زلال جيكر: الرئاسة المشتركة نموذج لتعزيز المساواة وضمان حقوق المرأة

لفتت نائبة الرئاسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل زلال جيكر إلى نموذج الرئاسة المشتركة في إقليم شمال وشرق سوريا، والتحديات التي واجهتها النساء في سبيل تحقيق نظام متساوٍ يحمي حقوق الجنسين في كافة المجالات.

آفرين نافدار

الرقة ـ يعد نظام الرئاسة المشتركة أحد أبرز المكتسبات التي حققتها النساء في ظل التحديات التي واجهتهن ضمن ثورة روج آفا بإقليم شمال وشرق سوريا، كما أنه من أحد أهم المبادئ التي يتبعها أهالي المنطقة لضمان تحقيق نظام الأمة الديمقراطية المبنية على أساس حرية المرأة.

بينت نائبة الرئاسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل زلال جيكر أن نظام الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا أصبح مخبراً مليئاً بالتجارب التي تستطيع من خلاله أن تشارك في بناء سوريا ديمقراطية تضمن حقوق النساء وكافة المكونات.

وتطرقت إلى أهداف نظام الرئاسة المشتركة والمعاني التي تحتويها لتحقيق المساواة بين الجنسين، مضيفةً "الرئاسة المشتركة تعني العدالة والمساواة أي إدارة الرجل والمرأة للمؤسسات المدنية والعسكرية مع بعضهما البعض، دون أن يتبع أحد الآخر، كما أن الرئاسة المشتركة هي أحد أهم الطرق التي تعمق مفهوم المساواة والحياة التشاركية الحرة لدى المجتمع".

 

الرئاسة المشتركة الحل البديل للنظام السلطوي

وأشارت زلال جيكر إلى العبودية التي فرضت على المرأة "منذ ظهور السلطة في عصر السومريين تعرضت النساء للعديد من الانتهاكات، وسلبت حقوقهم من قبل الأنظمة السلطوية، وفرضت عليهم العبودية حيث سلبت من المرأة مكانتها وحقيقتها، كما استخدمت النساء في عصر الإقطاعية كأداة لممارسة مصالحهم المتطرفة، وانحصر دور المرأة في تربية الأطفال وأعمال المنزل".

وأضافت "قامت العديد من الأحزاب الاشتراكية إلى التنديد بتلك الأنظمة القمعية والسلطوية، لكنهم لم ينجحوا في نضالهم لأنهم لم يقدموا الحل البديل لتلك الأنظمة، كما أنهم لم يعطوا أهمية كبيرة لحقوق المرأة في ظل تأسيس الثورة"، معتبرة أن عدم انتصار تلك الانتفاضات والثورات التي سعت إليها بعض الأحزاب الاشتراكية تعود إلى عدم تطوير أنظمة بديلة عن السلطة.

وأكدت أن حرية المرأة والنظام الذي يضمن المساواة بين الجنسين هي من أهم الحلول التي تحقق الديمقراطية، لافتةً إلى أن نظام الرئاسة المشتركة هي الحل البديل للأنظمة السلطوية المبنية على اساس الذهنية الذكورية.

 

الديمقراطية والاشتراكية حلقة مترابطة

وشددت إلى أهمية وجود الديمقراطية في أساس الاشتراكية، معتبرة أنه عندما تنتصر الديمقراطية حينها تنتصر الاشتراكية، لذلك لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض "حينما نقصد النظام الديمقراطي، أي يجب أن يكون الرجل والمرأة أصحاب القرار، بدأً من القرارات التي تخص العائلة وصولاً إلى الصعيد العسكري، الاقتصادي، الاجتماعي، الدبلوماسي، أو السياسي"، مشيرة إلى أن "ما نسعى إليه من خلال نموذج الرئاسة المشتركة هي المساواة، وليس فقط المشاركة".

وفي سياق حديثها، أكدت زلال جيكر أن نموذج الرئاسة المشتركة هو التعريف الحقيقي لإرادة المرأة ووجودها على أرض الواقع، معتبرة أن هذا النموذج هو الطريق الذي سيحقق حرية المرأة في قرن الواحد والعشرين.

وعن الصعوبات التي واجهتها النساء في ظل نضالهن لتحقيق المساواة بين الجنسين، أوضحت أنه "بعد اندلاع الثورة في إقليم شمال وشرق سوريا، بدأنا بتفعيل نظام الأمة الديمقراطية من الكومينات إلى المجالس والمؤسسات المدنية والعسكرية، وكان من أهم مبادئها أن تكون الإدارة مكونة من رجل وامرأة يمثلان الرئاسة المشتركة"، لافتة إلى أن "ذلك دفعنا إلى التحدي والنضال ضد العقليات السلطوية التي تهمش دور المرأة في المجتمع، وتعتبرها كتابع للرجل".

