إدلب... تردي الواقع الاقتصادي يجعل من الخرفيش وجبة رئيسية

الوضع الإنساني والاقتصادي في إدلب بالشمال السوري يتدهور يوماً بعد يوم عقب سيطرة تركيا ومرتزقتها على المنطقة، حيث باتت النازحات تعتمدن على النباتات البرية لتوفير غذاء عوائلهن.

هديل العمر

إدلب ـ حالة عدم الاستقرار والانفلات الأمني في مدينة إدلب تسببت في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، حيث بدأت بوادر أزمة اقتصادية كارثية بالظهور، تمثلت بأن العديد من النازحات تعتمدن على نبات الخرفيش لسد جوع أطفالها.

تمثلت في اعتماد العديد من النازحات على نبات الخرفيش لسد جوع أطفالهن.

استغنت النازحات في مدينة إدلب بالشمال السوري عن العديد من الوجبات الرئيسية على موائدهن مع بداية فصل الربيع، وعوضنها بنبات الخرفيش كونه ينبت في الحقول دون عناء أو تكاليف، ليوفر عليهن بعض المال في الوقت الذي تعانين فيه من الفقر وقلة مصادر الدخل والغلاء كل ذلك تسبب في تفاقم معاناتهن الإنسانية والمشاكل الاقتصادية للمنطقة.

والخرفيش من النباتات الشوكية الموسمية يطلق عليه العديد من الأسماء كالشوك أو حليب الشوك لاحتوائه على عصارة بيضاء اللون، ويعرف أيضاً باسم الماريانية وهي عبارة عن نبات مزهر أرجواني اللون يعود أصله إلى جنوب أوروبا وبعض أجزاء آسيا ينتشر في جميع أنحاء العالم.

تخرج خديجة الأمينو في العقد السادسة من عمرها، كل يوم إلى الحقول المجاورة للمخيم المقيمة فيه بالقرب من مدينة كللي شمال غرب إدلب للحصول على نبتة الخرفيش وإعداد وجبة خفيفة ومجانية لعائلتها، في الوقت الذي لا تحصل فيه على أي دعم أو مساعدة أو حتى مصدر دخل بعد مقتل أحد أبنائها في القصف واعتقال آخر من قبل حكومة دمشق.

وتقول إنه على الرغم من أن رحلة البحث عن الخرفيش لا تستغرق سوى ساعة من الزمن إلا أنها محفوفة بالمخاطر منها القصف العشوائي أو انفجار الألغام العالقة في التربة ولم تنفجر بعد، إلا أنها تجازف بحياتها للحصول على هذه النبتة كونها الغذاء الوحيد الذي يتوفر خلال فصل الربيع، خاصة في ظل الغلاء وقلة فرص العمل يعد الخرفيش مصدر غذاءهم الوحيد ولا يستهلك الكثير من الحطب لطهيه وهذه أيضاً ميزة تخفف عن نازحات المخيمات أعباء الفقر والجوع.

وبعد نزع أشواكه التي تتسبب لها بالكثير من الخدوش والجروح، تقوم خديجة الأمينو بطهيه على نار الحطب بعد وضع القليل من زيت الزيتون عليه وتقطيع بصلة متوسطة الحجم وبعض الملح، لتحضر منه وجبة مفيدة وغير مكلفة لعائلتها كما تقدم بعض منها لجيرانها.

ووجبة الخرفيش تجنب العديد من العوائل الكثير من المصاريف، منهم عائلة سميرة الحليب البالغة من العمر 35 عاماً، التي تتحايل من خلالها على الواقع الاقتصادي المزري لها ولأطفالها الأربع، كونها تتحمل مسؤولية الإنفاق عليهم وسط كل ما تعانيه من نزوح وفقر بعد وفاة زوجها على أثر إصابته بمرض عضال لم يحصل خلالها على العلاج المناسب.

تحصل سميرة الحليب على هذه النبتة من الحقول والبراري القريبة من المخيم الذي تقطنه في بلدة قاح شمال إدلب، وتعتبر الخرفيش من أهم الحشائش التي تحتوي على فوائد ونكهة محببة مقارنة ببقية الأنواع الأخرى والأهم من ذلك أنه متوفر بكثرة على مدى أشهر الربيع والصيف أيضاً.

وأكدت أن أرخص أنواع الأطعمة سيكلفها الكثير من المال الذي لا يتوفر لديها منه لو جزء بسيط، كونها عاطلة عن العمل ولا تجد أي مصدر دخل أو فرصة عمل مناسبة تنفق من خلالها على أطفالها، مضيفةً أن تردي وضعها الاقتصادي جعلها غير قادرة على تأمين أدنى مقومات الحياة، الأمر الذي دفعها بلا تردد للاعتماد على الحشائش والنباتات البرية منها الخرفيش لتأمين وجبة مفيدة وغير مكلفة لأطفالها.

على الرغم من فوائد الكثير إلا أن الطفل حسام الصدير البالغ من العمر عشر سنوات لا يعتبره من وجباته المفضلة، فهو يرغب بتناول أصناف أخرى من المأكولات منها "اللحم، منذ بداية نمو الحشائش والنباتات البرية لا تمل أمي من جمع وطهو الخرفيش بشكل شبه يومي حتى أنه بات طبقاً رئيسياً على موائدنا، لقد سئمت الاعتياد على أطعمة محددة، أتمنى تناول بعض اللحم والخضار التي لم تطهى في خيمتنا منذ زمن".

وعن فوائد الخرفيش الطبية قالت خبيرة التغذية رولا الكامل 39 إنه يلعب دوراً هاماً في تقوية المناعة والحفاظ على صحة القلب والجهاز الهضمي والعصبي وتخليص الكبد من الشوائب والسموم وتجديد الخلايا، كما يساعد على الحماية من خطر الإصابة بالسرطانات، بالإضافة للتحكم بمستوى السكر في الدم.

وفي تقرير سابق له أعلن برنامج الأغذية العالمي، أن ثلاثة من كل خمسة أشخاص في سوريا يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، بعد الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، وتدهور الوضع الاقتصادي في معظم مناطق بالبلاد، حيث بلغ حد الفقر وفق تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة 90% من السوريين.