المغرب... تحديات تحول دون مشاركة النساء في مراكز القيادة

أكدت الناشطة فاطنة أفيد أن النساء في المغرب تنخرطن كعدد بقوة في التنظيمات النقابية، لكن هذا الحضور لا يوازيه الحضور القيادي.

حنان حارت

المغرب ـ تواجه النساء العاملات في النقابات عدة تحديات ومعوقات أبرزها التمثيلية المحدودة في القيادة واللجان النقابية، فضلاً عن تعرضهن لضغوطات ثقافية تحول دون مشاركتهن بحرية في النقابات العمالية.

اعتبرت النقابية والناشطة الحقوقية فاطنة أفيد في حوار مع وكالتنا، أن عدم وجود تمثيلية نسائية قوية في مراكز القيادة على أرض الواقع؛ يعتبر نتيجة للتحيز الجنسي والتمييز الذي تواجهه النساء في بعض المجتمعات.

 

كيف تقيمين حضور النساء في النقابات العمالية؟

بصفتي نقابية ولأكثر من 33 عاماً، لاحظت أن الحضور النسائي لازال ضعيفاً رغم بعض التحولات التي حدثت؛ فقد سجلت في العشر سنوات الأخيرة أن هناك التحاقات نسائية كثيرة بالنقابات فهن تنخرطن كعدد بقوة في التنظيمات النقابية كالتعليم والصحة والنسيج والفلاحة، لكن هذا الحضور العددي لا يوازيه الحضور القيادي، فهن تنخرطن ولا تتحملن كثيراً مسؤوليات قيادية في المكاتب التنفيذية أو الجهوية أو المحلية، وحتى الترشيح لمسؤوليات تمثيلية العمال والموظفين في البرلمان أو اللجان الثنائية أو كمندوبات للعمال يبقى ضعيفاً، كما أن حضورهن في لجان التفاوض في الحوار الاجتماعي المركزي ضئيل وكذلك الحال في المفاوضات الجماعية القطاعية.

 

هل تتيح النقابات العمالية الفرصة للنساء العاملات للمشاركة في العمل النقابي؟

نعم، يمكن القول إن النقابات العمالية تتيح الفرصة للنساء العاملات للمشاركة في العمل النقابي لأنه من مبادئ كافة النقابات تعزيز المساواة بين الجنسين وضمان حقوق العاملات، بما في ذلك حقهن في الانضمام إلى النقابات والمشاركة في أنشطتها.

فالنقابات تمثل العمال والعاملات على حد سواء، وتسعى إلى تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية للعاملات وتحسين ظروف عملهن. وبالتالي، نجد أن هناك تشجيع كبير لكي تنخرط النساء بالمشاركة في مواقع صنع القرار وتطوير السياسات النقابية.

وعلى الرغم من أن هناك تحديات وتفاوت في مدى تمثيل النساء في القيادات النقابية، إلا أن النقابات في المغرب بشكل عام تهتم بتعزيز حضور النساء وتمكينهن من المشاركة في العمل النقابي واتخاذ القرارات المتعلقة بحقوقهن ومصالحهن في مجال العمل، فالفرص موجودة وعلى النساء اقتناصها وتحضير أنفسهن للمنافسة والنضال من أجل أخذ مكانتهن في النقابة.

 

ما هي التحديات والإشكاليات التي تواجه النسا في العمل النقابي؟

تواجه النساء في العمل النقابي عدة تحديات وإشكاليات، ومن أبرزها التمثيلية المحدودة في القيادة فهناك نقص في التمثيل النسائي في المناصب القيادية واللجان النقابية. قد تتراجع فرص النساء في الوصول إلى مناصب قيادية مهمة، وتواجهن صعوبة في الحصول على فرص العمل النقابي والمشاركة فيها بسبب التحيزات الجنسية وعدم المساواة في الفرص، وقد يتعذر عليهن الحصول على المعلومات والموارد اللازمة للانخراط بشكل فعال في النقابات العمالية، وهو ما سيؤثر على قدرتهن على المساهمة في صنع القرارات.

