في الشرق الأوسط... أزمات وحروب ونضال ضد العنف في 25 نوفمبر ـ 3 ـ ما الأسباب التي أعاقت تحسين واقع المصريات؟

أيام تفصلنا عن الزخم العالمي المستمر ضمن فعاليات الـ 16 يوم المخصصة لمواجهة جميع أشكال العنف الواقع على النساء الأمر الذي جعل من بحث أسباب عدم الوصول للواقع المأمول ضرورة في ظل المعطيات الراهنة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ حالة النساء مازالت غير ملبية لأحلام وتطلعات العاملين والمهتمين بملف المرأة الراغبين في تحسين الواقع وتحقيق مكتسبات من شأنها أن تؤسس لفكرة العدالة المرجوة في مختلف المجالات السياسي منها والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ويعود ذلك لعمق ما تجذر من أفكار في وجدان المواطنين حول الدور النمطي للمرأة والقالب الذي تحيا حبيسته لعقود طويلة.

للوقوف على عدد من الإجابات حول واقع المرأة المصرية وما وصلت له نضالات النساء عبر سنوات متوالية لوجود نقاشات عديدة وأفكار متعلقة بالتغيير الملموس وأسباب عدم وجوده على النحو المأمول رغم ما يتم فعلياً من حراك على مختلف المستويات سواء على الصعيد التشريعي أو التوعوي، كان لوكالتنا مع عضوة الجبهة الوطنية لنساء مصر كريمة الحفناوي الحوار التالي:

 

رغم الجهود الكبيرة المبذولة من المؤسسات العاملة على حقوق النساء إلا أن التغيير الملموس لواقعهن لم يحدث بعد، فما أسباب ذلك؟

التطور الملموس يتحقق بوجود تضافر بين جميع المؤسسات فيستلزم وجود إرادة سياسية وعمل متواصل من أجل انتزاع الحقوق، فضلاً عن القيام بحملات تشاركية بين جميع منظمات المجتمع المدني لخلق رأي عام وضغط ومن ثم الوصول للمستهدف.

وفي الفترة الأخيرة كان هناك تطور وحالة تشاركية داخل المجتمع المدني سواء مع الأحزاب أو المؤسسات النسوية أو تلك الحقوقية مما حرك المياه الراكدة في عدد من الملفات وهو ما أعتقد أنه قيد الاختبار والتطور ولكنه يحتاج لمزيد من الجهد المنظم لتحقيقه.

وأتوقع أن يحدث ذلك خلال الفترة المقبلة لأن أغلب العاملين على هذا الملف أصبحوا مدركين أن العمل الجماعي بالأدوات المختلفة من شأنه أن يخلق التغيير المستهدف، ويمكن القول إن هذا تحدي يواجه الكثير من الدول وليست مصر وحدها.

 

قبل حلول حملة الـ 16 يوم، ما هو تقييمكم لواقع النساء في مصر؟

رغم وجود كوتا نتج عنها وصول النساء للكثير من مناصب صنع القرار وتمثيل نحو 25% بمجلس النواب، ولكني أرى أنه لابد من زيادة تلك النسبة لتمثل واقع وتعداد النساء والمقدر بنحو 50% من المجتمع، وهو أمر تعمل عليه وتدرسه العديد من الدول في الوقت الراهن.

والواقع بات يتطلب العمل من أجل تكافؤ الفرص وعدالتها وتحقيق المساواة بين الجنسين وعدم التمييز لأنه وحتى الآن هناك الكثير من أشكال التمييز تمارس في مختلف قطاعات العمل على أساس النوع الاجتماعي.

كما أن للتشريعات دور كبير في التعامل مع واقع النساء وهو الأمر الذي بات يتطلب بذل المزيد من الجهود لتحسين الحزمة التشريعية فيما يتعلق بتواجد المرأة بالشارع أو الأسرة وكذلك العمل، فهناك عدد من القوانين تم تقديمهم لمجلس النواب السابق والحالي ولم يتم مناقشتهم حتى الآن ومنها قانون الأسرة والقانون الموحد لمواجهة العنف ضد المرأة وغيرهما.

وهناك فئات كاملة لا تشملهم مظلة الحماية الاجتماعية والقانونية في قانون العمل الجديد الذي يناقش الآن على سبيل المثال ومنها قطاعات كبيرة من العمالة الغير منتظمة، وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على واقعهن ويجعلهن أكثر عرضة للعنف والضغوط الاجتماعية والاقتصادية كذلك.

