زهرة ظريف بيطاط من مواليد 1934 في مدينة تسمسيلت، يعود نسب عائلتها إلى الأدارسة، الذين حكموا المغرب الأقصى طوال قرون، بدأت دراستها في العاصمة بثانوية "فرومونتان"، التي تحمل اليوم اسم "بوعمامة".

على وقع الضربات الشرسة للاستعمار الفرنسي عام 1955، تركت زهرة بيطاط مقاعد الدراسة، وانضمت إلى صفوف المقاومة. ولم تقتصر مساهمتها على العمل الثوري الميداني في حرب التحرير، بل امتدت إلى لعبها دوراً رئيسياً في جمعية النساء الجزائرية، حتى عام 1957.

اشارت الكاتبة زهرة بيطاط في بداية كتابها "مذكرات مجاهدة من جبهة التحرير الوطنية" الذي نشر عام 2014 بأن هذا الكتاب ليس عمل مؤرّخ، ولا سيرة ذاتية، ولكن تكريماً لأولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل الجزائر، فباستدعاء الذاكرة أعطت الكاتبة الكلمة لتاريخها الشخصي ولتاريخ أسرتها، تاريخ كما عاشته وأحسّته، في الألم وفي الأمل. فهي تعيد بناء أحداث ووقائع حرب التحرير كما عايشوها وذلك بإعطائها معنى وتناسقاً، فالكتاب في الوقت نفسه استحضار لمسار حياة ولحظة انعكاسية تأملية لهذا المسار، كما وصفت الظروف الرهيبة بالتفصيل ومناخ الخوف والمطاردة والاضطهاد الذي عانى منه الشعب الجزائري، والإشادة بدور النساء الجزائريات اللواتي لعبن دوراً كبيراً في ثورة التحرير الوطنية.

تمتّع هذا الكتاب بقيمة وثائقية، اجتماعية وتاريخية كبيرة، كما يتمتّع أيضاً بقيمة أدبية كبيرة للأسلوب الرّوائي الذي اعتمدته زهرة ظريف، لكن بشخصيّات حقيقيّة.