تطوير المرأة عبر جنولوجي خطوة مهمة في طريق تحرير النساء
انتشر علم المرأة منذ أن طرحه القائد عبد الله اوجلان حتى اليوم بشكل واسع إذ ينظر إليه كفكر جديد ومميز تستطيع المرأة من خلاله معرفة ذاتها وقوتها.

شيرين محمد
قامشلو ـ في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي شهدها الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، برزت الحاجة إلى إعادة النظر في دور المرأة ومكانتها في المجتمعات، ومن هذا المنطلق برز جنولوجي (علم المرأة)، كعلم حديث يسعى لفهم قضايا المرأة وتعزيز حقوقها، ليس فقط كموضوع نقاش بل كأداة فاعلة لتطوير الذات والمجتمع.
من خلال الأكاديميات والمراكز التي تأسست بهدف نشر علم المرأة، بدأت حركة نسائية فاعلة تعيد صياغة مفاهيم الحرية والمشاركة على أسس علمية واجتماعية، وتعتبر تجربة أكاديمية جنولوجيا في العديد من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، والشرق الأوسط نموذجاً حيوياً لهذه الحركة.
علم المرأة "جنولوجي" اقترحه القائد عبد الله اوجلان عام 2008 في كتابه (سوسيولوجيا الحرية)، وبدأت خطوات التعريف بهذا العلم منذ عام 2011 في ظروف صعبة لكنها تطورت بمرور الوقت أي بدأت من اجتماعات سرية لتشمل اليوم دورات تدريبية وورش عمل ومحاضرات تعزز الوعي النسوي، خاصة في إقليم شمال وشرق سوريا.
العضوة في أكاديمية جنولوجي في مركز قامشلو لمعان محمد شيخو أوضحت كيفية تطور العمل من مجرد لقاءات سرية إلى شبكة واسعة من المراكز في مناطق متعددة في إقليم شمال وشرق سوريا والشرق الأوسط وقالت "عام 2008 اقترح القائد عبد الله اوجلان في كتابه سوسيولوجيا الحرية، جنولوجي (علم المرأة)، ومع بداية عام 2011 مع انطلاق شرارة الثورة في سوريا بدأنا على شكل مجموعات بنشر هذا العلم من خلال الاجتماعات وبشكل سري، عملنا على تعريف المجتمع بهذا العلم وبشكل خاص المرأة"، مبينةً أنه "كنا نقوم بتحليل اسم جنولوجي، وأهميته وكيفية تطبيقه، ضمن الاجتماعات التي زادت يوم بعد آخر وضمن مناطق مختلفة، حتى استطعنا توسعة نطاق عملنا".
وعن بداية العمل قالت "البداية في أي خطوة تكون صعبة فنحن أيضاً واجهنا هذا الشيء ولكننا مع الوقت استطعنا أن نتجاوز جميع الصعوبات والعقبات، واستطعنا أن نحقق إنجازات أيضاً، ونأمل أن تكون لدينا خطوات إيجابية في المستقبل نحو تطوير المرأة والمجتمع، ولا نختص بعمر محدد فقط فلدينا إلى جانب الدورات التدريبية فقرات ترفيهية، ندوات حوارية، ورشات عمل، والعديد من الفعاليات الأخرى".
وبينت أن "نطاق عملنا توسع ليشمل الكثير من النساء، لذا احتجنا لإنشاء مراكز أكاديمية لدراسة جنولوجي، وتم افتتاح أول مركز أي أكاديمية في عفرين المحتلة، والآن لدينا عدة مراكز في ديريك، قامشلو، الطبقة وغيرها من الأماكن. فنظام العمل أو التدريب لدينا واسع جداً، فهنالك دورات تدريبية ساعية، يومية، شهرية وسنوية، ويتم إعطاء التدريبات على أساس دورات تدريبية مفتوحة ومغلقة، تضم عشرات النساء شهرياً".
وعن المواضيع التي يتم طرحها في الدورات التدريبية قالت "لدينا الكثير من المواضيع التي نعمل على طرحها كدروس، وننظر إلى علم المرأة كأنه علم للحياة. لأنه بتعمقنا بالحياة نرى أن هنالك الكثير من المواضيع التي يجب التحدث عنها والتوسع فيها والتطرق لها"، مضيفةً "لنا العديد من الأساليب التي نعمل من خلالها على إيصال المعلومة في الأكاديميات، أي أننا لا نقوم فقط بشرح المواضيع بل بعرض الأفلام والصور التي تربط الحاضر بالماضي لتوثيق المعلومات التي نطرحها".
ولفتت إلى أنه "لا يمكننا أن نفصل العلوم عن بعضها، فعلم الاجتماع علم أساسي ونحن نتطرق له كون علم الاجتماع مرتبط بعلم جنولوجي ولا نستطيع أن نجزئهم عن بعض. فأي درس لا يمكننا البدء به دون العودة للتاريخ والمجتمعات، وحسب المرحلة التي نعيش فيها".
وذكرت مثال على ذلك "إذا أخذنا موضوع السياسية، فإننا نتطرق لموضع عميق وهنالك الكثير من الأسئلة التي تتعلق بهذا الموضوع، أي لماذا وجدت السياسية، وكيف استعملت في البداية، وكيف استطاعت الدول الرأسمالية تحريفها لمصالحها؟ لذا نرى أنه من المهم الابتعاد عن فصل الدروس والعلوم عن بعضها البعض"، مضيفةً "كما أنه في الكثير من الأحيان نمر بدورات تدريبية خاصة للتعمق في بعض المواضيع منها التعصب الجنسوي، وصفات المرأة والرجل، والحياة التشاركية، ومواضيع مختلفة، لتطوير أنفسنا من هذه النواحي أكثر".
