عبير امنينة: على القانون أن يكون رافداً لمشاركة المرأة سياسياً لذا علينا أن نعجل بعملية تغيير القانون
تستعد النساء في ليبيا لانتخابات 24 كانون الأول/ديسمبر القادم، فبدأن تتجهزن وتتأهلن عبر دورات تدريبية في مجالات التوعية بها والمراقبة عليها، والدفع بالمترشحات للتقدم
ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
وحول حقوق المرأة السياسية ودعمها حدثتنا الناشطة في مجال حقوق المرأة وعضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد بجامعة بنغازي الدكتورة عبير امنينة.
وقالت عن الحقوق السياسية للمرأة عبر تاريخ ليبيا "بالنسبة لحقوق المرأة في النشاط السياسي فنحن نعرف جيداً أن الأمر ليس مرهوناً بفترة عام 2011 أي بعد ثورة فبراير، وإنما يعود الأمر إلى أبعد من ذلك فمنذ العهد الملكي امتلكت المرأة حق التصويت، وإن تم التحايل عليه لاحقاً في القانون الانتخابي، إلا أنه في التعديل الدستوري هناك حق لتصويت المرأة ضمن النظام الملكي منذ أكثر من ستون عاماً".
وتابعت "الحال استمر في فترة نظام معمر القذافي الذي تعامل مع المشاركة السياسية للمرأة على أنها موضوع مساواة، وهناك ضمانة بعدم التمييز وضمان لحقوق المشاركة للنساء، ولكن طبيعة النظام وطبيعة هيكلة المشاركة لم تكن مشجعة كثيراً للنساء لاقتحام العمل السياسي من خلال المؤتمرات واللجان الشعبية، ولم تكن هناك رغبة حقيقية في الانتماء لهذا السياق في المشاركة السياسية، بعد ثورة شباط/فبراير 2011 تم التأكيد بطبيعة الحال على المشاركة السياسية، من خلال الإعلان الدستوري، وتم اعتباره حق للنساء والرجال على حدٍ سواء، غير أن الفرق في هذه المشاركة تجسدت وتوضحت في كثير من القوانين الانتخابية بنسب متفاوتة وهذه النسب ارتبطت بالتطور السياسي الذي مرت به ليبيا خاصة بعد عام 2011".
"الأحزاب السياسية ألزمت بدمج النساء"
وتضيف عن المشاركة السياسية للنساء بعد ثورة شباط/فبراير 2011 "كانت هناك الحماسة الثورية والأخذ بعين الاعتبار الدور الكبير الذي قامت به المرأة في الثورة، وترجم ذلك في قانون الانتخابات بعملية إلزام الأحزاب السياسية في تلك الفترة بدمج النساء في قوائمها أفقياً وعمودياً بشكل يسمح بأن تكون المرأة موجودة على رأس هذه القوائم وألا يتم وضعها في نهاية القوائم كـ "رد ملامة" كما يقال".
وأوضحت "لم يتم اختيار المرأة، بالطريقة التي تم بها قانون الانتخابات في المؤتمر الوطني العام والتي كانت طريقة جيدة ضمنت للنساء تواجد بنسبة 15.5% على الأقل، وبطبيعة الحال لو قمنا بمقارنة القوائم التي من خلالها حصلت المرأة على نسبة بالنظام الفردي نجد أن هناك امرأة واحدة فازت من 120 فائز من الرجال، وهذا عدد ضئيل جداً جداً ولا يقارن بأي حال من الأحوال بنسبة مشاركة المرأة"، مضيفةً "على ذلك لابد من إدراج نسب عالية للكوتا في الانتخابات، وضامنة لتواجد المرأة في قوائم الانتخابات. وهذا مهم جداً لوجودها وفاعليتها في المجالس النيابية".