 

رغم صدور قانون التحرش إلا أن الكثيرات تعانين حتى اليوم من ويلاته، فما هي أسباب ذلك؟

تشديد العقوبات لا يعني نفاذها رغم أنها رادعة ولكن الوقاية خير من العقاب والعمل على الثقافة المجتمعية السائدة هو الأداة الأكثر تأثيراً في الواقع خاصة مع استمرار الممارسات وعدم خضوعها لما يتم تغليظه من عقوبات.

والأمر بات يتطلب تشارك المجتمع المدني مع الأحزاب ومؤسسات الحكومة للعمل على التوعية ضد الممارسات التي تنال من الحقوق الأساسية للنساء في مختلف النواحي بدءاً من عملية التنشئة داخل الأسرة وصولاً للردع العام مروراً بمراحل التعليم المختلفة ومراكز الشباب وقصور الثقافة وغيرها.

ولابد من كسر الحواجز التي تضع المعنيين بهذا الملف في جزر منعزلة خاصة مع القوى الناعمة بمختلف أنماطها، فضلاً عن دراسة أسباب تلك الظاهرة والتأكد من المعرفة الحقيقية والقدرة على تداول المعلومات لأن هذا أساس العمل المؤثر على أرض الواقع ليتم على أساسها تحقيق الأثر المرجو في المجتمع.

 

في خضم الحديث عن العنف، هل كان هناك ارتفاع كبير في الإحصائيات التي صدرت مؤخراً؟

معدلات العنف ترتفع بشكل ملحوظ في جميع الدول خلال الفترة الأخيرة بمختلف أشكالها سواء كان أسري أو في الشارع، وكذلك العمل وفي مصر مؤخراً ارتفع معدل بطالة النساء لثلاثة أضعاف الرجال وذلك يرجع للفرص المتاحة، كما أن الكثيرات عدن للمنازل وآثرن ترك العمل والمجال العام.

ولا يمكن إغفال أشكال التمييز التي تقع على كاهل النساء في العمل والمقسمة لثلاثة أنماط تتمثل في التعيين ذاته أو الترقية وكذلك الأجور، ووفق ما نُشر في معهد جورج تاون للمرأة والأمن والسلام والذي سلط الضوء على عدة جوانب خاصة بالمرأة ومنها المشاركة السياسية والتنموية والحماية من العنف والتمييز والتمكين الاقتصادي وغيره، فقد شغلت مصر في هذا المؤشر رقم 110 من 177 دولة وهو ما يعد تقدماً عن الأعوام السابقة.

ولدينا أزمة في الإحصائيات وتداول المعلومات ومقاربة المتاح منها بالواقع، فبحسب الأمم المتحدة هناك نحو 10 نساء من كل 40 تقمن بالإبلاغ وهؤلاء منهن فقط 4 نساء تكملن مسار التقاضي وهو ما يعطينا لمحة حول مدى دقة الأرقام المعلنة.

وفي مصر الإحصائيات قليلة جداً فبحسب مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة، فقد تم رصد جرائم العنف لعام 2023 وقدرت بنحو 950 جريمة عنف وتم تقسيمها لـ 492 جريمة عنف أسري، و81 جريمة اغتصاب، و66 جريمة ضرب مبرح أدت لكسور وعاهات، 42 جريمة سرقة، 97 واقعة انتحار، و51 ابتزاز، و5 تشويه للوجه، و14 جريمة حرمان من الميراث.

 

بتنا على أعتاب حملة الـ 16 يوم المخصصة لمواجهة العنف الواقع على النساء، برأيكم ما الحلول الممكنة التي تحقق الحماية المرجوة للمرأة من تلك الممارسة؟

في الوقت الراهن تطور العنف بشكل كبير فلا يمكن إغفال ما تعانيه النساء نتيجة الجريمة الرقمية والتي أدت لقتل وانتحار العديد من الفتيات خلال الفترة السابقة وهو ما بات يتطلب شمولها بمزيد من الاهتمام والعمل الجماعي من أجل مناهضتها.

كما يجب العمل على الثقافة المجتمعية ورفع معدل الوعي بحقوق النساء للجميع بمن فيهم القائمين على نفاذ القانون وتلقي الشكاوى لضمان عملية النفاذ على أرض الواقع.

والعمل من أجل استصدار التشريعات الجديدة التي تحفظ الحقوق وكذلك إنشاء مفوضية مكافحة التمييز وهي حق دستوري عُطل منذ عام 2014 لذلك يحتاج تكاتف من أجل تنفيذه لمواجهة ما يقع على كاهل المجتمع من أعباء مثل هذه الممارسات.