وأضافت "كما أن العادات والتقاليد البالية تُعتبر من أبرز العوائق أمام المرأة لكي ترى نفسها في مواقع صنع القرار، حيث يرى المجتمع أن الرجل فقط يجب أن يكون صاحب قرار".

 

حقائق تكشف القيود المفروضة على النساء

وتطرقت زلال جيكر إلى إعطاء بعض الأمثلة الحياتية التي واجهتها النساء في ظل نضالهن "في البداية لم تستطيع المرأة اتخاذ قرارات متعلقة بتطوير شخصيتها، وعلى سبيل المثال لم تستطيع الذهاب إلى التدريب والأكاديميات الأيدولوجية التي كانت من أهم السبل لتعمق النساء من الناحية الفكرية وتأسيس شخصية قوية لهن، فحتى قرار الذهاب إلى تلك الأكاديميات كانت مرتبطة بوالدهن أو أشقائهن أو الزوج، أما الرجل كان باستطاعته إعطاء القرارات المتعلقة بمستقبله وأعماله دون أي تردد أو خوف من أحد".

وأشارت إلى أن ذهنية العائلة المتشكلة وفق مبادئ السلطة والدولة أيضاً كانت من أحد العوائق التي واجهتها النساء في ظل دخولهن ضمن الأعمال التنظيمية والعسكرية والسياسية، مشيرة إلى أنه "لم تتقبل العوائل مفهوم الرئاسة المشتركة، وأن تكون النساء جزء من إعطاء القرارات المصيرية للمجتمع، كما واجهت أخريات عوائق خلال انضمامهن إلى قوات حماية المرأة أو قوات الأمن الداخلي للمرأة وذلك بسبب العادات والتقاليد البالية والقيود التي كانت مفروضة على المرأة بشكل خاص".

 

حركة تحرير المرأة والتضحيات التي قدمتها

أكدت زلال جيكر أن الجهود التنظيمية والفكرية لحركة تحرير المرأة، التي استمرت لسنوات طويلة في إقليم شمال وشرق سوريا، ساهمت في توجيه المجتمع نحو الديمقراطية والسلام، مشيرةً إلى أن "حركة حرية المرأة والتضحيات التي بذلتها لعبت دوراً كبيراً في تعزيز مكانة المرأة، حيث واجهت التحديات بإصرار وعزيمة قوية، وعملت على تعزيز النضال من أجل الحرية والمساواة".

وأشارت إلى الدور الريادي الذي تلعبه النساء في النضال والمقاومة المستمرة ضد الأنظمة القمعية والسلطوية على مختلف الأصعدة. وقد أتاح ذلك للنساء الفرصة للتكاتف معاً والنهوض إلى ميادين الحرية من أجل ضمان حقوقهن، وأهمها العيش بكرامة ومساواة مع الرجال.

وشددت إلى تكوين الشخصيات التي كانت تهدف إليها السلطات الأبوية منذ آلاف السنين، من خلال ممارسة الانتهاكات بحق المجتمع والمرأة بشكل خاص، موضحة أن "الأنظمة السلطوية الذكورية خلقت من خلال ممارساتها اللإنسانية مجتمع يتبع مصالحه، وذلك من خلال فرض العبودية على النساء وطمس وجودهن، وإلى جانب ذلك قامت تلك الأنظمة بزرع عقلية سلطوية في ذهن الرجل".

واعتبرت أن العمل على إظهار حقيقة المرأة والرجل من خلال تحليل سوسيولوجية المجتمع، من أهم الأساليب التي تم اتباعها في نضال تحرير المرأة والمجتمع.

 

نموذج الرئاسة المشتركة أهم المكتسبات التي حققتها النساء

وفيما يتعلق بالإنجازات التي حققتها المرأة خلال الثورة، أشارت زلال جيكر إلى أنه "اليوم نلاحظ أن المرأة تشارك في إدارة الأعمال التنظيمية والفكرية والسياسية جنباً إلى جنب مع الرجل في جميع مؤسسات الإدارة الذاتية والأحزاب السياسية، دون أي فرض من طرف على الآخر. وهذا يمثل مصدر إلهام للعالم بأسره، حيث جاء نتيجة للتغيير الفكري الذي شهدته المجتمع، كما أن النضال والجهود التي بذلتها النساء من جميع المكونات الموجودة في إقليم شمال وشرق سوريا كان لها تأثير كبير في تغيير المجتمع".

وأضافت "ما يمنحنا أملاً كبيراً في انتصار الديمقراطية هو تقبل المجتمع لها. على سبيل المثال، نلاحظ اليوم أن أفراد المجتمع عندما يزورون الدوائر أو مؤسسات الإدارة الذاتية لإنجاز بعض الإجراءات أو لحل قضية ما، يطالبون بلقاء الرئاسة المشتركة. هذه خطوة مهمة تعكس التغيير الفكري الذي يحدث في المجتمع، حيث إن الكلمات التي يستخدمها الفرد أثناء حديثه تعكس طريقة تفكيره".

