حملة توعوية لمناهضة الابتزاز الإلكتروني والاستغلال الجنسي للفتيات
أطلقت منظمة سارة في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا, حملة لتوعية النساء والفتيات بمخاطر الاستغلال الإلكتروني وطرق المواجهة.

أسماء محمد
قامشلو ـ التوعية المستمرة والدعم النفسي والقانوني يشكلان ركيزة أساسية في مواجهة ظاهرتي الابتزاز الإلكتروني والاستغلال الجنسي اللتان تهددان أمن الفتيات في إقليم شمال وشرق سوريا، وعلى ذلك أطلقت منظمة سارة لمناهضة العنف ضد المرأة حملة توعوية تحت عنوان "الاستغلال الجنسي والابتزاز الإلكتروني جريمة… لا تكن شريكاً في التغطية عليها".
تُستهدف النساء والفتيات في السنوات الأخيرة باستخدام وسائل التواصل الافتراضي، عبر ظاهرتي الابتزاز والاستغلال الإلكتروني اللتان تهددان أمنهن النفسي والجسدي.
وتشهد مناطق إقليم شمال وشرق سوريا كما في جميع أنحاء العالم تزايداً مقلقاً في حالات الابتزاز الإلكتروني والاستغلال الجنسي، خصوصاً بين فئة الشابات، ما أدى إلى تفاقم العنف ضد النساء وظهور مشكلات نفسية واجتماعية خطيرة، ومن هنا انطلقت حملة منظمة سارة لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تستمر لمدة شهرين، لتسليط الضوء على هذه الظاهرة، وتوعية المجتمع بضرورة حماية الفتيات والنساء، وتزويدهن بالأدوات اللازمة لمواجهة التهديدات الإلكترونية والابتزاز دون خوف أو صمت.
وعن ذلك قالت الإدارية في منظمة سارة لمناهضة العنف ضد المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا أرزو تمو "اطلقنا حملتنا في الأول من تموز الفائت تحت شعار "الاستغلال الجنسي والابتزاز الإلكتروني جريمة… لا تكن شريكاً في التغطية عليها", وستستمر الحملة لمدة شهرين متواصلين، حتى الأول من أيلول".
"التوعية هي خط الدفاع الأول"
وأضافت "من خلال عملنا في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، لاحظنا في الآونة الأخيرة تزايداً مقلقاً في حالات الابتزاز الإلكتروني والاستغلال الجنسي، لا سيما بين فئة الشباب، وتحديداً الفتيات، كما تبين لنا أن غالبية حالات العنف والقتل التي تتعرض لها النساء في المنطقة ترتبط بشكل مباشر بالتهديد والابتزاز عبر وسائل التواصل الافتراضي، كما تهدف حملتنا إلى نشر الوعي المجتمعي حول مخاطر هذه الجرائم، وتشجيع النساء والفتيات على مواجهة الابتزاز دون خوف أو تردد، وكسر حاجز الصمت الذي يُفرض عليهن تحت ضغط الأعراف أو الخوف من الفضيحة، انطلاقاً من إيماننا بأن التوعية هي خط الدفاع الأول، وهي السبيل لحماية النساء من الوقوع ضحايا للتحرش والاستغلال، سواء كان ذلك في الفضاء الرقمي أو في الواقع".
وعما حققته الحملة خلال أكثر من شهر على بدأها أوضحت أنه "من خلال الحملة التي أطلقناها، تكاتفت جهود النساء واتحدت أصواتهن لإيصال رسالتنا إلى جميع فئات المجتمع، ورفع مستوى الوعي لدى النساء حول مخاطر الإنترنت، خاصة فيما يتعلق بارسال الصور والفيديوهات الشخصية، حتى لا يكن هدف سهلاً لجرائم الابتزاز والاستغلال الإلكتروني، ولم تقتصر فعاليات حملتنا على مدينة قامشلو فقط، بل شملت كافة مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، حيث نُفذت الأنشطة بالتنسيق مع منظمة سارة ومكاتبها والمخيمات التابعة لها في مختلف المناطق".
