اليمن تشارك بتقرير الظل في الدورة الـ80 للجنة سيداو

تجدد مستمر وثبات ملحوظ تشهده الحركة النسوية في اليمن تجاه كل المتغيرات التي أفرزتها الحرب والتي ساهمت في تلاشي الكثير من المكاسب الحقوقية التي حققتها النساء خلال سنوات النضال الممتدة لما يزيد عن ثلاثة عقود ماضية

نور سريب
اليمن ـ .
مع دخول الحرب عامها السابع أصبحت مشاكل البلاد متعددة وتقلصت الفرص المتاحة للنساء، إلا أن هذا لم يحبط من عزيمتهن واستمرين بطرق كل الأبواب لإيصال مطالبهن وعرض ما تعانين منه بسبب الحرب وعدم العمل بموجب الاتفاقيات والقرارات الدولية التي صادقت عليها البلاد.
تمكنت النساء من الحضور بقوة بعد مشاركة 61 مؤسسة ومنظمة غير حكومية تترأسها النساء من مختلف المحافظات اليمنية، في إعداد تقرير ظل حول مستوى تنفيذ اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" في اليمن لتقديمه إلى الدورة 80 للجنة سيداو، بعد تلقيهم دعوة من رئيسة منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان أمل الباشا.
وعقب جلسات عمل مشتركة متعددة تم اعتماد التقرير من قبل جميع المنظمات غير الحكومية الواردة أسمائها في القائمة التي ضمها التقرير في نهايته، وقد تضمن التقرير العديد من الجوانب التي ترتبط بحياة النساء في اليمن وطرح جوانب التقصير والتهميش الذي طال النساء بجمع الوثائق منذ عام 2008 وحتى 2020.
وفي تصريح لوكالتنا قالت رئيسة منتدى الشقائق أمل الباشا عن تقرير الظل أنه "نتاج جهد نسوي طوعي استمر لشهور... هنا تجمعت أصوات اليمنيات الرافضات للإقصاء والتهميش والحط من كرامتهن وإنسانيتهن، نساء اليمن مواطنات ولهن كل الحقوق وفقاً للدستور ونتائج الحوار الوطني الشامل الذي أنصف النساء، ومع ذلك من يتصفح التقرير يشعر بالفاجعة والحزن والغصة للتقلص الحاد في حقوق النساء والغياب المخيف لحمايتهن من جميع أشكال العنف".
 
احصائيات الانتهاكات 
وتطرق التقرير لذكر العديد من الانتهاكات وعلى رأسها انتشار زواج القاصرات والزواج القسري وجرائم الشرف وختان الإناث تحت مسوغات ثقافية ودينية عديدة ولا توجد حماية قانونية للضحايا.
واعتبر التقرير زواج القاصرات من أخطر الممارسات الضارة، فقد بلغت نسبة الفتيات اللواتي تزوجن قبل سن الـ 15 عاماً 9%، فيما بلغت نسبة الفتيات اللواتي تزوجن قبل سن 18 عاماً 32%.
وقد ارتفعت نسبة زواج القاصرات بالدرجة الأولى في المناطق التي تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين/ات مثل محافظة الحديدة وحجة وإب، فقد بلغ عدد من تزوجن قبل سن الـ 18 حوالي 72.5%، واللواتي تزوجن قبل سن 15 عاماً 44.5%، وأشار التقرير إلى أن الختان والزواج المبكر ظهرا كآليات دفاعية للحماية في الصراعات المسلحة.
واستنكر التقرير الجرائم التي تزهق أرواح النساء تحت مسمى "جرائم الشرف" حيث يكون القتل من قبل الزوج والأب والأبناء دون حماية قانونية، مشيراً إلى أن التمييز واضح في التعاطي القانوني مع القتلة الرجال عندما يتم تخفيف العقوبة إلى سجن لمدة عام كحد أقصى أو فرض غرامة مالية.
كما سلط التقرير الضوء على العنف ضد النساء في مختلف مناطق الصراع الدائر في اليمن، حيث تعاني النساء العاملات في مجال الإعلام والدفاع عن حقوق الإنسان والناشطات السياسيات من حملات التشهير والقذف والتحريض، كما أشار لأحد أشكال التمييز التي نالت من النساء المهمشات مشيراً إلى عدم وجود مشاركة من المهمشات في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
 
توصيات هامة في التقرير
وقالت الصحفية عهد ياسين "تسعى النساء لإيصال أصواتهن رغم التحديات الكبيرة التي تواجههن وأكبرها هي الحرب، وعملت بجهد لكي تصل أصواتهن من خلال تقديم تقرير الظل لهذا العام والذي رصدت فيه مجموعة من التحديات والتوصيات التي تساهم في معالجة قضايا النساء خلال هذه الفترة الحرجة والصعبة التي تعصف ببلادنا".
وقد رفع التقرير الذي أعدته نخبة من النساء اليمنيات، جملة من التوصيات كان أبرزها المطالبة بإصدار قانون لحماية النساء والفتيات من كافة أشكال العنف وخاصة العنف الأسري، والعنف في النزاعات المسلحة.
كما أوصى التقرير بتعديل قانون الجرائم والعقوبات، وإلغاء المادة (232) المتعلقة بجرائم الشرف وسن عقوبات مشددة على مرتكبيها، وإنشاء محاكم خاصة بالأسرة للفصل في النزاعات الأسرية، وإلغاء جميع النصوص التمييزية ضد النساء في جميع القوانين وتشريعات الأحوال الشخصية والجنسية والجرائم والعقوبات والإثبات وموائمتها باتفاقية سيداو مع إصدار لوائح تنفيذية لها. 
وفي إطار تمكين النساء سياسياً وإشراكها في صناعة القرار أوصى التقرير باعتماد مبدأ الكوتا النسائية بنسبة لا تقل عن 30% في النظام الانتخابي وفي مجلس الشورى واللجنة الانتخابية التزاماً بمخرجات الحوار الوطني، والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد مرشحات الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية.
والجدير ذكره أن اليمن كانت من بين أولى الدول التي وقعت وصادقت على اتفاقية سيداو المناهضة لجميع أشكال التمييز ضد المرأة، من خلال انضمام اليمن الجنوبي للاتفاقية في 18 شباط/فبراير 1979 ومصادقته عليها في 30 أيار/مايو 1984، وما أن توحدت الجمهوريتين أصبحت اليمن ملتزمة بكل الاتفاقيات الموقعة في السابق.