لور عبد الخالق: الواقع التعليمي في لبنان على شفير الانهيار

في ظل الأزمات المتعددة التي تعاني منها لبنان، والتي انعكست سلباً على الواقع التعليمي في البلاد، ارتفعت نسب التسرب وهجرة الأساتذة، ما يهدد بانهيار النظام التربوي في لبنان.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ الواقع التعليمي في لبنان كارثي، وهو أكثر القطاعات تضرراً وقد كان انعكاسه واضحاً على المجتمع ككل، وذلك بسبب انقطاع الطلاب عن التعليم إثر ما آلت إليه حالة المعلمين والمدارس الرسمية بسبب الإضرابات المتكررة للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي.

 

الواقع التعليمي في لبنان

يعاني الواقع التعليمي في لبنان من أزمات متعددة سواء على المستوى البنيوي التنظيمي أو على الأرض، مما أدى إلى تشكيل تحديات عدة، وضعف التحصيل التربوي والمتمثل بظاهرة الرسوب، ويهدد بانهيار النظام التربوي سواء الخاص أو الرسمي وهو سبيل الأجيال للنمو والتقدم والتطور.

أكدت المدربة في الأدب الرقمي ومنسقة قسم اللغة العربية لور عبد الخالق لوكالتنا على أن الواقع التعليمي في لبنان يعاني من أزمات متعددة على عدة مستويات، ما يشكل تحديات عدة تظهر في ازدياد التسرب من المدارس والجامعات وهجرة الأساتذة وضعف التحصيل التربوي.

وأوضحت أنه "على الرغم من المصاعب الجمة التي يواجهها الواقع التربوي في لبنان، فقد ظلت البلاد في المراتب الأولى في التعليم عن بعد في العالم العربي خلال أزمة كورونا".

وأشارت إلى أن "الأجر الذي يتقاضاه المعلمون أو البعض منهم لا يتجاوز الـ 60 أن 70 دولار، فهو لا يسد رمقه، لذا من الضروري الإسراع في اتخاذ خطوات داعمة للمعلمين ليعيشوا بكرامتهم، والنظر إلى موضوع الاستشفاء، وبدل النقل ليصل إلى مدرسته، وباستراتيجية داعمة للطلاب من أجل تأمين تعليم جيد وآمن لهم، لاسيما وأن التعليم في لبنان عرف برقيه وتقدمه عن باقي الدول، والدليل على ذلك أسماء اللبنانيين اللامعة من باحثين وأطباء ومهندسين ومخترعين وموسيقيين وغير ذلك".

ولفتت إلى أنه "في بعض الأحيان تعلو الأصوات ضد المدارس الخاصة كونها قليلاً ما تعلن الإضراب، ليس لأنها ومعلميها لا يعانون، بل لأنهم يحرصون على مصلحة الطلاب وحفاظاً على المسؤولية والثقة الممنوحة لهم".

 

أزمة الجامعة اللبنانية

وعما يعانيه طلبة الجامعة اللبنانية تقول "تعاني الجامعة اللبنانية كغيرها من مؤسسات الدولة اللبنانية من قلة الدعم من قبل الحكومة، وتُقابل بالتقصير على كافة الأصعدة، وتعاني من التجاذب السياسي والحزبي والطائفي، وتعاني الهيئة التعليمية في فروعها من شح البدل، فكيف سيعيش أفراد الهيئة التعليمية مقابل بدل 83 ألف ليرة عن الساعة، وكيف سيتمكنون من الوصول إلى الجامعة للتدريس، وقد هاجر عدد كبير منهم أو انقطعوا مؤقتاً عن التعليم، كذلك لا يمكن أن ننكر الاختبارات الصعبة وتحديد سقف الناجحين في كل سنة دراسية، كما وأن بعض أعضاء الهيئة التدريسية لا يتقنون التكنولوجيات الحديثة ما يحد من قدراتهم".

 

واقع التعليم المدرسي في لبنان

وأشارت إلى أنه "منذ عام 2019 التعليم في لبنان بانحدار، فالتحديات كثيرة، ناهيك عن الوضع الاقتصادي، وجائحة كورونا التي ما زالت تحيق بلبنان، كما أن قطاع التعليم يواجه العديد من التحديات من حيث المناهج، المعلمين، والطلاب، كونه غير مجهز للتعليم عن بعد، وعدم تدريب المعلمين عليه وعدم تعاملهم سابقاً على هذا النحو، ولعل الأهم المناهج التي تقادم عليها الوقت، والتي حالياً يتم العمل عليها لتكون أكثر مرونة، ولتتناسب مع القرن الواحد والعشرين، ومع متطلبات التنمية المستدامة"، موضحةً "لنفرض أن المناهج تم العمل عليها، وتم تدريب المعلمين فمن سيحل مشكلة أزمة الكهرباء، وغلاء الانترنت، وماذا عن الأسر الفقيرة التي لا يمكنها تأمين أجهزة كومبيوتر أو هاتف لكل فرد منها، فأنا ضد التمييز بكافة جوانبه، ولكن هل يعقل ألا يجد الطفل اللبناني مكاناً له في المدرسة لأن أسرته لا تملك المال لتسديد القسط المدرسي والنقل وغيره من المستلزمات، بينما الأمر متاح لغير اللبنانيين؟".