وبينت أن الهدف هو "الوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء والفتيات، وذلك عبر استبيان نشاركه على وسائل التواصل الافتراضي والمنصات الإلكترونية، يتضمن مجموعة من الأسئلة الموجهة للفئة المستهدفة. بعد تعبئة هذه الاستبيانات، نقوم بتحليل النتائج وتقييم الوضع، مما يتيح لنا فهم احتياجات النساء بدقة. في المرحلة التالية نعقد جلسات حوارية تناقش خلالها المشاركات تجارب واقعية لحالات عنف وابتزاز واستغلال جنسي، مما يتيح لهن فرصة التعلم من بعضهن البعض، وتبادل سبل الحماية والوقاية، وتهدف هذه الجلسات إلى تمكين النساء بالمعرفة والثقة لمواجهة التهديدات الإلكترونية، واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أنفسهن".
الخوف من الوصمة الاجتماعية يوقع بهن في أزمات نفسية
وأوضحت أن الشابات الصغيرات في السن هن هدف المبتزين "يتم استهداف الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين الخامسة عشر وحتى سن البلوغ، حيث يكون من السهل استغلالهن عاطفياً وجنسياً ومادياً، كما أن الخوف من الفضيحة والوصمة الاجتماعية يوقع بهن في أزمات نفسية حادة، قد تدفع بعضهن إلى اتخاذ قرارات مأساوية، تصل في بعض الحالات إلى إنهاء حياتهن".
وأكدت على دور منظمة سارا في حماية المعنفات "نلتزم بحماية النساء اللواتي يلجأن إلينا، ونسعى لمساندتهن في تجاوز الأزمات النفسية والاجتماعية التي تعرضن لها، والتي أثرت ليس فقط على حياتهن، بل امتدت لتشمل أسرهن. هناك عدد متزايد من الأشخاص الذين يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستغلال الفتيات بطرق مرعبة وخطيرة، مما يدفع بعض العائلات إلى الانهيار النفسي، وقد يصل الأمر ببعض الفتيات إلى ترك المنزل هرباً من هذا الاستغلال".
والتوعية لا تقف عند الفتيات بل تشمل الأسر أيضاً لتحقيق الهدف المرجو منها "نعقد اجتماعات توعوية مع العائلات لتعريفهن بمخاطر الاستغلال عبر الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بتركيب الصور والفيديوهات المزيفة، وفي كثير من الحالات، تتفهم العائلات الوضع، ويتم حل المشكلة بطريقة سلمية, كما نقدم للفتيات تدريبات توعوية تمكنهن من التعرف على كيفية التصرف في حالات الاستغلال والتهديد، مما يعزز قدراتهن على مواجهة هذه التحديات بثقة وحزم".
"نحن هنا لنكون صوتكن ودرعكن الحصين"
وأشارت إلى وجود العديد من المراكز والمؤسسات التي تقدم الدعم والحماية للنساء والفتيات، مضيفةً "نشجع جميع النساء على التوجه إلى هذه المراكز والمكاتب للحصول على الحماية والدفاع عن حقوقهن، وعدم السكوت عن الجرائم التي تُرتكب عبر مواقع التواصل الافتراضي. ونحن في منظمة سارة نوفر خط ساخن خاص لاستقبال جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة أو يرغبون في التواصل معنا من أجل حماية أنفسهم أو غيرهم. عبر هذا الرقم يمكن الوصول إلينا بسرعة وسرية تامة، لنقدم لهم الدعم اللازم ونساعدهم في حل المشكلات التي تواجههم".
وفي ختام حديثها وجهت رسالة لكافة النساء والفتيات قالت فيها "لا تسمحن للصمت أن يكون سلاحاً يستخدم ضدكن. هناك قوانين تحمي حقوقكن، وعقوبات صارمة تنتظر كل من يحاول استغلالكن أو إيذائكن. نحن هنا كأمهات وكحاميات نقف بجانبكن في أصعب اللحظات، نمنحكن الدعم والحماية التي تستحقنها، ونؤمن لكن القوة لتخطي كل محنة, ولا ننسى أن اليأس ليس الحل، فمهما كانت الظروف، هناك دائماً نور في نهاية الطريق، وحلول واقعية تنتظر كل واحدة منكن، وقوانين رادعة تحميكن من كل خطر, أنتن لستن وحدكن ونحن هنا لنكون صوتكن ودرعكن الحصين".