ولفتت زلال جيكر إلى جهودهم لضمان نظام ديمقراطي يحمي حقوق جميع السوريين، من خلال تبادل التجارب التي اكتسبوها خلال ثورة إقليم شمال وشرق سوريا "نسعى إلى مشاركة ما حققناه في إقليم شمال وشرق سوريا مع جميع مكونات المجتمع السوري، وذلك من خلال توعية المجتمع على أساس إيديولوجية الأمة الديمقراطية. ونلاحظ تفاعلات إيجابية من المكونات المختلفة الموجودة في سوريا"، مبينة أن "تاريخ سوريا يشهد اليوم، ولأول مرة، تلاحم الحركات النسوية التي تتضامن معاً في رفض الدستور السوري الجديد، وتعلن بصوت واحد أن 'هذا الدستور لا يمثل السوريين والسوريات'".

وأشارت إلى أن الأساليب التي يتبعها جهاديو هيئة تحرير الشام في سوريا هي أساليب متطرفة ومركزية، لا تشمل جميع السوريين والسوريات، مؤكدة أن المرأة السورية اليوم تعبر عن موقفها من خلال سعيها لإدارة المجتمع، وأنها ستكون صانعة للقرارات المصيرية التي تهم المجتمع.

وأضافت "عندما نتحدث عن الجمهورية السورية الديمقراطية، يجب أن نضمن حقوق جميع المكونات، وخاصة حقوق النساء. لذا، عندما نشير إلى الرئاسة المشتركة، نعني إدارة المرأة والرجل معاً في المجتمع، كما ينبغي أن يكون تمثيل المرأة في النظام الجديد بنسبة 50%، ويجب أن تعكس المرأة التي تتولى المناصب في المؤسسات وجودها وإرادتها. لتحقيق ذلك، من الضروري تعزيز مفهوم وجود المرأة".

 

نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي" مولود جديد للشرق الأوسط

وأشارت زلال جيكر إلى أهمية نداء القائد عبد الله أوجلان في تحقيق "السلام والمجتمع الديمقراطي"، الذي يهدف إلى إنهاء الصراعات والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط، موضحة أن القائد عبد الله أوجلان عمل على تحقيق حرية المرأة من خلال تحليل واقعها وما تعرضت له من انتهاكات على يد الأنظمة السلطوية، كما سعى إلى بناء علاقة قائمة على مبادئ الصداقة بين الجنسين، وعمل على تعميق الروح الرفاقية التي ينبغي اتباعها مع المرأة، بدءاً من نفسه.

وتابعت "كانت مرافعات القائد أوجلان بمثابة ولادة جديدة للمرأة في الشرق الأوسط، حيث يمثل مشروع الأمة الديمقراطية الذي يضع حرية المرأة كأحد المبادئ الأساسية في نضاله، مما أضاء طريق النساء بنور المساواة والسلام والديمقراطية".

فيما يتعلق بالمسؤوليات الملقاة على عاتق النساء استجابة لنداء "السلام والمجتمع الديمقراطي"، أكدت أن "القائد عبد الله أوجلان، من خلال هذا النداء، يذكّر النساء بمسؤولياتهن مرة أخرى. لذا، يجب علينا كنساء أن نتحمل هذه المسؤولية"، مضيفةً "يسعى القائد أوجلان من خلال هذا النداء إلى تحقيق السلام والديمقراطية والاشتراكية في المجتمع، حيث تُضمن حقوق جميع المكونات دون تمييز أو تجزئة. لذلك، نعتبر أنفسنا كنساء مسؤولات بشكل أساسي أمام هذا النداء التاريخي، ونعمل من خلاله على إنهاء الحروب والسعي نحو حل سياسي".

ونوهت إلى أن "ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا أثبتت للعالم أن المرأة قادرة على تحقيق أهدافها مهما كانت التحديات والضغوطات، فعندما تسعى المرأة نحو السلام والديمقراطية، فإنها تستطيع تجاوز جميع العقبات. بناءً على ذلك، نولي أهمية كبيرة لنداء القائد أوجلان وسنعمل بجد لتحقيق ذلك في جميع أنحاء سوريا، من خلال تعزيز العلاقات مع المكونات الأخرى في البلاد".

 

"الاحتلال التركي يستمر بانتهاكاته ضد الشعب"

وفي ختام حديثها، أشارت زلال جيكر، نائبة الرئاسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل، إلى المجازر التي يرتكبها الاحتلال التركي ضد الشعب، موضحة أن "الاحتلال التركي يواصل انتهاكاته ضد مكونات سوريا، حيث ارتكب مجزرة جديدة بحق الشعب الكردي في كوباني برخبطان، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال. كما أن الانتهاكات مستمرة ضد شعبنا العلوي في الساحل السوري"، مؤكدة أن "النضال المبني على نداء 'السلام والمجتمع الديمقراطي' سيكون هو الرد على جميع الصراعات والنزاعات التي تواجه الشرق الأوسط بشكل عام، وإقليم شمال وشرق سوريا بشكل خاص".