلي المنطقة. أحداث مثل مجازر مهاباد، نوروز الدموي في سنه، مقاطعة الاستفتاء العام في إيران من قبل الكرد، النزوح التاريخي من مريوان، والمسيرة التي استمرت سبعة أيام من أهالي مدينة سنه، إلى جانب الإضرابات الأخرى، خلقت مناخاً ديمقراطياً وشعبياً في شرق كردستان، مما أثار قلق النظام الجديد للجمهورية الإسلامية.
ومع ذلك، وبعد الاشتباكات وحملة الحرس الثوري على مدينة باوه في آب/أغسطس 1979، أظهرت الجمهورية الإسلامية أن الحوار لم يكن سوى أداة مؤقتة، وفي النهاية، أصدر روح الله الخميني فتوى "الجهاد" ضد الكرد في 19 آب/أغسطس، لتبدأ بذلك مرحلة دموية لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم.
رزنامة المقاومة على توقيت شرق كردستان
بعد صدور فتوى روح الله الخميني ودعم الرئيس الإيراني آنذاك أبو الحسن بني صدر، بدأت الاشتباكات. وصف الخميني الشعب الكردي بـ "الكفار" و"الانفصاليين"، وبدأت حملة دعائية ضد شرق كردستان. انضمت مجموعات مختلفة إلى الحرس الثوري، وبدأت المقاومة في شرق كردستان.
في أعقاب ذلك، أُعدم العشرات من سكان المنطقة في محاكمات لم تستغرق سوى دقائق، وأُطلق عليهم النار. واجهت المدن والقرى في شرق كردستان حملات عسكرية وقصفاً من قبل الجمهورية الإسلامية، وشهدت قرى مثل قارنا، قلاتان، ئیندرقاش، دیلان جرخ، كويكان، كريزي شكاکان، تشقل مستفا، كورخانه، سووكند، قره غول، ديمسور، جافرئاباد، بايزاوى، جبريل ئاوى، غوندهويله، دووئا، سارووقامیش، هلقووش، كيجه وسوفیان، مجازر راح ضحيتها آلاف الأبرياء.
الروايات التي بقيت
بالنسبة لكثير من الناس، تحولت روايات الأيام الدموية إلى نقطة تحول في انطلاق النضال. بعد فتوى روح الله الخميني، لم تنتهِ الحرب في شرق كردستان، وكل شاهد يحمل رواية من قلب التاريخ. (زينب. خ)، التي شهدت مجزرة إيندرقاش، لم تستطع أن تمحو من ذاكرة طفولتها صورة إطلاق النار على الناس داخل المسجد، تقول "كان الناس يسقطون أرضاً بعد كل طلقة، وما زلت أربط كل مقاومتي بظلم تلك الأيام".
أما (آمنة. خ) من مدينة مهاباد، فتتذكر أيام الحرية في المدارس ولجان الأحياء، وبعد إعدام معلميها، اختارت أن تصبح معلمة، تقول "كنا نقفز فوق الجثث لنصل إلى المدرسة بعد قصف مهاباد. وفي بعض الليالي، حين كان هناك حظر تجول، كنا ننام في المدرسة أو في بيوت الناس. فقدان معلميّ كان ألماً عميقاً، ووعدت نفسي أن أواصل طريقهم".
خديجة. آ، في شيخوختها، تحمل ألم حب أبدي في قلبها "بعد عام واحد من زواجي، فقدت زوجي في اشتباكات مهاباد. لم يكن لدينا أطفال، وما زلت بعد كل هذه السنوات أعيش على ذكراه. الجمهورية الإسلامية قتلت أحبّتنا، وسأبقى أطالب بالعدالة حتى آخر يوم في حياتي".
النساء وريادة النضال
منذ بداية ثورة عام 1979، لعبت النساء في شرق كردستان دوراً مهماً في النضال. كان تشكيل لجان النساء والمشاركة في ساحات القتال جزءاً من كفاحهن، ويمكن رؤية صدى واستمرار هذا النضال في انتفاضة "Jin Jiyan Azadî".
تقول سارة حيدري (اسم مستعار)، وهي إحدى المعتقلات في الانتفاضة الأخيرة عام 2022 في مهاباد "بدأت الجمهورية الإسلامية حربها ضد النساء والحرية، لكن بالمقابل ستنتهي أيضاً بنضال النساء. من تاريخ 19 آب 1979 وحتى اليوم، حيث وُلدت نساء مثل بخشان ووريشه من هذه الأرض، كانت المقاومة والنضال جوهر حياة جميع النساء، وطريق الحرية لا بد أن يمر عبر حرية المرأة".