"قوانين الانتخابات هي المحرك الأساسي لضمان مشاركة النساء"
تؤكد عبير امنينة على أن قوانين الانتخابات هي المحرك الأساسي لضمان مشاركة النساء في الانتخابات وأيضاً في المجالس النيابية المختلفة وكل ما يتعلق بعملية صنع القرار "أؤكد على أهمية وجود كوتا، ويجب أن تتضمنها القوانين الانتخابية وأيضاً يجب أن يتضمنها مشروع الدستور الدائم بعد أن يتم الاستفتاء عليه بحيث لا يكون فقط لدورتين، ولربما إذا أصبح لأربع دورات انتخابية سيكون أكثر جدوى وأكثر فائدة".
وتوضح أنه "عند الذهاب لتسلسل القوانين الانتخابية نجد أن النسبة الأولى التي شهدت تواجد فعلي للنساء في المؤتمر الوطني العام خفت قليلاً فيما يتعلق بهيئة صياغة الدستور، حيث انتقلت المرأة من وجود 15% إلى 10% فقط في الهيئة وهذه نسبة قليلة جداً، وحقيقةً لا تلبي رغبات النساء في المشاركة، ولا تلبي حتى شكل الدولة الذي يفترض أن تكون هناك مشاركة فاعلة للنساء في هذه العملية".
مواثيق دولية تلزم ليبيا بالوصول إلى هذه النسبة
وعن قانون انتخاب مجلس النواب تقول "القانون ضمن مقاعد بنسبة 16% للنساء في مجلس النواب، غير أن غياب القوائم الحزبية والانتخابات القائمة على النظام الحزبي والاكتفاء فقط بالفرد أثر على هذه النسبة"، وأضافت "كنا نطمح أن نرتقي إلى أكثر من 16% ونذهب إلى 30%، ولما لا بما أن هناك مواثيق دولية تلزم ليبيا بالوصول إلى هذه النسبة منذ 30 عاماً مضت، فيما هناك دول حالياً وصلت إلى حد المناصفة".
وحول الاعتراض على نظام الكوتا قالت عبير امنينة "نتيجة للمعطيات والموروث الاجتماعي في ليبيا، تواجه النساء اعتراضاً عند محاولتهنَّ الخوض في العمل السياسي، فالمعترضون على نظام الكوتا يرون أن تواجدهن رهن فقط بالرجل وأن هذا المجال هو حكر عليهم، وبطبيعة الحال هذه نظرة دونية، وبالتالي يجب على القانون أن يكون داعماً لهذه المشاركة فلا نعول على عملية تغيير الذهنية والتغيير المجتمعي لأنهما أخذا فترات زمنية طويلة، لذا علينا أن نعجل بعملية تغيير القانون".
عملية الترشح... قانونها غير مشجع للمرأة
وعن المشاركة في عملية الانتخابات المحلية أكدت عبير امنينة أن قانون الانتخابات غير مشجع للنساء "نجد أن قانون الترشح غير مشجع للمرأة وإن تحدث عن وجوب وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن أعضاء المجلس البلدي، إلا أن القانون الانتخابي عوضاً عن ترجمته بشكل يسمح بتواجد المرأة تم حصره في أن تتولى المرأة كرسي المرأة فقط ويحد من دخولها على قائمة الفردي سواء من حيث الدعاية أو من حيث اللوائح الانتخابية".
وبينت أن هناك محاولات من قبل عدد من البلديات لتغيير هذا الواقع "لعل بلدية وادي البوانيس نجحت في اقتحام مقعد ذوي الإعاقة المخصص في القانون لذوي الإعاقة حيث توحي صياغته بأن ذوي الإعاقة هم من الرجال الذين شاركوا في ثورة فبراير إلا أنه أصبح الآن يتم التعامل معه للرجال والنساء على حد سواء".
وتستطرد حول المشاركة السياسية للنساء كناخبات وكمرشحات "هنا نتحدث عن ثقافة سياسية والتجارب السياسية وردود الأفعال حول هذه التجارب وتأثيرها على تشكيل وعي النساء بأهمية المشاركة والدعم لأن هناك عملية مزدوجة أو مركبة إذ لابد إقناع النساء في البداية بالمشاركة، وأهمية دعم النساء لأن هناك نساء يقمن بحملات انتخابية لدعم ازواجهن أو أخوتهن الرجال، ولكن عندما يتعلق الأمر بالنساء يغلف رأيهن الريبة من مشاركة النساء في العملية الانتخابية وبالتالي يجب أن يكون هناك توعية بهذا الدور".
