نسويات مصريات: المجتمع الدولي يكيل مبادئ حقوق الإنسان بمكيالين

حالة من الاستياء سادت الأوساط النسوية والحقوقية بسبب تعاطي المجتمع الدولي مع الانتهاكات الأخيرة التي ترتكب في فلسطين والسودان وغيرها، وهو الأمر الذي كشف عن ازدواجية المعايير التي تطلبت تدخلات للكشف عنها ووضعها في نصابها الصحيح.

أسماء فتحي

القاهرة ـ رفع المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة الستار عن توجهاته التي تتعارض مع جميع المواثيق الدولية الحقوقية، ما دفع بالحقوقيين والناشطين لنقاش قضية "الكيل بمكيالين" ومسألة تجزئة المبادئ وفقاً للمصالح الرأسمالية دون النظر لمن سيعانون من ويلاتها نساءً كانوا أو أطفال أو غير ذلك.

انتفضت عدد من المجموعات الشابة والمؤسسات النسوية والحقوقية للمطالبة بالإفصاح عن ازدواجية المعايير التي نكلت بعدد من المعنيين بقضايا حقوق الإنسان فقط لدعمهم القضية الفلسطينية والتنديد بما تقوم به إسرائيل خلال الفترة الأخيرة وتطلب الأمر الكشف عنه.

ورأت عدد من النسويات أن هناك الكثير من التحديات التي يجب التعامل معها وأهمها اختيار الخطاب المؤثر على الرأسمالية الدولية لأن الحروب الأخيرة كشفت بوضوح وفضحت انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وأكدن أن السلاح الفعال هو ما يكبدهم خسائر على الصعيد الاقتصادي لكونها اللغة التي لا يفقهون غيرها لذا وجب تعلمها، فضلاً عن أهمية التشبيك والتكاتف من أجل إحداث التأثير الحقيقي في هذا الملف.

أكدت منسقة الصالونات وإدارة البرامج في مبادرة "سوبر وومن" هايدي رمضان، على أنهم دشنوا حملة بعنوان "تلك قضية وتلك قضية"، وحملة أخرى بعنوان "طلعت بتتجزأ" تم خلالها التشبيك مع النسويات والصحفيات والكيانات الكويرية للحديث عن معايير المجتمع الدولي المزدوجة في التعاطي مع ملفات حقوق الإنسان و"الكيل بمكيالين" مما يتطلب الوقوف عليه والبحث عن بدائل يمكنها التأثير على تلك التوجهات.

وأوضحت أن "الحراك النسوي تجاه هذا الملف لم يجد تفاعل ممن لا تمسهم المسألة بشكل مباشر ولكن التعاطف والتضامن جاء من المهتمين بالشأن الحقوقي والإنساني خاصة مع تأزم وضع النساء في غزة وحرمانهن من أبسط الأدوات التي تمكنهن من مواصلة الحياة، والأمر ذاته حدث في قضية السودان".

وقد تم تجاهل العديد من القضايا من قبل من يصفون أنفسهم بأنهم حقوقيون ويعملون من أجل الحقوق الإنسانية على حد قولها "هناك عدد من الكيانات والمؤسسات تم التنكيل بها وتم وقف التمويلات الموجهة لمشاريعهم فقط لتوقيعهم على بيانات تضامن مع القضية الفلسطينية، إن التباين الواضح في المعايير يحتاج لرفع الأصوات من أجل كشف تلك الادعاءات، وهو ما جعلهم يصدرون أول بيانات حملة "طلعت بتتجزأ" بعنوان "صمت عالي" لعدم القدرة على فعل شيء أكثر من التحدث عن الأمر".

وتعتبر أن التشبيك بين المجموعات النسوية مؤثر على أرض الواقع، لافتةً إلى أن حملة "طلعت بتتجزأ" كان لها صدى مفاجئ وكبير وارتفع معدل مشاهدة الفيديوهات وقراءة المقالات وغيرها من الأدوات التي تم استخدامها لكشف التباين الواضح في المعايير، كما أن التشبيك الناجح حفز المجموعات على المواصلة من أجل فضح "الكيل بمكيالين" في المجتمع الدولي، على حد قولها.

 

 

المجتمع الدولي يتأثر بالخسائر الاقتصادية

فيما أوضحت عضو الهيئة الاستشارية بمؤسسة النون لرعاية الأسرة هند فؤاد، أن ازدواجية المعايير في الإعلام الدولي ولجان حقوق الإنسان والأمم المتحدة حملت الكثير من الفجاجة وأصبحت واضحة للعيان، فهناك معايير مزدوجة في التعامل مع النسويات بحسب المنطقة التي تعملن منها أو عليها.

وأكدت على أن العمل على ملف حقوق الإنسان يجب أن يتجرد من أية تفاصيل إضافية تتعلق باللون أو الجنس أو الوطن، وأن النظام العالمي أظهر وجهه الخفي الذي لا يعلى إلا مصالحه في التعامل مع القضايا الحقوقية خاصة ما يتعلق منها بالحروب وهو أمر ليس بجديد لكونه جزء من تكوين الرأسمالية العالمية ولكنها انكشفت في الفترة الأخيرة.

وأضافت أن النسويات والفئة الشابة تعرفوا عبر منصات التواصل الاجتماعي، على حقيقة الوجه المظلم للرأسمالية العالمية التي لا تهتم بحقوق الإنسان قدر اهتمامها بمصالحها وعوائدها المادية، لذا استمرار حملات المقاطعة هو اللغة الوحيدة في تقدير هند فؤاد التي يمكنها التأثير عليهم والضغط من أجل العدول عن تلك التوجهات القاسية والتي تنتهك حقوق الإنسان وجميع المواثيق الدولية.

وفي ختام حديثها أوضحت أن الصوت المؤثر هو الذي تتم ترجمته في خسائر اقتصادية وأن ما دون ذلك لن يكون له تأثير على مجريات الأمور، معتبرةً أن أبرز التحديات التي تواجه الحراك الحقوقي الرافض لتلك الممارسات الآن تتمثل في غياب المنابر الإعلامية التي يمكنها أن ترد على الخطاب الزائف الذي يمارسه المجتمع الرأسمالي بغية تحقيق مصالحه، فضلاً عن العمل الجماعي من خلال التشبيك لكونه الأكثر تأثيراً وضغطاً على الآخرين، إضافةً لمخاطبتهم بلغة الربح والخسارة التي لا يفهمون غيرها.