وحول المشاكل التي واجهتها مع النظام التعليمي تقول "على الرغم من حرمان المدرسين في المدارس الخاصة من الدورات التدريبية التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم العالي، حاولت أن أقدم دورات تدريبية تطوعية لأتقاسم خبرات اكتسبتها ودورات مهمة للمعلمين مع إحدى المدارس الرسمية، وكانت الإجابة أنها بحاجة إلى إذن من وزارة التربية وهو أمر يخضع لبيروقراطية إدارية عقيمة، وبالتالي لا يقومون بتقديم العون، كما وتوجهت إلى مجموعات من المعلمين/ات وأعلمتهم بمواعيد الدورات التدريبية التي أقوم بها مع منظمات تعليمية عدة منها الجمعية التونسية لتكنولوجيا التربية الحديثة والتي تعنى بتطوير المعلمين التكنولوجيا وتدريبهم للحصول على شهادة معلم مايكروسوفت الخبير، إلا أنني تفاجأت ببعض الإجابات ومنها، لماذا نتعب؟ ولماذا نضحي بالوقت وصرف الانترنت ونحن لا نتقاضى أجورنا؟ وأحزن أن يصل المعلم الى هذا المستوى من التفكير بسبب عجزه المادي، ومن جهة ثانية أشعر بالغضب، لأن سوء إدارة البلاد جعل البعض يتخلى عن طموحه وتقدمه وحبه للعطاء، ولعل الشعور الأصعب هو الاشمئزاز من هذا الواقع وهو أن 30 بالمئة من المعلمين تركوا التعليم لسوء الظروف، وبالتالي فالمتضرر الأكبر الذي يدفع الثمن هو الطالب والذي بسبب كورونا انقطع عن التعليم أو تعلم بطريقة غير صحية ما سبب وجود الفاقد التعليمي، وإن استمر الأمر ولم تتم المعالجة بشكل سريع سوف يتحول الفاقد التعليمي إلى صعوبات تعليمية".

 

التحديات التي تواجه الطلاب والتلاميذ في كافة المراحل

وأوضحت "كان هناك وسائل رقمية متعددة ليتم التواصل ما بين المعلم والتلميذ في معظم المدارس خلال الجائحة، والحقيقة لا يمكن إلا للمعلم والأهل الذين يتابعون أولادهم معرفة مدى الضرر الذي لحق بأبنائهم، تخيلوا تلميذ الروضات، أهم مرحلة تأسيسية للطفل، لم يذهب إلى المدرسة إلا اليسير، وها هو في الصف الأول أساسي يعاني تماماً كالمعلم والأهل، والأهم أنه على المعلم أن يقوم بتشخيص الحالة وتحديد إن كان يعاني من فاقد تعليمي أم من صعوبات تعلمية، كذلك على المعلم أن ينهي برنامج الصف الأول مثلاً المتمثل بالمهارات والكفايات ليكون جاهزاً للصف الثاني، وهذا ينطبق على كافة المراحل (تحديداً الحلقة الأولى والثانية) فكيف ذلك في ظل الوضع المأزم الذي آلت إليه المدارس والبلاد بشكل عام؟".

 

دور التقنيات الحديثة في إنقاذ التعليم والحد من التسرب

وعن دور الأدب الرقمي وتقنياته، قالت لور عبد الخالق "ليست هذه التقنيات وحدها قادرة على إنقاذ التعليم والحد من التسرب، على الرغم أنه لم يعد مقبولاً أو معقولاً ألا تكون الأولوية لاستخدام التقنيات في التعليم وإدخالها في المناهج، لا بل أصبح أمراً ملحاً، فلا عودة إلى الوراء، خصوصاً وأننا الآن في ثورة رقمية (تكنولوجية) كتلك الثورة الصناعية التي غيرت العالم، وربما لو كنا ركبنا سفينة التكنولوجيا كغيرنا من الدول في وقت سابق لما وصلنا إلى هذا الوضع".

ولفتت إلى أنه "تم مؤخراً تأسيس نقابة تكنولوجيا التربية في لبنان وهي حالياً تقوم بأعمال عظيمة ورشات تدريب لسد الثغرات التي يعاني منها القطاع التربوي".

وأكدت المدربة في الأدب الرقمي ومنسقة قسم اللغة العربية لور عبد الخالق على أنه "يجب على المعلمين العمل على تطوير أنفسهم بأنفسهم وسط عجز النظام التربوي والدولة في لبنان، والعمل على الالتحاق بركب التكنولوجيا في التعليم دون النظر إلى مقابل مادي، فبرأيي من لا يتطور يتهور، ومن لا يتقدم يتقادم، ونحن مسؤولون عن أجيال المستقبل، وعلينا ألا نتخلى عن مسؤولياتنا، وبهدف الحد من التسرب المدرسي الكارثي، والذي يكل عبئاً على المجتمع التربوي رغم كل المحالات والتشريعات، ومن أجل مجابهة الفقر والتخلف علينا أن نتمسك بالتربية والتعليم".