السلطات الإيرانية تفتعل الحرائق لتدمير البيئة والتنوع البيولوجي

الناشطة البيئية جلالة محمدي تقول عن حرائق غابات زاغروس "إن جميع أعمال التدمير التي تتم بدوافع اقتصادية وسياسية وأمنية تسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه للبيئة وسكان هذه المناطق".

جينو دوخشان

سنه ـ يعد تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وجفاف الغطاء النباتي للغابات حول العالم من بين الأشياء التي تسبب حرائق واسعة النطاق.

في السنوات الأخيرة، شهدت غابات زاغروس، شرق كردستان تغيرات تلاها حرائق عديدة واسعة النطاق، مما أدى إلى تدمير الموارد الطبيعية والبيئة ونظامها، والمنتجات الزراعية والغابات ومناطق الترفيه والمراعي وغيرها، وبذلك أدت إلى تسريع عملية التصحر، واليوم تزايدت حرائق الغابات، التي كانت تعتبر في السابق أحداثاً طبيعية متفرقة، سواء من حيث التكرار أو النطاق.

يمكن لعدة عوامل مثل حرارة الهواء وتراكم وتخمر الأوراق الجافة للأشجار تليها الرياح القوية، والحيوانات التي تأكل البراعم الجديدة للأشجار لتخرجها من دورة الحياة، وقطع الأشجار لتوفير الوقود، أن تكون أهم العوامل المسببة للحرائق في الغابات.

لكن في شرق كردستان، على الرغم من كونها واحدة من المناطق النادرة هطول الأمطار والرطوبة، وفقاً للأدلة وحوادث مكافحة الحرائق، فإن الحكومة نفسها تلعب دوراً كبير في تدمير البيئة، من اعتقال ومعاقبة أو حتى تحديد هوية مرتكبي تدمير الطبيعة، وكما هو واضح، فإن معظم الحرائق كانت تحدث دائماً في غابات إيلام وأورمية وسنه وكرماشان.

 

"الحكومة تمنع مكافحة الحرائق من قبل المجتمع المدني"

في البداية، أشارت الناشطة البيئية جلالة محمدي إلى أن هذه الحرائق متعمدة في جبال زاغروس، "بحسب التقارير، تم تسجيل 233 حريقاً في محافظة سنه منذ بداية العام الجاري، وأحرقت 3 آلاف و167 هكتاراً من المراعي والغابات، وجميع أعمال التدمير التي تتم بدوافع اقتصادية وسياسية وأمنية تتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها على البيئة وسكان هذه المناطق.

وأضافت "في كل عام، ومع نهاية موسم الحصاد خاصة القمح نشهد حرق مخلفات المنتجات الزراعية بشكل متعمد، مما يؤدي إلى حدوث التلوث البيئي، وفي بعض الأحيان يصل هذا الحريق إلى الحقول الزراعية المجاورة ويؤدي إلى حريق كبير، لكن في بعض الحالات، تتم هذه الحرائق عمداً، وفي بعض المناطق الحدودية، يقوم عناصر الحرس الثوري وقوات الأمن التابعة للحكومة الإيرانية بإشعال النار في غابات ومراعي هذه المنطقة بحجة انها تسبب انعدام السيطرة والرؤية".

وعن موقف الحكومة من هذه الحرائق قالت جلالة محمدي "حالياً، يعد المواطنون المحليون والمنظمات غير الحكومية هم الموارد البشرية الوحيدة التي يمكنها احتواء الحرائق والسيطرة عليها في غابات شرق كردستان، وقد منعت الحكومة الجمعيات الشعبية من السيطرة على هذه الحرائق".

وأضافت أن "العديد من المتطوعين/ات فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم السيطرة على حرائق الغابات بسبب عدم توفر المرافق الكافية وخاصة في كرمنشان ومريوان

وقالت "مؤخراً، بعد مراسم تشييع جنازة الناشط البيئي إسماعيل كريمي الذي أصيب بحروق شديدة وتوفي أثناء محاولته السيطرة على الحريق في مراعي كانيجيشي في كامياران، اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 10 نشطاء بيئيين، بينهم امرأة، في مدينة كامياران".

وعن رأي السلطات بنشاط البيئيين والأهالي قالت "بعد السيطرة على الحريق، عادة ما تقدر الحكومات قوى الشعب، لكن الحكومة الإيرانية تختلف عن غيرها من الدول، وبدلاً من أن تقدر جهودهم، تقوم باعتقالهم ومعاقبتهم".

 

"الغابات هي أحد العناصر البيئية في كل بلد"

عن أهمية البيئة والغابات تقول جلالة محمدي "تعتبر الغابات أحد العناصر البيئية في أي بلد، فهي ليست فقط منبع إنتاج الأكسجين، بل إنها تتحكم في درجة حرارة البيئة الطبيعية وتعدل الطقس، بالإضافة إلى أن الغابات هي أهم العوامل التي تمنع حدوث الفيضانات في المدن أثناء هطول الأمطار الغزيرة، وتمتص الغبار الناعم، ولها العديد من الفوائد البيئية الأخرى".

وذكرت أن عدة عوامل تلعب دوراً في زيادة حرائق الغابات في إيران، بما في ذلك الأنشطة البشرية، وتغير استخدام الأراضي، والممارسات الزراعية غير القانونية، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، والجفاف طويل الأمد، وتغير المناخ، وعدم كفاءة ولامبالاة النظام الحاكم لقضايا البيئة ونقص معدات مكافحة الحرائق مثل طائرات الهليكوبتر لإلقاء المياه، مضيفةً "التحول غير القانوني في استخدام الأراضي الحراجية إلى الأراضي الزراعية والسكنية يتسبب في تدمير الغطاء النباتي".

وقالت إن بعض المزارعين قاموا بإشعال الحرائق في الغابات بشكل غير قانوني لزيادة مساحة الأراضي الزراعية، حيث يمكن أن تؤدي هذه الإجراءات إلى انتشار الحرائق وتدمير الغابات على نطاق واسع.

 

"هذه الحرائق تدمر النظم البيئية"

عن تأثر النظام البيئي بالحرائق قالت جلالة محمدي إن "الحرائق تؤدي بدورها إلى المزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة معدل تغير المناخ، وتصبح المناطق الجافة أكثر عرضة للحرائق حيث تنخفض رطوبة التربة والنباتات بشكل كبير، بينما تشهد المناطق ذات الأمطار الغزيرة أولاً نمو النباتات التي تتحول إلى وقود جاف خلال فترات الجفاف".

وأضافت أن "حدوث المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والبرق يؤدي إلى زيادة احتمالية نشوب حرائق الغابات، وتدمر هذه الحرائق الموائل وتؤدي إلى نفوق الحيوانات وفقدان التنوع البيولوجي، كما تواجه الأنواع المهددة بالانقراض خطراً أكبر بالانقراض حيث يتم تدمير موائلها، إلى جانب تدمير الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي والنظم البيئية، وتخلق مشاكل بيئية وصحية للمجتمعات المحلية، كما يؤدي تلوث الهواء وتدمير الغطاء النباتي إلى تفاقم تغير المناخ ويهدد سبل عيش الأشخاص الذين يعتمدون على الغابات".