كيف ساهمت محاضرات ماريا ستيوارت بإلغاء عقوبة الإعدام؟

الكاتبة والناشطة الأمريكية ماريا ستيوارت التي ساعدت خطاباتها ومقالاتها في التأثير على الآخرين للعمل على التقدم التعليمي والاجتماعي للأمريكيين الأفارقة.

مركز الأخبار ـ خاطبت ماريا ستيوارت الجماهير المختلطة بين الجنسين والعرق حول موضوع إلغاء عقوبة الإعدام ودافعت عن حقوق المرأة، فمساهماتها في النقاش السياسي والاجتماعي في عصرها لا تقدر بثمن، كما دعت السود لرفض العبودية والقمع والاستغلال.

 

العبودية والعنصرية صنعت منها ناشطة مكافحة

عاشت ماريا ستيوارت المولودة في هارفرد بولاية كونيتيكت عام 1803 لأبوين أفريقيين، حرة إلا أن وفاة والدها اجبرتها على العمل كخادمة في بيت أحد الوزراء المحليين حتى سن الخامسة عشرة تقريباً، وفي مرحلة ما انتقلت إلى بوسطن ساعية لكسب بعض التعليم من خلال فصول مدارس الأحد في القراءة والدين والحساب، عندما بلغت الثالثة والعشرين عاماً تزوجت برجل كان مقاتل في حرب عام 1812 واستفادت من علاقاته في الوصول إلى مجلس السود الذي كان صغيراً من حيث النشاطات لكنه جعل منطقة هيل في بوسطن تنبض بالحياة.

كما تعرفت على أشخاص من شأنهم غذوا أفكارها السياسية بشكل كبير، وخلال حضورها الكنيسة المعمدانية الأفريقية التقت بديفيد ووكر أحد دعاة إلغاء عقوبة الإعدام وكما كان يحث السود على محاربة الاستعباد والقمع، تأثرت ماريا ستيوارت بأفكاره وأصبح قدوتها السياسية وعرفها بالقومية السوداء، ولأنها كانت واعية بالفعل سياسياً إلى جانب إيمانها الديني العميق تحدثت علناً عن التمييز العنصري والجنسي مع شعور متجدد بالإيمان بإمكانية التغيير.

بعد وفاة زوجها احتال عليها منفذي وصيته وكانوا من البيض، أثر ذلك عليها بشكل كبير فقد اضطرت للعودة إلى العمل كخادمة في المنازل لإعالة نفسها، كما أن وفاة ديفيد ووكر أثرت فيها حيث قررت أن تكرس نفسها للدين ولمحاربة العبودية فبدأت بكتابة أفكارها حول الدين والعدالة الاجتماعية.

في عام 1831 استجابت لدعوة ويليام جاريسون للنساء، لدعمه في قضية إلغاء عقوبة الإعدام، وأحضرت معها مقالتها بعنوان "الدين والمبادئ الأخلاقية النقية"، التي نشرت في جريدته "المحرر" المؤيدة لإلغاء عقوبة الإعدام والمناهضة للعبودية، فأدى انتشارها إلى مسيرة قصيرة شجعت فيها الأمريكيين من أصل أفريقي على مقاومة العبودية والنضال من أجل المساواة في الحقوق وناشدتهم على تحسين أنفسهم بالمعرفة.

ألقت أول خطاب لها عام 1832 في قاعة فرناكلين ببوسطن في الوقت الذي كان فيه المتحدثون السود غير معروفين فعلياً، كما أنه كان من غير اللائق آنذاك للنساء مخاطبة الجماهير وهو أمر مستهجناً خاصة إذا كان فيها رجال، وسرعان ما قيل إنه خطاب جريء ومتشدد خاصة كونها دعت جميع الأمريكيين السود إلى تطوير الترابط العرقي والوحدة والتحسين الذاتي وذلك من خلال المطالبة بتوسيع الحقوق خاصة التعليمية منها والمهنية.

