صحفيتا الحرية... الكاميرا والقلم وسيلتهما لنشر الحقيقة

تاريخ الصحافة الكردية متشابك مع تاريخ نضال الشعب الكردي، وقد أصبحت مقاومته واضحة بفضل عمل كلستان تارا وهيرو بهاء الدين اللتان كانتا بالكاميرا والقلم ووسائل الإعلام الحر تعملان من أجل نشر الحقيقة وإيصالها للرأي العام.

مركز الأخبار ـ حرية الصحافة أحد الركائز الأساسية للمجتمعات الديمقراطية، كما أنها الضمانة الأساسية للوصول للمعلومات الدقيقة، إلا أن الدول المناهضة للديمقراطية تريد إضعافها يوماً بعد يوم وذلك باستهداف الصحفيين الذين قرروا السير على طريق الحقيقة.

 

هيرو بهاء الدين ضحية الخيانة والتحالف

هيرو بهاء الدين من مواليد مدينة السليمانية وتحديداً من قرية تيمارن، متخصصة في المونتاج ضمن فريق إعلامي لشركة "جتر" الإعلامية، شهدت على العديد من هجمات الدولة التركية على إقليم كردستان، وعملت بشجاعة في الصحافة الحرة كموقف نضالي في أصعب الظروف.

تعاونت مع العديد من المؤسسات الإعلامية لتسليط الضوء على قضايا المنطقة وكان آخرها شركة "جتر"، ولإطفاء جانب من الحقيقة وعرقلة وصلوها إلى الرأي العام قامت الدولة التركية باستهدافها عندما كانت متوجهة مع فريق صحفي إلى منطقة سيد صادق بمدينة السليمانية لتصوير برنامج تلفزيوني، وكان ذلك ضمن سلسلة من الاعتداءات التركية على إقليم كردستان، أسفر أيضاً عن إصابة ستة صحفيين آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وبذلك أكدت تركيا من خلال هذه الجريمة استمرار انتهاكها لحقوق المدنيين والإعلاميين في المنطقة، وسط صمت دولي واضح.

وبحضور أصدقائها من الصحفيين شيع جثمان هيرو بهاء الدين الثرى في ذات يوم استهدافها 23 آب/أغسطس 2024، بعد أن تسلم ذويها جثمانها من مستشفى الطب الشرعي في السليمانية وتم دفنها في مقبرة قرتوزان، وسط تأكيد المشاركين على مواصلة النضال في سبيل إظهار الحقيقة ورفع راية الصحافة الحرة فهذا ما تعلموه من هيرو بهاء الدين.

 

كلستان تارا... الصحافة الحرة بقلمها على مدار 24 عاماً

نضال المرأة في سبيل الحرية والديمقراطية والمساواة يمر بمرحلة هامة وحرجة حيث أنها تتعرض لهجمات الأنظمة الرأسمالية إلى جانب هيمنة الرجل، إلا أنها وضعت على عاتقها الرد على هجمات الإبادة في أصعب الأوقات وذلك بنضالها المنقطع النظير في البحث عن الحقيقة وتقديمها إلى الرأي العام بعيداً عن الزيف والتشويه، وفي أسمى الأمثلة على نضال المرأة الإعلامية الصحفية كلستان تارا صاحبة الموقف الثوري في مجال الإعلام الحر والنظرة الثاقبة خاصة للأحداث والمشاكل والصراعات.

ولدت كلستان تارا عام 1983 في باطمان بشمال كردستان، وكونها امرأة نشأت في أسرة وطنية تعرضت لاضطهاد وعنف الدولة التركية، وبدأت النضال من أجل حرية شعبها عام 1999 عملت في الصحافة الحرة منذ عام 2000 وبفضل عملها في العديد من المجالات في الصحافة الحرة لأكثر من 20 عاماً، أصبحت صوت الحقيقة والمضطهدين والنساء في كل مكان.  

انخرطت في ميادين النضال وكانت صحفية محترفة منذ عام 2000، إلى جانب كونها عضوة بارز في مؤسسة "الإعلام الحر" إلى جانب تعاونها مع العديد من المؤسسات الإعلامية لتسليط الضوء على قضايا المنطقة، وقد عملت في إقليم كردستان منذ عام 2018، وكان عملها في شركة "جتر" الإعلامية منذ ثلاثة أعوام آخر محطات عملها، وقالت في أحد البرامج إن "طابع المقاومة والنضال في تاريخ الصحافة الكردية أوصلنا إلى هذه الأيام"، ولطالما كانت تلفت الانتباه إلى أهمية الصحافة الكردية ودورها في ثورة روج آفا.

كما قالت في ذات البرنامج إن "تاريخ الصحافة الكردية لديه تقليد عظيم من المقاومة، وباعتبارنا استمراراً لهذا التقليد، فإننا اليوم نقاتل في روح آفا كردستان وشمال وشرق سوريا، نحن نشهد النضال والثورة التي تحدث هنا، لقد قطعت الصحافة الكردية شوطاً طويلاً، لقد سلط تطور الثقافة الكردية الضوء على العديد من الحقائق من حيث كشف الحقيقة ضد ظلم الدولة، لقد أوصلنا طابع المقاومة والنضال لتاريخ الصحافة الكردية إلى يومنا هذا".

كرست حياتها ومسيرتها لتحسين الواقع المأساوي للنساء الكرديات في إقليم كردستان، وكشف هجمات الدولة التركية على الشعب الكردي وكذلك تحركاتها الاحتلالية وحقيقة الخيانة والعمالة للحزب الديمقراطي الكردستاني.

الصحافة الحرة فقدت واحدة من تلك الشخصيات التي عملت متنقلة من قرية إلى أخرى في إقليم كردستان لنقل معاناة وألم النساء، وكتبت العديد من المقالات وأعدت البرامج، ووثقت الهجمات على مناطق الدفاع المشروع، وكشفت خطط الدولة التركية لاحتلال الإقليم، والخطط السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية للدولة التركية على مناطق إقليم كردستان.

لولا إصرار كلستان تارا على المقاومة ورغبتها في كشف الحقيقة في التاريخ العام للصحافة الكردية، لما تمكن العالم من السير في طريق التحول إلى الصحافة البديلة، حيث أنه بات للصحافة الكردية تأثير في إثبات وجود الشعب الكردي الشعب المضطهد، لقد خاضت كلستان تارا صراعاً كبير ضد الإبادة الجماعية والثقافية والاستيعاب والقضاء على وجودها.

وسعت لرفع مستوى النضال وتوسيع نطاقه من أجل المطالبة بمحاسبة مناهضي الديمقراطية والحرية، ناضلت من أجل ألا تصبح الأساليب الوحشية لقتل النساء أمراً طبيعياً وحاولت فضح هذه العقلية، وفي 23 آب/أغسطس 2024 تم استهداف كلستان تارا في عملية نظمتها المخابرات التركية في مدينة السليمانية.

لقد باتت الصحفيتان كلستان تارا وهيرو بهاء الدين من ضحايا خيانة الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالفه مع الدولة التركية ضد الشعب الكردي ومنجزاته، إلا أن استشهادهن عزز روح النضال والمقاومة لدى الشعوب التواقة للحرية والديمقراطية.