نتاج المخرجات السيئة التي ظهرت
وحول الإشكالية الكبيرة في عملية المشاركة سواء أكانت نسوية أو مجتمعية في التصويت وليس في الترشح تقول "الجميع في عملية التوعية والثقافة السياسية يرى أن المشاركة مقتصرة على عملية الذهاب إلى صندوق الانتخابات وينتهي الأمر ويتم عزل المشاركة عن محتواها الأساسي ومن مفهومها الرئيسي المتمثل في الرقابة فيما بعد الاختيار والمتابعة والتواصل مع من صوت لهم واختيارهم".
وبينت أن نتاج المخرجات السيئة التي ظهرت هي بسبب عدم تفاعل النواب والنائبات مع الدائرة المحلية والانتخابية التي تم اختيارها، مما يعطي انطباع للمجتمع ككل بأن العملية نفعية وهم فقط كانوا بحاجة للأصوات لوصولهم لهذه المجالس ومن ثم تنقطع العلاقة تماماً ما بين الاثنين، "هذه العلاقة كان من المفترض أن تكون قائمة بصفة تسييرية ما بين النائب والناخب الذي عليه متابعة ذلك من خلال المجتمع المدني والتواصل المباشر مع نائبه وأيضاً من خلال الإعلام، وحتى تأتي عملية المشاركة بدورها الفعلي لابد أن يتم التوعية بأهميتها الحقيقية وبدورها الحقيقي".
لا تقم بترجمة إدراج المفهوم الجندري
وحين سألناها عن تواجد خمس نساء في حكومة الوحدة الوطنية ومنهن من تتولى حقيبة سيادية وكيف ترى الدكتورة عبير امنينة هذه المشاركة تجيب "عملية اختيار الوزيرات الخمس في حكومة الوحدة الوطنية جاءت ضمن ترتيبات لجنة الحوار وأيضاً بإصرار من السيدة ستيفاني وأيضاً من خلال دعم السيدات الموجودات في لجنة الحوار".
واستدركت قائلة أن "عملية الاختيار يجب أن تمتد، فما جدوى أن نضع امرأة على رأس وزارة أو هيئة لا تقوم بترجمة المفهوم الجندري في عملية اختيار القيادات في وزارتها، ولا يتم ادخال المنظور الجندري في سياستها، إذاً نحن هنا لم نفعل أي شيء وسوف يقتصر الأمر على الجانب الشكلي فقط وهو جانب لا يجدي إلا مع المرأة التي تم اختيارها، وهذا خطأ كبير جداً، لأنه عند اختيار المرأة لابد أن تكون قد أتت من كوتا نسائية".
وأضافت "هذه المرأة يجب أن يكون ذهنها وعقلها وقناعاتها وسياساتها واجراءاتها وطريقة تعاملها يعكس وجود 30% من النساء في برامجها وفي كل ما يتعلق بسياسات الوزارة، وهذا لم يتحقق على الإطلاق، فاقتصر الأمر على مجرد مكاسب شخصية، وجاءت بها ارتباطات لجنة الحوار ومن ثم تم التصفيق لهذا الموضوع، لذلك أنا أراه أمر مبتور ولم يحقق أي شيء للنساء سوى أنهن مجرد أعداد سوف تذكر في تقارير حول مشاركة النساء، ولكن هل تم فعلاً تنفيذ الهدف من استمرار وجود النساء، عدا بطبيعة الحال وزارة شؤون المرأة ربما لاختصاصها بالمرأة، وأن تقديم الوزيرات أنفسهن أنهن للجميع، نعم للجميع ولكن جاءت عن كوتا النساء ويجب أن نفهم أنها إذا جاءت عن طريقها، فأنت يا سيدة مشبعة تماماً بمفهوم مشاركة النساء وبالتالي لابد أن ينعكس هذا على العمل الوزاري وعمل الإدارات داخل الوزارة".