كما تواجه النساء عموماً ضغوطاً وتحديات ثقافية تحول دون مشاركتهن بحرية في النقابات العمالية، وتتضمن هذه التحديات التصورات التقليدية لدور المرأة وتوقعات المجتمع بشأنها.

وتعاني الكثير من العاملات من الأمية مما يؤثر على وعيهن بحقوقهن النقابية ودورهن في العمل النقابي، ويمكن أن يكون النقص في التعليم وانتشار الأمية والتوعية بدور العمل النقابي والحقوق النقابية عوامل تحد من مشاركة النساء وتفاعلهن في النقابات العمالية، وقد تتعرض الكثير منهن في بعض الحالات للتمييز والإقصاء في بيئة العمل النقابي، مما يؤثر على قدرتهن على المشاركة بثقة ويزيد من صعوباتهن في التواجد والتفاعل في الحقل النقابي.

 

قيادة النقابات في المغرب تبقى حكراً على الرجال، هل من الصعب وصول المرأة لمراكز المسؤولية في النقابات؟

نعم هو أمر صعب بالنظر إلى المعطيات الموضوعة تاريخياً، فإذا كانت المسؤوليات القيادية منذ تأسيس الحركة النقابية كان فيها الرجال فكيف سيقبلون اليوم تقاسم المسؤولية مع النساء.

ومن المؤكد أن النضال النسائي من داخل الحركات السياسية والجمعوية قد حقق تقدم كبير في ظل تغيير القوانين وإصدار اتفاقيات دولية تتعلق بحقوق النساء، واليوم العالم كله يعي دور النساء ولن يجادل أحد في تواجدها وضرورة تحقيق المساواة، لكن التحديات تبقى مطروحة وتحتاج لتغيير الذهنيات.

لا بد من العمل على جعل المساواة أمر عادي داخل المجتمع وسينعكس هذا على التنظيمات كلها ومن بينها النقابات، كما أن مسؤولية النقابيات مواصلة هذا النضال الطويل لفرض وجودهن في مواقع صنع القرار، فالعوامل الموضوعية هو استمرار الذهنية الذكورية في المجتمع الذي يعتبر أن المكان الطبيعي للنساء هو منازلهن.

كذلك يقع على عاتق الحكومة مسؤولية تفعيل الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أن يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها، فعدم إعمال هذا الفصل يؤخر تمتع النساء بحقوقهن كاملة.

أما العوامل الذاتية فتتعلق بالنساء كذلك؛ لأن التردد والخوف من خوض غمار المنافسة للوصول لمواقع المسؤولية يساهم في عدم وصولهن لمواقع القرار، وبالتالي على النساء أن تتشجعن وتواصلن نضالهن من أجل وصولهن إلى مواقع صنع القرار.

 

هل عدم وصول النساء لمراكز القيادة في النقابات، يمكن اعتباره عنف يمارس بحقهن؟

عدم وصول النساء لمراكز القيادة في النقابات لا يمكن بالضرورة اعتباره عنف يمارس بحقهن، ولكنه يعتبر تمييز وتحدي للمساواة بين الجنسين.

ويمكن تعريف العنف عادة على أنه استخدام القوة أو التهديد وإلحاق الأذى بشخص آخر، وعدم وجود تمثيلية نسائية قوية في مراكز القيادة في النقابات لا يشكل بشكل مباشر استخداماً للقوة أو التهديد بها.

ومع ذلك، يمكن القول إن عدم وجود تمثيلية نسائية قوية في مراكز القيادة قد يعتبر نتيجة للتحيز الجنسي والتمييز الذي تواجهه النساء في بعض المجتمعات. إذا كان هناك عوائق وتحديات تمنع النساء من الوصول إلى المراكز القيادية في النقابات بسبب جنسهن، فإن ذلك يعكس عدم المساواة والظلم الذي تعاني منه النساء.

ويجب التعامل مع هذه القضية من خلال تعزيز الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين وتوفير فرص متساوية للنساء في مختلف مجالات القيادة، بما في ذلك النقابات، والعمل على إزالة العوائق وتغيير الثقافات والممارسات التي تمنع النساء من الوصول إلى المراكز القيادية، وتشجيع التمثيلية النسائية والتنوع في صنع القرارات.