وعن التدريبات قالت "التدريبات تقدم على أساس المنطقة والمستوى الفكري فهذه الأمور لا يجب أن نغفل عنها، لأن هنالك العديد من المناطق لها عاداتها وتقاليدها ومستوى تفكير مختلف. لذا نسعى لإعطاء المعلومة أو النقاش على هذا الأساس، ويجب دائماَ النظر إلى هذه المواضيع بحساسية وبتركيز قوي. لأننا نسعى لتطوير الفرد وليس إخراجه عن الطريق".
وبينت أن علم المرأة "يتم تقبله يوم بعد يوم، فهنا نرى بأنه أصبح لدينا عدد أكبر من النساء اللواتي يمتلكن معلومات موسعة عن علم المرأة ويدركن أهمية التعمق بهذا العلم، وهذه خطوة جيدة في طريق نشر العلم على نطاق أوسع، فطريقتنا في شرح علم المرأة خاصة، من خلال إيصال المعلومات بشكل أوضح مع ربطها بالأمثلة وتاريخ المرأة على مر الأزمنة".
واعتبرت لمعان محمد شيخو أن المحاضرات من الناحية العلمية والفلسفية يمكنها إيصال المعلومة بشكل أفضل "ربط الأمثلة والدلائل بالمعلومات مهم جداً في توثيق كل شيء أمام المتلقي، ومن هنا يصبح للمتلقي قناعة تدفعه للتطور، ومن خلال النقاشات التي تدار أثناء الدروس أو المحاضرات أو الجلسات تدرك المرأة أن لديها صفات مهمة وعليها أن تدرك ذاتها وقوتها، ونرى الكثير من النساء يبدأن بتغيير أنفسهن للأفضل من خلال طرح الأسئلة وإيجاد الطرق الأنسب لتغيير شخصياتهن".
ولفتت إلى أن هنالك الكثير من المشاركات لديهن أهدافهن، ولكن "نرى بأن معلوماتهن ضعيفة وترغبن بتطوير أنفسهن، فنحن نبدأ من التعرف على الذات، ونقوم بإعطاء دروس عن جنولوجي (علم المرأة)، كما نستخدم بعض الأساليب الأخرى"، موضحةً "من خلال طرح أسئلة عن الصفات التي تحبها المرأة بنفسها والصفات التي تسعى لتغييرها أو لا تحبها، فحن هنا نقوم ببناء الشخصيات من جديد أي نعود بهذه الأسئلة إلى ذاتها وتسعى لتغيير بعض الأشياء في نفسها".
وحول انخراط النساء في الأكاديميات قالت "هنالك انخراط كبير من قبل النساء اللواتي يزرن المركز وينخرطن في التدريبات والمحاضرات، وهذا يدفعنا للعمل أكثر، فمن خلال هذه الدورات التدريبية تصبح لديهن قدرات كبيرة لتغيير المجتمع والعائلة ومن حولهن ويزداد سعيهن لتطوير شخصياتهن أكثر".
وأشارت إلى أنه "لا يمكننا تحديد عدد النساء اللواتي خضعن لتدريبات في الأكاديميات، ولكن هنالك العشرات من النساء اللواتي استطعن تطوير أنفسهن خلال التدريبات، فلإحصائيات تختلف كل عام ففي الأعوام الأخيرة رأينا بأن النساء من كافة المكونات ترغبن بالانضمام إلى هذه التدريبات التي يتم اعطائها، وهذه الرغبة تأتي من مستوى الوعي النسوي الذي نشرته المرأة بذاتها خلال الثورة".
وأضافت "عندما نقوم بطرح الأسس التي يعمل عليها جنولوجي (علم المرأة)، مثل علم الحياة التشاركية، وعلم الحياة، وعلم المجتمع علم ثورة المرأة فهنا نستطيع أن نطور كل شيء معاً ونطور أنفسنا أيضاً فتطويرنا لذاتنا هو تطوير المجتمع بحد ذاته".
وأوضحت لمعان محمد شيخو "نتعامل مع النساء على مستوى الشرق الأوسط والعالم أيضاً، أي لدينا لقاءات بين الفترة والأخرى على منصات التواصل أو تطبيق الزوم وهنالك نطرح أفكارنا ونناقش مواضيع مختلفة تخص المرأة، كما أننا نقوم بإعطاء محاضرات أيضاً، وفي بعض الأحيان يتم النقاش في المراكز التابعة لنا كمصر ولبنان، ونسعى لافتتاح أكاديميات أخرى وحول العالم لأن علم المرأة يخص النساء أينما كن ولا يختص ببقعة جغرافية أو قومية فقط فهو علم شامل وديمقراطي لجميع المجتمعات".
وفي ختام حديثها أكدت العضوة في أكاديمية جنولوجي في مركز قامشلو لمعان محمد شيخو "العلم مفتوح لجميع النساء اللواتي يردن تطوير أنفسهن، بتكاتفنا ومحبتنا يجب أن نلتف حول بعضنا البعض ونطور علم المرأة، لأن حرية المرأة هي حرية المجتمع بأكمله وان بتحرر المجتمع ستتحرر جميع الأجيال، فالمناضلة هي التي تسعى وتقاوم من أجل بناء هذا المجتمع".