بين ارتفاع درجات الحرارة والأسعار... المسابح العائلية متنفس النساء في إدلب

مع بداية موجات الحر الشديدة تتجه بعض النساء في إدلب للتنزه والترفيه في الأماكن التي تتواجد فيها المسطحات المائية والمسابح العائلية لتحظى بقسط من الراحة ولكسر الروتين والخروج من واقع الحرب والنزوح والتهجير

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
بابتسامة خجولة رسمت على وجهها قالت سناء العليوي (٣٤) عاماً وهي نازحة من مدينة خان شيخون أنها باعت السلة الغذائية الشهرية لتتمكن من تلبية رغبة أبنائها بالتوجه في نزهة نحو إحدى المسابح العائلية المتواجدة في منطقة سرمدا القريبة من مخيمهم.
وتضيف "أبنائنا منسيين هنا وهم بحاجة للخروج والترفيه وتعلم السباحة، ولذا فإن قصد المسابح أمر هام وأساسي وليس من الكماليات وخاصة وسط ارتفاع درجات الحرارة الكبير في الآونة الأخيرة".
استطاعت سناء العليوي أن تلبي رغبة أبنائها رغم ارتفاع أسعار إيجارات المسابح العائلية هذا العام، لكنها تنتقد الاستغلال الواضح من قبل أصحاب المسابح لحاجة الناس للتنزه والترفيه، وتؤكد أنها حجزت مسبح فقط لمدة ١٢ ساعة مقابل ٤٠ دولار وهو مبلغ يفوق قدرة السواد الأعظم من المدنيين في إدلب ومعظمهم من النازحين والمهجرين الذين سيحرمون من ارتياد المسابح والتمتع بأجواء هادئة ومسلية وفق تعبيرها. 
وتعتبر المسابح العائلية أكثر أماناً للسباحة بالنسبة للأطفال والنساء من المسطحات المائية التي تشهد السباحة فيها عشرات حالات الغرق كل عام جراء التيارات المائية القوية للأنهار ونمو الحشائش في أعماقها والصخور على أطرافها ما يعيق السباحة بشكل كبير.
وبينما تهيأ طفلها مصعب البالغ من العمر (٣) سنوات للسباحة تقول لمى الحميدو (٢٥) عاماً أنها تنتظر يوم ذهابهم إلى المسبح العائلي بفارغ الصبر كل عام، كونها تقضي فيه مع عائلتها وقتاً مسلياً ويستمتعون بالسباحة في جو الصيف الحار.
وتبدأ بنزول المسبح مع مصعب بتأني شديد بعد أن وضعته في دولاب هوائي يساعده على الطوفان فوق سطح المياه وهي تتابع حديثها "رغم غلاء إيجارات المسابح وزيادتها في كل عام عن العام الذي يسبقه لا نستطيع التخلي عن هذا اليوم المميز بالنسبة لنا كل سنة، فرؤية السعادة على وجوه أطفالنا يستحق أن يدخر المرء ما يستطيع به أن يلبي احتياجات أبنائه ويسعدهم بقضاء يوم جميل وخاصة بعد كل ما مررنا به من قصف وأهوال وضغوطات نفسية".
وبالرغم من ارتباط السباحة بالعديد من الفوائد إلا أنها لا تخلو من الأمراض في مسابح إدلب التي تدار بشكل عشوائي وغير منظم من عدة نواحي.
الطبيبة لمياء قديراني (٣٨) عاماً تتحدث عن أضرار السباحة بمسابح غير صحية قائلة إن أكثر ما يؤذي الصحة العامة داخل المسابح العائلية هو وضع مادة الكلور بنسب غير مدروسة بغية التخلص من الميكروبات والبكتيريا بحيث لا تخضع مياه المسابح للتغيير المستمر بل إن معظمها يتم فلترة مياههها بعد كل عملية سباحة من إحدى العائلات ويضاف إليها الكلور وهو ما يؤدي لمشاكل صحية وأمراض مختلفة أهمها الأمراض الصدرية كالربو وخاصة بالنسبة للأطفال الذين لا يملكون المناعة الكاملة لمحاربة الأمراض، عدا عن الحكة وحساسية الجلد جراء التركيز العالي لمادة الكلور في المسابح.
ومن هنا تنصح الطبيبة لمياء بتجنب السباحة في المسابح التي تنبعث منها رائحة الكلور القوية واستبدالها بمسابح يتم تغيير مياهها بشكل دوري ومستمر واستخدام الواقي الشمسي قبل السباحة لتجنب الإصابة بحروق الجلد والتهابه جراء التعرض لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة.
وتطرقت للحديث عن الفوائد المتعددة للسباحة بالقول إنها تنشط الدورة الدموية وتحسن الحالة المزاجية بصفة دورية، عدا عن أنها تساهم بشكل فعال في تنقية الجهاز التنفسي وتقلل من أعراض الاكتئاب والاضطرابات النفسية على وجه الخصوص وتحفز الدماغ على التأمل والاسترخاء.
وأنهت حديثها بالقول "لا شك أن أكثر ما تحتاجه المرأة السورية اليوم وسط ظروفها القاسية والأزمات النفسية التي تعرضت لها على مدى سنوات من الحرب المدمرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى هو أن تحظى بقسط من الراحة في أجواء المسابح العائلية الصيفية، تعطيها جرعة علاج نفسي، اجتماعي، جسدي، ولحظات جميلة بعيداً عن المآسي التي سرقت منها أحلامها وحتى ابتسامتها".