 

خطابات ومقالات أشعلت فتيل حرية السود

ألقت ماريا ستيوارت خطاباً أمام جمهور من النساء في جمعية الاستخبارات النسائية الأفريقية الأمريكية، ناقشت خلاله فوائد قبول النساء الأمريكيات من أصول أفريقية الدين في حياتهن والدفاع عن حقوقهن، بينما كان خطابها الثاني في القاعة الماسونية الأفريقية أمام جمهور مختلط تناولت قضايا حقوق وحريات الأمريكيين من أصل أفريقي، كما ألقت مجموعة من الخطابات قبل أن يجبرها الضغط العام على التقاعد من دائرة المحاضرات عام 1833، وقد كان خطابها الأخير بعنوان "السيدة"، وهو خطاب الوداع لأصدقائها في مدينة بوسطن لتنتقل إلى نيويورك.

حثت الجماهير السود وخاصة النساء على مواصلة التعليم والمطالبة بالحقوق السياسية دون أن ينسوا من جعلهم مجبرين على عيش حياة الاضطهاد، وقالت "أرفع دعوى قضائية من أجل حقوقك وامتيازاتك، أعرف السبب وراء عدم قدرتك على الحصول عليها"، كما ذّكرت القُراء البيض بقولها "أرواحنا مشتعلة بنفس حب الحرية والاستقلال الذي تشتعل به أرواحنا... نحن لسنا خائفين ممن يقتلون الجسد وبعد ذلك لا نستطيع فعل المزيد"، بقي ويليام جاريسون يدعمها حيث ينشر نصوص خطاباتها في "المحرر".

خطابها في قاعة فرانلكين شكل واحداً من أولى الأمثلة المسجلة في التاريخ لامرأة أمريكية ليست من العرق الأبيض تتحدث علناً، حيث كان من النادر أن تقوم النساء بإلقاء خطابات عامة خاصة في أوائل القرن التاسع عشر، وأمام جمهور غير شرعي أي أنه يضم نساء ورجال فقد كان الكثير يعتبره أمراً غير لائق وغير أخلاقي، ومن خلال جرأتها جسدت المساواة التي دعت إليها في خطاباتها.

لقد راهنت على المطالبة بالنساء السود كقادة لمقاومة القمع حيث كان لديها إيماناً بهن، على الرغم من نجاحها كمحاضرة إلى جانب إلغاء عقوبة الإعدام والحاجة إلى التعليم للرجال والنساء الأمريكيين من أصل أفريقي تعرضت للانتقادات بحجة انتهاك المحرمات التي تمنع النساء من الظهور على المنصات العامة لمخاطبة الرجال.

بعد انتقالها إلى نيويورك انضمت ماريا ستيوارت إلى الجمعية الأدبية النسائية لمحو الأمية وقامت فيما بعد بتعليم الأطفال السود مقابل جزء بسيط من الراتب الذي كان يتقاضاه المعلمون البيض، كما واصلت التحدث ببلاغة عن حق التعليم، وكتبت في ذلك "فلتُخصص أموالنا للمدارس والمعاهد التعليمية لتعليم أطفالنا، لأن شبابنا وفتياتنا يصابون بالإغماء والسقوط على جانب الطريق بسبب الحاجة إلى المعرفة".

أمضت سنواتها الأخيرة بين بالتيمور وواشنطن حيث عُينت رئيسة لمستشفى فريدمان، وبعد صدور قانون جديد باتت مؤهلة للحصول على راتب زوجها التقاعدي الذي انفقته على نشر طبعة جديدة من خطاباتها وكتاباتها، وأسست مدرسة الأحد على مسافة ليست ببعيدة عن مستشفى فريدمان عام 1871، لتعليم أطفال العوائل المستعبدة التي كانت تفر من الولايات الكونفدرالية خلال الحرب الأهلية الأمريكية.

توفيت بعد ثمانية سنوات من تأسيسيها للمدرسة ولم تترك أي صور أو وثائق عن حياتها سوى كتاباتها، وكان أبرز ما قالته "يا لها من فكرة فظيعة حقاً، أن تمتلك نفوساً نبيلة تطمح إلى مكاسب عالية ومشرقة، ولكنها مقيدة بأغلال الجهل والفقر".