واقع المرأة العراقية بين التحديات والقوانين
تواجه المرأة العراقية تحديات جسيمة منذ عام 2003، إذ تتعرض لضغوط اقتصادية واجتماعية وعنف متصاعد، ما يستدعي تفعيل القوانين وتعزيز الوعي المجتمعي لضمان حمايتها وتمكينها في مختلف المجالات.
رجاء حميد رشيد
العراق ـ تزامناً مع حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، يبرز واقع المرأة العراقية كأحد أكثر الملفات إلحاحاً، وسط تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية تراكمت عبر السنين، ورغم الأصوات المطالِبة بالحماية والسلام، ما تزال الحاجة ملحّة لاتخاذ خطوات عملية تضع حداً لمعاناة النساء وتترجم القوانين إلى واقع ملموس.
أكدت زهرة الجبوري، مديرة القسم الإعلامي في وزارة الثقافة والسياحة والآثار ورئيسة رابطة المرأة الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين، أن الدول على اختلاف أوضاعها الاقتصادية، تتعرض نساؤها لأعلى مستويات التأثير في الظروف الاستثنائية مثل الحروب وداعش.
تفعيل القانون
وشددت زهرة الجبوري على أهمية تفعيل القوانين الخاصة بحماية المرأة، مشيرة إلى أن حضور المرأة في البرلمان العراقي وفي لجان ضمان المرأة والطفولة لم يرتقِ إلى الدور المطلوب. مبينة أنه لم يُسجَّل على أرض الواقع دور ملموس لعضوات البرلمان في خدمة شريحة النساء، رغم أن الواجب يقتضي أن تكنّ الصوت المدافع عن حقوق المرأة العراقية. معربة عن أسفها لعدم تفعيل هذه القوانين وعدم أخذها المسار الحقيقي الذي يخدم المرأة والمجتمع على حد سواء.
وفيما يتعلق بدور منظمات المجتمع المدني، أوضحت أن بعض هذه المنظمات، رغم عملها التطوعي، تحولت في بعض الأحيان إلى أدوات لخدمة مصالح شخصية، مستغلةً هشاشة وضع المرأة العراقية، بدل أن تسهم في تمكينها وتطوير وعيها وقدراتها.
وشددت أيضاً على أهمية تعزيز الوعي الحقيقي لمواجهة ظاهرة العنف، مؤكدة أن الاكتفاء بعقد الندوات والورش لا يكفي ما لم يقترن بخطوات عملية ملموسة على أرض الواقع، موضحة أن العديد من قضايا العنف والاغتصاب ما زالت دون معالجة جدية، ومنها قضية الدكتورة بان والدكتورة سارة في البصرة، حيث لم تُتخذ بشأنهما إجراءات حاسمة.
وبيّنت أن تجاهل هذه الملفات وإبقائها في دائرة النسيان يسهم في تكرار الانتهاكات والجرائم ضد النساء، مشيرة إلى أن الحل يكمن في إجراءات واقعية لا في الاكتفاء بإحياء يوم دولي أو تنظيم فعاليات شكلية، مطالبة بأن يكون كل يوم مناسبة لمناهضة العنف ضد المرأة، تقديراً لدورها الكبير في المجتمع العراقي، إذ تحملت مسؤوليات مضاعفة سواء كأم أو زوجة أو أخت، أو كعاملة في مختلف المهن من قيادة سيارات الأجرة إلى المصانع والأسواق والمخابز.
مسؤولية مجتمعية
وفي إطار تعزيز دور المرأة في المجتمع، شددت على ضرورة إلغاء الصورة النمطية والسلبية التي تُقدم عن المرأة في الإنتاج الدرامي والإعلامي، وأن هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الثقافة، ولا سيما دائرة السينما والمسرح.
ودعت إلى إنتاج أعمال تُبرز صورة المرأة العراقية الناجحة التي تساهم في بناء مجتمعها، إلى جانب تقديم نماذج أسرية إيجابية قائمة على الاحترام والمحبة، كما حثت على استثمار الشاشات الإعلانية في الساحات العامة والمتنزهات لإبراز دور المرأة في الحياة العامة.
وأكدت رئيسة رابطة المرأة الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين زهرة الجبوري ضرورة توجيه خطاب التوعية إلى الرجل، قائلة إن آثار العنف تنعكس عليه مباشرة، وأن بناء علاقة قائمة على الاحترام والدعم للمرأة يعزز الاستقرار الأسري والمجتمعي.
تحديات وحلول
من جانبها، أشارت الإعلامية آلاء الموسوي، إلى أنه رغم قوة النساء العراقيات ودورهن البارز في المجتمع، ما زالت الكثير منهن يواجهن تحديات صعبة تعيق تحقيق طموحاتهن.
وأوضحت أن من أبرز هذه التحديات العنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي يتجلى بصور متعددة مثل العنف الأسري، الزواج المبكر، الحرمان من التعليم، إضافة إلى التضييق على مشاركتهن الاقتصادية والسياسية، كما تعاني بعض النساء من الأعراف الاجتماعية التمييزية، وضعف الحماية القانونية، وقلة الوعي المجتمعي بحقوقهن، مبينة أن هذه التحديات لا تنعكس على المرأة فحسب، بل تمتد آثارها لتشمل الأسرة والمجتمع ومستقبل العراق بأكمله.
وترى أن التغيير ممكن، ويبدأ من تعزيز الوعي بحقوق المرأة داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع، ودعم التشريعات التي توفر لها الحماية من العنف، وتهيئة بيئة آمنة تساعدها على التعليم والعمل والمشاركة في صنع القرار، كما يعد دعم المنظمات العاملة في مجال حماية المرأة وتمكينها خطوة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها.
وفي إطار حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، دعت آلاء الموسوي إلى موقف موحّد لرفض جميع أشكال العنف، واحترام كرامة المرأة، وتمكينها لتكون شريكاً كاملاً في بناء عراق قوي وعادل لأن تمكين المرأة هو تمكين للمجتمع كله.